#ثقافة وفنون
عبدالرحمن الحميري 25 سبتمبر 2019
في أحد المقالات السابقة قلت إنني متحمس لمشاهدة الجزء الثاني من فيلم الرعب It، وذلك بعد أن أُعجبت كثيراً بإعلانه الدعائي، ورجوت ألا يكون فخاً مثل الجزء الأول، حتى لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين. حسناً، أبشّركم: لُدغت من جُحر مرتين، فإما أن يُراجع صانعو الفيلم أنفسهم، أو أن أُراجع إيماني! أعتقد أن الأمر بدأ يتحول إلى ظاهرة تستحق الدراسة أكثر من كونه مجرد مسألة اختلاف أذواق، فأنا لم أفهم كيف تصدّر الجزء الأول قائمة أفلام الرعب الأعلى تحقيقاً للإيرادات في التاريخ، وكيف أنّ الجزء الثاني ما زال يحقّق إيرادات وتقييمات عالية. البعض ممن يتفق معي حول عيوب الفيلم يُرجع أسباب نجاحه منقطع النظير إلى شعبية الرواية وكاتبها الشهير ستيفن كينق الذي ظهر في مشهد قصير في الفيلم، لكن حين يأتي الأمر إلى السينما فأنا متأكد بأن هؤلاء المهووسين بـIt يرون شيئاً لا نراه! فهناك الكثير من المشاهد التي تُقدَّم بصفتها مرعبة، لكنها تبدو سخيفة إلى أقصى حد، ولو جئت بشخص عشوائي لا يعرف الفيلم ولا الرواية وجعلته يشاهدها، فالأرجح أنه سيضحك هازئاً وسيطالبك بتعويض عن وقته المهدور.
حادث طارئ
تبدأ أحداث It: Chapter 2 بعد مرور 27 عاماً على أحداث الجزء الأول. يتلقّى أفراد مجموعة (الخاسرون) مكالمة من مسقط رأسهم (ديري) البلدة التي شهدت صراعهم مع المخلوق (بينيويز) في الماضي ليُطلَب منهم العودة بسبب حادث طارئ. يلتقي الأصدقاء مجدداً بعد أن كبروا، ودعوني أُثني هنا على الاختيار الرائع والدقيق للممثلين في هذه المرحلة العمرية، إذ إنهم يشبهون إلى حد مذهل شخصياتهم في الطفولة، وكأن صانعي الفيلم انتظروهم في الحقيقة إلى أن كبروا. تكتشف المجموعة أن المخلوق المرعب قد عاد، وأنه ينتظرهم لينال انتقامه، ويذكّرون بعضهم بعضاً بأنهم تعاهدوا على العودة لمواجهته إن عاد، فيخططون هذه المرة للقضاء عليه إلى الأبد.
مشاهد مرعبة
لعلّ المتعصبين للفيلم سيرغبون في سلخ جلدي حياً بعد قراءة هذا المقال، إن لم يكونوا قد توقفوا عن القراءة أصلاً بعد أول فقرة، لكننا في عام التسامح، فأرجو أن يتحملوني ويمنحوني الفرصة لتوضيح وجهة نظري. المحزن في الأمر أن الفيلم فيه بعض نقاط القوة التي تدلّ على حس فني رفيع، ومن يلاحظها يدرك أن ثمة إمكانات ومواد خام تصلح لصناعة عمل متفرد، لكن سلبيات الفيلم غلبت إيجابياته وشوّهت الصورة الكاملة، ولذا فإن فيلم It هو خير مثال على سوء استغلال الموارد. ثمة بعض المشاهد المرعبة حقاً في الفيلم، وأبرزها المشهد في بيت العجوز، وهو الذي ظهر في الإعلان الدعائي، ويا ليته كان فيلماً قصيراً مكوناً من هذا المشهد فقط، فالعيب الأبرز في سلسلة It هو الحشو والتمطيط، إذ كانت مدة الجزء الأول ساعتين وربعاً، في حين بلغت مدة الجزء الثاني ساعتين وخمسين دقيقة! وأكاد أجزم أننا لو حذفنا من هذا الجزء ساعة كاملة لما تأثر كثيراً ولبدا أفضل حالاً بكثير.
أفلام مبنية على وحوش
ثم ما هذه الوحوش السخيفة التي تظهر كل خمس دقائق في الفيلم؟! حشرة بوجه رضيع يبكي ومومياءات وهيكل عظمي يقود سيارة! أعتقد أننا تجاوزنا منذ مدة طويلة أفلام الرعب المبنية على وحوش أشبه بأزياء تنكرية رديئة في الهالوين. البعض يقول الرواية مختلفة، وأنت لن تعيش أجواء الفيلم إلا بعد قراءة الرواية، وأقول لهم ما دام الكتاب قد تحوّل إلى فيلم فيجب أن يُحكم عليه بصفته فيلماً لا أكثر، وبمعزل عن أي ارتباطات أو خلفيات سابقة أو لاحقة، إلا لو كانوا يوزعون الرواية مجاناً مع كل تذكرة للفيلم، ويشترطون علينا قراءتها قبل المشاهدة!