أشرف العسال 26 مارس 2012
قضية اليوم للزوجة و الأم "صفية" و الزوج "عبد الله". دخلت صفية المجلس وهي تمسح دموعها ودخل هو والضحكة على وجهه فتبين لي منذ البداية مدى الصبر والمعاناة التي تعيشها تلك الأم والزوجة سألتها :
- ما قصتك ولم تطلبين الطلاق بعد 30 سنة زواج؟
فإذا بالزوج يقاطعني ويقول أنا صاحب الطلب أتكلم أولاً. فقلت له: تفضل ، قال: أنا اطالب بخروج ابنتي المتزوجة من البيت و ممنوع تخرج زوجتي بدون إذني أو أن تزور أحداً أبدا و لا أحد يزورها . فسألنا الزوجة عن حاله معه ؟
قالت : لقد عشت معه صابرة محتسبة على الله أجري في تربية أبنائي كان لا ينفق علي وأنا أدفع من راتبي
مصاريف التعليم و الدروس والملابس. وكل شهر مرة يأتي هو بالقليل من تموين البيت بنسبة بسيطة ورامي الحمل عليه كله ، وعندما يمرض طفل أدور به على المستشفيات وحدي.
كم طفل عندك؟
قالت : 5 ابناء 3 أولاد وبنتين ، البنت الكبيرة تشتغل الآن عمرها 25 سنة وتعطي ابوها الذي لم ينفق عليها عارف ليه؟
قلت : ليه؟
قالت : لأني علمتها البر بأبيها حتى وإن كان مقصراً وعلمت إخواتها أن يدعو لأبيهم بالهداية وصلاح الحال و كنت أخرجهم لصلاة الجمعة منذ صغرهم وهو نائم بالبيت لا حول ولا قوة إلا بالله.
قلت لها : ألا يصلي الجمعة ؟
قالت : كل الفروض ما يصليها لكني احتويت أولادي وربيتهم رغم جو الخيانات والشرب والسهر والبيات بره من طرف الأب.
قال الأب : أنت كذابة وإذا بالبنت الكبرى تتدخل : يا أبي هو السيارة اللي معاك الحين مين اللي جابها ؟
قال : إنتِ
قالت الابنة البارة : هو ده اللي علمته لنا أمي أن نبرك ونعطيك حتى لو قصرت فينا.
وتابعت الأم بعدما سألناها: ولماذا لم تطلبي الطلاق من زمان إذا كان لا نفقة ولا مسئولية ولا تقدير ولا عناية بالأولاد.
ردت الأم والزوجة برد أبكاني بالجلسة: "ما حبيت أجرح شعور أولادي ولو أنا انجرح طول العمر. الأم اللي سهرت طول السنين من مرض لمذاكرة لذهاب للمدارس وأنا مثل ظلهم وحواليهم هي الأم اللي سلمت أمرها لله ورضيت بالابتلاء في أبو عيالها. يا سيدي أنا كنت صديقة لبناتي حتى أولادي الشباب ما يسأل عنهم ما يطمن على صحتهم ولا مدارسهم، من منا تصبر قدرما صبرت أنا ؟ لقد كنت أناجي ربي يوريني الخير كله في عيالي".
سألتها: ألم تشتكي لأحد مشاكلك؟
قالت : "أبدا واسأله عمري ما طلعت سر بيتي بره ولما كان يرجع سكران كنت اتسحب بالليل وأشيله وأدخله غرفته وأغير له ملابسه وأمسح مكان ترجيعه بالليل عشان مايحس أولادي. وبعد ما ينام أدخل اتوضأ وأصلي الفجر وادعي ربي ان اولادي لا يشوفونه في هذه الحالة حاولت معاه بس ما قدرت على شيطانه وبإخلاصي ربنا وراني في أولادي كل خير:البنت الكبري مهندسة شبكات والبنت الثانية في ثالثة كلية طب والولد الأكبر كلية تقنية واخوه الاوسط ثانوية عامة والأخير أول ثانوي والكل متفوقين وشهاداتهم عالية ويصلون ويحفظون القرآن".
قلت لها : وبنتك الكبرى غير الحاضرة معنا قالت نعم همرها 29 سنة متزوجة و هي تعيش معنا بالبيت لأن ظرفها وزوجها المادية ضعيفة فكيف أخرجها من البيت ؟
قلت لها وليش ابوها يريد خروجها ؟
قالت : عشان ما بتعطيه فلوس من شهرين مثل باقي إخواتها وهي معذورة لأن زوجها يمر بظروف صعبة وأنا أساعدهم من معاشي ؟
قلت لها : وهل كنت مع رعايتك للخمس أولاد تعملين ؟
قالت : نعم كنت أم عاملة وصرفت وربيت و كبرت و صبرت على زوجي فليتق الله في وفي أولاده وبنته الكبيرة .
وهنا توجهنا للزوج بالنصح أن يتقي الله في أولاده وبدل أن يهدم فليبني. وكفاها سنين عمرها التي قضتها أما ترعى وتربي دون تواجد منه.
قال الأب : الحقيقة أنا أعترف بتربيتها وأنا كم أذيتها وصبرت وتحملت كل شئ لكني لي حق على أولادي.
قلت له : الحق عندما تكون ظروف ابنتك تسمح باعطائك لكن مش بالإجبار وظروفها تعبانة.
قال الأب : كلامك صح و أنا أستسمح أم أولادي و بحاول أروح العمرة وأشوف الكعبة اللي عمري ما شوفتها.
قلت : عمرك ما رحت العمرة ؟
قال : لا عمري وأنا معترف بأخطائي وصدقني يا سيدي بعد نصائحكم و توجيهكم أنا بقول كلمة يمكن ربنا يغفر لي بسببها؛ فزوجتي تستحق أن تكون الأم والزوجة المثالية فكم سنة صابرة على تربية أولادي. وأنا بتشرف بيهم أمام كا الناس كانت أم وصديقة وحتى بر بأهلي وأمي و ربت كمان ابني من طليقتي الأولى اللي تركته حتى صار موظف بمنصب مرموق و هي صاحبة دين وخلق و تستحق بأن تكون أحسن أم .
وفجأة قام وقبل رأسها و خرجا من عندنا والسكينة والهدوء يعمان الجميع.