#منوعات
رحاب الشيخ الإثنين 22 مايو 2023 09:30
حملت العالمة الإماراتية، الدكتورة مريم مطر، على عاتقها حلم حماية البشرية من مخاطر الأمراض الجينية؛ فدرست واجتهدت، ووصلت الليل بالنهار؛ حتى بدأت ترى حلمها يتحقق على أرض الواقع، بعد أن استطاعت أن تصبح أحد مؤسسي مركز الشيخ زايد للأبحاث الجينية في الإمارات، ليصبح المركز منبراً لها كي تنشر الوعي ضد مخاطر الأمراض الجينية، خاصة مرض الثلاسيميا، وضرورة إجراء الفحوص قبل الزواج.
تم تصنيف الدكتورة مريم في لائحة أكثر 20 امرأة تأثيراً في مجال العلوم بالعالم الإسلامي، بسبب إنجازاتها العديدة المهمة في مجال العلوم، كما أنها أول إماراتية تتولى مهام وكيل وزارة الصحة عام 2006.
وهي الممثل العربي الوحيد في اللجنة الدولية للاضطرابات الجينية النادرة، وعضو في أكثر من خمسة مجالس استشارية علمية دولية للاضطرابات الجينية والخلايا الجذعية.
أسست مطر جمعيتين أهليتين غير ربحيتين، هما: «جمعية الإمارات لمتلازمة داون»، و«جمعية الإمارات للأمراض الجينية»، تقدمان الرعاية والخدمات إلى مجموعة كبيرة من العائلات، من أكثر من 17 جنسية، واهتمت بإطلاق عدد من البرامج الاجتماعية، وحملات التوعية، مثل حملة «إماراتنا خالية من الثلاسيميا» عام 2012.
«زهرة الخليج» التقت الدكتورة مريم مطر؛ بمناسبة احتفاء العالم باليوم العالمي للثلاسيميا، الذي يوافق 8 مايو سنوياً؛ بهدف إحياء ذكرى مرضى الثلاسيميا الذين توفوا جراء المرض، وتشجيع الذين لايزالون على قيد الحياة، ويصارعونه يومياً؛ فكان الحوار التالي:
• ما مرض الثلاسيميا؟
- الثلاسيميا هو اضطراب دم وراثي، يؤدي إلى انخفاض نسبة الهيموغلوبين في الجسم عن المعدل الطبيعي، ويُمكِّن الهيموغلوبين خلايا الدم الحمراء من حمل الأكسجين، وقد تسبب الثلاسيميا فقر الدم.
• هل يصاب جميع أفراد العائلة بالثلاسيميا؛ إذا كان أحد الوالدين مصاباً؟
- ينقسم مرض الثلاسيميا إلى أنواع، أهمها: ألفا، وبيتا؛ اعتماداً على موقع الخلل، وتنتقل الثلاسيميا بالوراثة، فإذا كان أحد الوالدين حاملاً للمرض أو مصاباً به، فمن الممكن أن ينتقل إلى بعض الأبناء بصورته البسيطة (أي يصبحون حاملين للمرض). أما إذا كان كلا الوالدين يحمل المرض أو مصاباً به، فإن هناك احتمالاً بنسبة 25% أن يولد الطفل مصاباً بالمرض، بصورته الشديدة.
• هل المصاب بالثلاسيميا، أو الذي يحمل جين الثلاسيميا، يستطيع الزواج والإنجاب؟
- الشخص المصاب بالثلاسيميا يستطيع الزواج، لكن يفضل الفحص قبل الزواج؛ للتأكد من سلامة وصحة الشريك، وإذا ثبت أنه حامل للجين، فسوف يطلب اتخاذ إجراءات وفحوصات أخرى قبل الحمل، وأثناءه؛ للتأكد من سلامة المولود، ويفضل إذا رغب مريض الثلاسيميا، أو حامل الثلاسيميا، في الإنجاب أن يتحدث مع استشاري وراثي للحصول على المشورة، لاسيما أنه يوجد شكل من أشكال التشخيص باستخدام تقنيات المساعدة على الإنجاب، والذي يفحص الجنين في مراحله المُبكِّرة؛ بحثاً عن الطفرات الوراثية المقترنة بالإخصاب في المختبر، وقد يُساعد هذا الآباء المصابين بالثلاسيميا، أو الآباء الحاملين لجين هيموغلوبين مَعِيب، في الحصول على أجنة سليمة، من خلال استرجاع البويضات الناضجة، وتخصيبها في المعمل، حيث تُختبَر الأجنة بحثاً عن جينات مَعِيبة، والأجنة الخالية من العيوب الوراثية فقط يتمُّ زرعها في الرحم.
الأمراض الوراثية
• تشكل الأمراض الوراثية خطراً هائلاً على نمو وتطور المجتمع.. كيف تكون الوقاية من مرض الثلاسيميا؟
- بالتأكيد، إن زيادة حالات الثلاسيميا تؤثر في اقتصاد الدول؛ نظراً لارتفاع تكاليف العلاج؛ لذلك من الضروري جداً الوقاية من الثلاسيميا، والحد منه، وإجراء فحوص ما قبل الزواج، وفحوص الحمل، وفحوص الأطفال حديثي الولادة.
• هل مريض الثلاسيميا يمكن شفاؤه؟
- نعم من الممكن شفاء مريض الثلاسيميا، من خلال عملية زراعة نخاع العظام، لكنها عملية تكلف المريض حوالي 300 ألف درهم، مع صعوبة الوصول إلى متبرع متطابق، والأفضل من ذلك، وما ندعو أفراد المجتمع إليه، هو الاحتفاظ بالخلايا الجذعية من غشاء المشيمة والحبل السري عند الولادة؛ لأنها تعتبر طوق النجاة لكل من يعاني مرض الثلاسيميا.
• كيف تثمنين جهود دولة الإمارات في الوقاية والحد من مرض الثلاسيميا؟
- وفرت الدولة برنامجاً متكاملاً لرعاية وعلاج مرضى الثلاسيميا، ما أدى إلى رفع جودة الحياة لدى المصابين، حتى دون زراعة النخاع، وضمان الحد من ولادة أطفال مصابين، من خلال رفع الوعي لدى المجتمع، وإلزامية إجراء فحوص ما قبل الزواج، وفحص المواليد، إضافة إلى توفير التأمين الصحي، الذي يشمل تكاليف العلاج. أيضاً، دولة الإمارات من الدول السباقة في اعتماد الأدوية الحديثة المعتمدة من الدولة الأم التي تصنعها.
• ماذا عن الجمعيات، التي تقوم برعاية مرضى الثلاسيميا؟
- تقوم الجمعيات ذات النفع العام بدور فعال، من خلال تقديم برامج رعاية لمرضى الثلاسيميا، ومن هذه الجمعيات: جمعية الإمارات للثلاسيميا، التي تُعنى برعاية ودعم المرضى وعائلاتهم، وجمعية الإمارات للأمراض الجينية، التي تعنى بالأبحاث العلمية، والمبادرة باقتراح القوانين والتشريعات للوقاية والحد من المرض، حيث أجرت أول مسح جيني لمرض الثلاسيميا على مستوى الدولة عام 2004، لـ11282 إماراتياً وإماراتية، من عمر 12 إلى 24 عاماً على مستوى الدولة، ونتج عن ذلك أن الواقع الإحصائي للحاملين لطفرة الثلاسيميا، هم 2.9% فقط، كما أثرت جهود تلك الجمعيات بالتعاون مع الجهات المختصة الرسمية لإلزامية قانون فحوص ما قبل الزواج لكل المقبلين على الزواج، وليس فقط المستحقين لمنحة صندوق الزواج.
• ما آخر الدراسات التي توصلت إليها الإمارات حول مرض الثلاسيميا؟
- مؤخراً، كانت هناك دراسة بمستشفى برجيل، وهي دراسة سريرية للمرحلة الثالثة، حيث شاركت فيها مجموعة من المتطوعين؛ لتجربة دواء جديد، وهذا الدواء مهم جداً بالنسبة لمرضى الثلاسيميا، وأهمية هذه الدراسة تتلخص في أننا توصلنا إلى معرفة أن كل مجتمع له عوامل خاصة تميزه عن غيره من المجتمعات، مثل الأصول الجينية، وخاصية برمجة الجينات، وبالتالي - على سبيل المثال - أدوية الضغط في السابق كانت تشخص على أساس مؤشرات ضغط الدم، أما اليوم فتوصلنا إلى أن تجارب الإنسان تختلف بحسب اختلاف الأصول الجينية، وبرمجة الجينات، ويمكننا اكتشاف ضغط الدم وعلاجه، من خلال فحص جيني؛ لتحديد العلاج الأنسب.
• هل من كلمة أخيرة؟
- توجت دولة الإمارات، اليوم، بنجاحات واقعية لا مثيل لها؛ للحد من مرض الثلاسيميا، وبالتالي كان لها النصيب الأكبر من الإشادات الدولية على مستوى العالم، فضلاً عن أن تكاتف الجميع من مختلف الجنسيات في التطوع؛ لتوعية أفراد المجتمع؛ للمساهمة في الحد من المرض، خير شاهد ودليل على تفعيل مبادئ التسامح والتعاضد، التي تدل على أن الإمارات وطن الإنسانية أولاً.
أعراض المرض
تظهر على الطفل المصاب أعراض فقر الدم، ابتداء من عمر 3 إلى 6 أشهر، ويعتمد ظهور الأعراض على شدة المرض، كالتالي:
- الحاملون لجين الثلاسيميا (الثلاسيميا الصغرى): غالباً لا تظهر عليهم أي أعراض، لكن أحياناً يظهر عليهم الشحوب، والتعب.
- المصابون بشدة متوسطة (الثلاسيميا الوسطى): قد تظهر عليهم أعراض وعلامات فقر الدم المتوسطة.
- المصابون بشدة خطيرة (الثلاسيميا الكبرى): تظهر عليهم أعراض متنوعة، ومنها:
( مشاكل في النمو، وتأخر البلوغ / اليرقان (اصفرار الجلد، أو بياض العينين) / تضخم الطحال والكبد والكلى وحصى المرارة، ومشاكل في القلب / تشوهات في عظام الوجه، ومشاكل العظام، مثل لين، أو هشاشة العظام / مرض السكر، وخمول الغدة الدرقية).