منتهى الرمحي 7 يونيو 2019
عندما يحذف موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أكثر من ملياري حساب وهمي، خلال ثلاثة أشهر، وهذه بالمناسبة ليست المرة الأولى التي يقوم بها الموقع بالحذف طبعاً، يجعلنا هذا نتوقف لحظة، ونطرح على أنفسنا أسئلة في غاية الأهمية مثل: من الذي يحاول أن يقود تفكيرنا وأحاسيسنا ومشاعرنا وأحياناً كثيرة مصائرنا؟ ومن ذا الذي يتحكم بما علينا معرفته وما ليس من حقنا الاطلاع عليه؟
تصور البعض أن في إمكانه أن يكتب ما يشاء ويروج لما يشاء بلا حسيب أو رقيب على وسائل التواصل، من دون أن يكتشف أن ما يمنعه عن هذا الانطلاق أكبر من الضوابط الاجتماعية والقانونية، وأن ما كان يفكر بأنه فضاء مفتوح له لا يتعدى كونه مجرد خيالات لراغب في الحرية ومتعطش لها أو راغب على الأقل في التعبير عنها، ومن دون أن يدرك بعد أن هناك قوى بعضها معلن وآخر خفي هي التي ترسم توجهاتنا واهتماماتنا على كل الأصعدة، بدءاً بما يمكن أن يقنعنا كتيار فكري، وصولاً إلى ما يمكن أن يعجبنا أو نفضله على غيره من مشتريات من الحذاء وحتى السيارة وما بينهما.
صحيح أن شركة فيسبوك أوضحت أن ما تم حذفه حسابات تنتجها أجهزة الكمبيوتر لنشر رسائل غير مرغوب فيها، أو أنباء مزيفة، ومواد مخالفة. إلا أن ذكر رقم مليون ونصف مليون مشاركة، من فئات تروج لمبيعات المخدرات أو السلاح تم إلغاؤها في غضون دقائق من إنشائها، قبل أن يراها أو يبلغ عنها أحد، بحد ذاته مخيف ومرعب. فالمسألة قد يكون ظاهرها تجارياً واقتصادياً بحتاً إلا أن باطنها يدعو للقلق. فأي أجهزة خلف المحاولات الحثيثة لاختراق العقول؟ من هو المايسترو؟ وما الذي يريد الوصول إليه؟ أتصور أنها أسئلة مشروعة، وإجاباتها ليست في متناول أيدينا حتى الآن.