د. سعاد محمد المرزوقي 13 يونيو 2019
طلبت منه أمه أن يأتي بكتاب الرياضيات، لمعرفة الخطأ الذي وقع به في حل إحدى المسائل الرياضية، والتي تسببت بمشكلة حوار بينه وبين مدرِّسة الرياضيات التي اشتكته لأمه. جاء بالكتاب وفي يده ورقة وقلم، وطلب من أمه أن تهدأ قليلاً ليستطيع إقناعها بأنه لم يُخطئ، وسألها سؤالاً: ما الإجابة الصحيحة التي أعطتك إياها معلمتي لحل المسألة؟ فأعطته الإجابة، ومن ثم بدأ بخطوات حل المسألة وهو يشرح لوالدته ويكشف لها الورقة، وفي النهاية وصل إلى حل المسألة وكانت الإجابة مطابقة لإجابة المدرِّسة، هنا قالت الأم قد تكون وضعت الإجابة الخطأ في الفصل. هنا ابتسم «خ» وبشعور الفوز علّق: لا يا أمي هي هي الإجابة نفسها، ولكن الطريقة التي اتَّبعتها مختلفة عن خطوات معلمتي، لهذا هي منفعلة، إنها تريدني أن أتّبع خطواتها نفسها لا غير، وأنا وجدت طريقة أخرى للوصول إلى الناتج نفسه، هنا فوجئت الأم وذُهلت وبقيت صامتة حيث قررت مناقشة المدَّرسة في الغد القريب.
تفكير ناقد
درَّستُ مادة التفكير الناقد لطلبة الجامعة لسنوات عدة، وقد استمتعت وتعلمت الكثير من هذا المساق، إذ كان يركز على كيفية التفكير لا على بماذا نفكر، يساعد الطالب على فهم كيفية الوصول إلى الحقيقة والإبداع والابتعاد عن التفكير النمطي، يساعد الطالب على أن يكون مبدعاً وقادراً على حل المشكلة. كانت المدارس ومازالت تعلم الطلاب بالطريقة التقليدية «التلقين»، لماذا مازلنا نعلم الطلاب القواعد الكيميائية ولا نعلمهم أهمية الكيمياء، ونحرص على اتباعهم القواعد ولا نعلمهم الأخلاقيات، لماذا لا نعلمهم الفرق بين الصح والخطأ، ولكن فقط نأمرهم بأن «هذا خطأ لا تفعلوه» ونصمت.
تحليل وتفريق
علينا أن نعلم طلبتنا التحليل والتفريق بين الغثّ والسمين، علينا أن نعلمهم كيفية اكتشاف الإيجابيات والسلبيات، والتعليل واكتشاف مغالطات الاستدلال، والإبداع، وتعزيز ثقافة «قد أكون على خطأ»، المفكر الناقد يتعلم بإبداع، ويستطيع أن يميز ويغربل الأفكار والمواقف، ولا ينصاع بسهولة.
لنعلمهم عدم اتباع من يلجؤون إلى العاطفة للتأثير فيهم ويسلبونهم عقولهم حتى لا يفكروا باتجاه آخر، ولنعلِّم أبناءنا أن يأتوا بالحجج المقنعة ومواجهة حجة الآخر في الخلاف لا الشخص نفسه، كما نلاحظ مؤخراً على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يوجه النقد والتطاول على الشخص صاحب الحجة وليس على الحجة، والأهم التعلم الذاتي بعيداً عن مجاراة الآخرين والتفكير الجماعي.
لذا يفضل أن نعلم أطفالنا من خلال مناهج وطرق تدريس تجعلهم يتعلمون توظيف المعلومة للتمييز بين الصح والخطأ.
استشارة
* أفنيت حياتي لمتطلبات زوجي، أحبه وأقوم بكل احتياجاته، لم أفكر يوماً بطلب أي مساعدة، ولكن مؤخراً بدأ يتذمر وينفعل وينتقد، أحتويه دائماً وأتقبل عصبيته لأنني لا أريد أن أفقده، ولكن بيني وبين نفسي فإني تعبت وأشعر بضغط كبير.. ماذا أفعل؟
- عزيزتي بين أي شخصين، وبالذات الزوجين، يجب أن تكون هناك مساحة لكل شخص، فأحياناً تنظرين إلى الموضوع بأنك تحتوينه وتلبين طلباته، وينظر هو إلى ذلك على أنه تحكم به وضغط، لذا عليك أن تتحاوري معه بهذا الخصوص، ويجب على كل منكما الاستماع إلى الآخر بالقلب لحل المشكلة، وقد يكون لديه مشكلة ليس لك بها، فلا تحكمي على الأمور حتى تستمعي إلى وجهة نظره.