#صحة عامة
نوال نصر 8 أغسطس 2020
الاسم: رانيا
العمر: 38 عاماً
المهنة: تدير محل ملابس
الحالة: عدم النضج
كلما أطفأت شمعة في عيد ميلادها تخيلت أنها أصبحت أكثر نضجاً، وكلما وقعت في اختبارٍ جديد ظنّت أنها راكمت خبرة. وبين الخبرات المتتالية والنضج المتأخر، تظهر الأحداث هشاشة تعاملها مع تفاصيل يفترض أن تكون قد تجاوزتها. فهل ردود فعلها الطفولية سببها غضبها السريع؟ هل سوء تعاملها مع أحداث وشخصيات ومعارف، دلالة على ضعف شخصيتها أم على طيبة قلبها المفرطة؟ وبماذا تجيب من يراها صباحاً ومساءً تلهو عبر منصات التواصل الاجتماعي، هامساً في أذنيها: آن الأوان أن تنضجي؟
عمر النضج
إذا كان الكاتب المصري نجيب محفوظ قد حدد النضج (بأن تدرك اليوم سذاجة تصرفك أمس)، فإن النضج في علمِ النفس معناه أن ترفض صداقة باردة أو جدالاً أحمق أو التعلق بأناسٍ زائفين. النضج معناه بعض السكون وكثير من القناعة. والناضج قد يكون شاباً أو شابة والمراهق قد يكون، أو تكون، في خريف العمر.
يُقال إن النضج يولد من المسؤولية والقدرة على اتخاذ القرارات والتعامل مع التطورات بوعي وحكمة. والثابت أن الإنسان، أي إنسان، لا يمكنه أن يكون بصحة عقلية أو عاطفية إذا لم يتحلَّ بالمسؤولية.
ثمة سؤالٌ يطرح، هل الأشخاص الأكثر نضجاً أقل فرحاً أم أن العكس صحيح؟
يبدو أن سعادة الناضجين لها مفهوم آخر مختلف. فالسعادة تتغير نوعياً عندما ينضج الإنسان نفسياً، ربما لأن فهمه لمقاييس الرفاهية يصبح مختلفاً. وفي تفاصيل أدق، يفهم الإنسان الناضج أن الحياة ليست بالسهولة التي يظنها كثيرون. إنها صعبة. لهذا يحاولون تقبلها كما هي والتعامل مع الصعوبات على أنها حقيقة وواقع. هؤلاء يتعلمون من خلال التجارب قبول الأشياء التي يصادفونها في الحياة ويرون أنها قد لا تتغير. هذا ليس استسلاماً أو خضوعاً بل هو فهم للحياة. ويعرف الإنسان الناضج أن أي تغيير مرتجى يجب أن ينطلق من الشخص نفسه، لذا يعملون على تطوير الذات أولاً، كلما فكروا في التناغم مع مصاعب الحياة.
لسن مثل بعضهن
ثمة طيش في كلِ عمر، ويخلط المجتمع بين الطيش الفعلي وبين الشعور بالشباب الدائم، وهو حاجة وضرورة ليظلّ الإنسان يحلم ويطمح ويأمل ويتطور. في كل حال، يهم أن نعرف هنا أن هذا المجتمع قد يخلط كثيراً بين امرأة بالفعل طائشة وامرأة عصرية، تحب الألوان والأناقة واستخدام الانستغرام ومتابعة التفاصيل والتكنولوجيا أبعد من حدود البيت والمطبخ. هنا يتدخل علم النفس ليقول إن تقدمك في السن ليس معناه ان تتركي رغباتك بالأناقة، تحت حجة أن ألواناً كثيرة وتصاميم كثيرة لا تناسبك، بل يفترض بك أن تبقي المرأة الأنيقة الناضجة. يقول الطبيب والكاتب الأميركي- الهندي ديباك شوبرا: (قد تكون في الخمسين وغير ناضج، وفي الخامسة عشرة وترى العالم بوعي. العمر ليست له علاقة بالوعي ولا بالنضج).
ليست كل النساء مثل بعضهن وليس كل عمر هو نفسه عند جميع النساء. فامرأة في الخامسة والأربعين قد تختلف كلياً (شكلاً وروحاً) عن امرأة أخرى بنفس العمر، وبالتالي ليست كل امراة في الأربعين هي نفسها. ثمة نساء كلاسيكيات في كل عمر ونساء على الموضة في كل عمر. وهذا لا علاقة له البتة بأن تكون امرأة ترتدي اللون الأسود غالباً، أكثر نضجاً من امرأة تصر على ارتداء الأحمر والأصفر والزهري.
من الأكثر ذكاءً؟
يتيح النضج للإنسان بالهدوء والتفكير والإحاطة بالصورة الكاملة لكيفية مواجهة المشكلات وحلها، وبالتالي تنجح المرأة الناضجة التي تتحلى بصفتي الهدوء والتفكير في فهم الحياة في شكل أكثر عمقاً، ومن تنجح في ذلك تقوى على الفشل، وتُمهد الطريق أمام تذليل الصعاب والنجاح. وليس سراً القول إن المشاكل التي نواجهها في حياتنا تتطلب الشجاعة والحكمة والثقة بالله وبالنفس والحياة. وهذه صفات لا تكون بلا نضج والمرور بها يعزز حالة النضج. ومن علامات هذه الحالة، حالة النضج، ما قاله جبران خليل جبران: (الكلمات الجميلة لا تعود تؤثر فيك أو تبهرك، بل وحدها المواقف والأفعال تفعل بك ذلك). لهذا قد تسمعن وأنتنّ في العشرين أو الثلاثين أن من تتأخر في الزواج قد لا تتزوج، لأن تأثير الكلمات الجميلة ينخفض لديها والحسابات الحياتية تزيد.
أسلوب تعامل
تريدين أن تكتشفي نسبة نضجك؟ حاولي أن تستعيدي أسلوب تعاملك مع أحداث آخر ستة أشهر في حياتك. هل تصرفتِ بإيجابية؟ الموقف الإيجابي يأتي في شكل طبيعي منسجم، مع أسلوب تعامل الشخص الناضج الذي تكون التجارب قد علمته أن الغضب السريع يؤذي واستيعاب التطورات يفيد والتمهل يمنح فرصاً أكبر في الحياة.
باختصار، النضج خيار للجميع. وكلما زادت قيمة تقديرك لما أنت عليه وما يمكنك تقديمه للآخرين، كلما أصبحت أكثر مسؤولية في رعاية نفسك وأموالك ووقتك وحياتك وخياراتك. هذا يعني أنه يمكنكن العيش ناضجات إذا اخترتن العيش بوعي مع المبادئ والمواقف الراسخة على أنها تخصكن. تصبحن ناضجات حين لا تعدن تلمنن الأهل والعائلة والمعارف والأصدقاء والبيئة على هزائم لحقت بكن، وتكتشفن أنكن قادرات على أن تتحكمن في مصائركن الخاصة.
استعداد للنضج
لا يولد الإنسان ناضجاً، لكن قد يولد باستعدادٍ أكبر للنضج الذي يحوزه في عمر مبكر أو ربما يغلب عليه الطيش حتى عمر متقدم. وللنضج أنواع أهمها، في سن الطفولة، النضج البدني والمعرفي. يبقى أن ثمة سمات تُبيّن ببساطة إذا ما كانت امرأة ما ناضجة أم لا. المرأة القادرة على التعامل مع المواقف بأقصى قدر من الرعاية والثقة تُصنّف ناضجة. والمرأة التي تتجاهل السلبية وترد بإيجابية هي امرأة تملك من النضج وتستحق رفع القبعة. والمرأة الناضجة هي التي تركز على النمو الذاتي، بدل النظر إلى حياة الآخرين والتي تنجح في طرح أفكارها في شكل صحيح أمام الناس، حين يتغاضى كثيرون عن أفكار خاطئة يسمعونها.
نضج براد بيت ومشاكل دي كابريو
ثمة شخصيات شهيرة تمدنا، كيفما تحركت، بعبق جميل كما النسمات العليلة. نراها مشهورة، فرحة، جميلة، ناجحة، مفعمة بالحياة وميسورة، ولا نلبث أن ندرك أن الكثير من وهجها سببه نضجها في التعاطي مع أحداث وتفاصيل ومستجداتها الحياتية. النضج مؤثر. فهل في حياة المشاهير قطب مخفية؟ هل ولدوا وكبروا واشتهروا.. هكذا؟ هل هذه طباعهم أم مروا بمتاهات قبيل اكتشافهم أنفسهم؟
ثمة أسماء نعرفها جيداً ونحبها كثيراً. أدركت باكراً أن التعليم والوعي والأخلاق والنضج.. ثراء. وهناك أسماء اكتشفت من تجاربها معنى أن ينضج الإنسان ويعترف بالعمر ويعي قبل فوات الأوان، أن الحياة محطات وتجارب تُعزز نضج الإنسان، خاصة بعد أن يتغلب عليها. فالتجارب تولد من المعاناة، والشدائد والصدمات تعزز المرونة.
ومن هذه الأسماء يبدو براد بيت من المشاهير الذين يزيدهم النضج وسامة. فمن قال إن النضج والوسامة لا يترافقان؟ أما ليوناردو دي كابريو، الذي يقول عن نفسه إنه محظوظ، يُعدّ أشهر عازب في هوليوود، وصف من نساء تعرفن إليه بأنه ليس ناضجاً، في المقابل هناك من يقول عنه إن نضجه أتى باكراً، من خلال تجاربه، وترعرعه في أحد أكثر الشوارع فقراً في لوس أنجلوس.
10 نصائح لنضجٍ مطلوب
1 - الواقعية.
2 - تعلم فنّ الحوار.
3 - مقاومة المخاوف.
4 - التسامح والتعامل بلطف.
5 - الاستماع أكثر والتكلم أقل.
6 - التحكم في النفس.
7 - التفاؤل.
8 - احترام آراء الآخرين.
9 - الثقة بالنفس.
10 - تجنب الانتقاد والحسد.