#منوعات
ياسمين العطار السبت 13 يناير 12:50
«من ليس له ماضٍ.. ليس له حاضر»، هذه مقولة شهيرة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أوجزت منهجه وحرصه على اتباعه وتطبيقه وتكريسه في نفوس أبناء الإمارات من كل الأعمار؛ ليسيروا عليه في دروب الحياة، ولينقلوه بدَوْرهم إلى الأجيال القادمة.
يترجم «مهرجان الشيخ زايد»، المقام حالياً بمنطقة الوثبة في أبوظبي، ويستمر حتى 9 مارس 2024، رؤية المغفور له الشيخ زايد، لأهمية استدامة التراث الإماراتي الأصيل، ونقله إلى الأجيال بكل فخر. وتعكس «القرية التراثية» بالمهرجان روح الشعب الإماراتي، ووجدانه وعاداته وتقاليده ونمط حياته القديمة وبساطتها، حيث تأخذ زوارها في رحلة إلى الماضي الذي يعبق بروح التراث، وتطلعهم خلالها على التقاليد الغنية، وتقدم عروضاً ومشاهد تمثيلية حية، تسرد حياة الأجداد، وعادات المجتمع ببيئاته الأربع: (الجبلية، والزراعية، والبحرية، والصحراوية)، في أجواء حضارية ثقافية ترفيهية عالمية.
البيئة البحرية
أبهرت «القرية التراثية» زوار «مهرجان الشيخ زايد»، لأول مرة، بمشاهد تمثيلية واقعية لنمط الحياة الإماراتية القديمة، تقدمها مجموعة من الأفراد، الذين يرتدون الزي التراثي الأصيل المرتبط بكل بيئة إماراتية؛ لتعريف الجمهور بتلك البيئات المختلفة، وتفاعل الحضور مع تلك المشاهد للبيئة البحرية من خلال أساليب الصيد والتجهيزات الخاصة بالغوص، وغيرها، التي كان يقوم بها الأجداد في الماضي؛ لتعريف الزوار وأجيال المستقبل بالعادات والتقاليد التاريخية والتراثية لمجتمع البحارة، وممارسي المهن المرتبطة بالبحر، بالإضافة إلى أنواع القوارب البحرية القديمة، وأنواع «الليخ»، الذي يعد من أدوات صيد السمك، حيث يُنصب في عرض البحر، ويتكون من شبكة من خيطان النايلون، أو الخيطان القطنية المقواة بحبل يؤطرها، ويحدد طولها بـ100 باع، وعرضها بخمسين باعاً.
البيئة الزراعية
جذبت المشاهد التمثيلية الخاصة بحرفة «زفانة الدعن»، في البيئة الزراعية، أنظار زوار المهرجان؛ للاطلاع على المهن التي نشأ عليها الآباء والأجداد، الذين عاشوا زمن التحدي والعناء من أجل صنع تاريخ يرقى بين الأمم، حيث تقدم مجموعة من الحرفيين للجمهور تعريفاً بتلك المهنة، بداية من تجميع سعف النخيل، وقصه، وتنظيفه، وإعداد الحبال منه، وحتى استخدامه في صناعة البيوت والخيام، وغيرها، بالإضافة إلى الكثير من الجوانب التي تخص البيئة الزراعية، وطرق الزراعة، والأدوات التي كانت تستخدم فيها.
البيئة الجبلية
تفاعل الآلاف من الأطفال بصحبة أسرهم مع المشاهد التمثيلية الخاصة بالبيئة الجبلية؛ لما تحمله من معانٍ قيمة عاشها الأجداد في الماضي، مثل «السقاي»، الذي كان يجوب الطرق، وينادي على الجميع لتوزيع المياه عليهم، و«الخراريف» التي كانت وسيلة للتعليم والتثقيف في زمن لم تكن فيه مدارس أو وسائل حديثة للترفيه، وكسب المعرفة وتسلية الأطفال بشيء مفيد عبر توصيل المعلومة بأسلوب حكائي سهل، واستمع الزوار في أجواء مفعمة بالتراث إلى الحكايات الشعبية.
البيئة الصحراوية
يعيش زوار «القرية التراثية» تجربة مفعمة بروح الماضي، من خلال المشاهد التمثيلية؛ للاطلاع على الجوانب كافة، الخاصة بالحياة الصحراوية بصفاء رمالها، وأدواتها، وصناعاتها ومقوماتها قديماً من البيوت والجبال، بالإضافة إلى التعريف بالعادات الإماراتية الأصيلة عند العرس، بدايةً بطلب يد العروس، وحتى اصطحاب «المعرس» إياها إلى بيته في أجواء تراثية ترفيهية.
الحرف اليدوية
تتميز «القرية التراثية» هذا الموسم بتصميمها الفريد، المستوحى من الطراز التقليدي القديم، وتعد بمثابة محطة استثنائية تنقل الزوار من زحام الحداثة إلى هدوء الحياة القديمة، وبساطتها المتمثلة في بيوت الطين، والبيوت المصنوعة من سعف النخيل، والمسابقات التراثية، والفنون الشعبية والحرف والمنتجات، لتنعش ذاكرة الزوار بالحياة التراثية القديمة، التي تتضمن الأعمال اليدوية للحرفيين والحرفيات، إذ استمع الزوار إلى شرح وافٍ عن طبيعة كل بيئة من هذه البيئات، وحرفها، ومنتجاتها المختلفة، كما جذبت صناعة الفخار والسدو وقرض البراقع وخياطة السرود والغزل والنسيج وصناعة التلي العشرات من الزوار، الذين وقفوا منبهرين أمام هذه الحرف التقليدية، وما تتمتع به من فن وبراعة وإبداعات صانعيها، مجسدةً التاريخ العريق لدولة الإمارات.
ورش عمل
تضم «القرية»، كذلك، أجنحة ومجموعة من المحال؛ لعرض المنتجات التقليدية التراثية، وتعمل بها مجموعة من الحرفيين، الذين يمارسون مهناً مختلفة، ويقدمون معلومات عنها إلى الزوار من الأعمار والجنسيات كافة، بالإضافة إلى تقديم ورش عمل إلى زوار «القرية» لتلك الحرف اليدوية كافة، التي تجسد تاريخ دولة الإمارات، مثل: الفخار، وسعف النخيل، والتلي، والسدو، والخياطة، ورسم الحنة.
أطعمة شعبية
يحظى، أيضاً، زوار «القرية التراثية» بأوقات تراثية شعبية مميزة، وتناول الأطعمة في «مطعم الخيمة التراثية»، الذي يتسم بتصاميم تراثية مفعمة برائحة الماضي، حيث تُقدم أشهى المأكولات والأطعمة الشعبية، بالإضافة إلى احتساء القهوة في «ركن القهوة الشعبية»، ويتم تقديمها في أدوات قديمة، كما كانت تقدم في المجالس العربية، وفق عادات الضيافة في الماضي. كما يجلس زوار «القرية» في «الحظيرة» المصنوعة من سعف النخيل، وأشجار «المرخ»، وأغصان أشجار السمر والغاف، والتي تعد مركزاً لسرد قصص وذكريات الأجداد في أجواء الماضي الجميل.
الصقارة
يستمتع، كذلك، زوار «القرية» بالاطلاع على مجموعة متنوعة من الصقور المميزة، وأساليب الصيد، كما يستعرض «مركز السلوقي العربي» أصنافاً من السلوقي؛ بهدف إحياء رياضة الصيد بالكلاب السلوقية، والمحافظة على تقاليدها، والاستعانة بها في الصقارة، وحفظ السلالات الأصيلة، وتزويد المُهتمين بالمعرفة اللازمة، وكيفية الاهتمام بها، ورعايتها، وتدريبها.
صور تذكارية
يختتم زوار «القرية التراثية» رحلتهم بالتقاط صور تذكارية بالزي الإماراتي التقليدي، للرجال والنساء، بالإضافة إلى المرور على البقالة (الدكان قديماً)، التي تضم كل أنواع المواد الغذائية القديمة، التي تعود بالمشترين إلى ذكرياتهم الجميلة، ومنتجات تراثية أخرى، تسرد لهم، ولأصدقائهم ولأسرهم، تفاصيل الحياة الإماراتية القديمة، ويتناقلونها في ما بينهم؛ بهدف استدامة وحفظ التراث الإماراتي الأصيل.