العالم بأسره يخوض معركة واحدة ضد عدو غير مرئي، يجتاح الكرة الأرضية منذ أشهر، يدعى فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19».
ومع انتشار الفيروس في معظم بلدان العالم انتشرت معه أيضاً، بقصد أو بغير قصد، موجات من الشائعات والمعلومات المغلوطة على منصات التواصل الاجتماعي، مما سبب كثيراً من الإرباك عند البعض، وربما الخوف والهلع عند آخرين. ومن هنا كان الجهد مضاعفاً من الأطباء وفريق التمريض والعاملين في المنشآت الصحية، لتعريف المجتمع بالمعلومة الصحيحة وتزويده بالإرشادات والإجراءات الاحترازية اللازمة، إلى جانب بذل الجهود الطبية لمكافحة «كوفيد 19» والحد من انتشاره.
د.عادل سجواني طبيب الأسرة بوزارة الصحة ووقاية المجتمع، أخذ على عاتقه مهمة التوعية ونشر المعلومات العلمية الدقيقة عن فيروس «كوفيد 19»، من خلال عضويته في الفريق الوطني للتوعية بالفيروس، وفي حديثه إلى «زهرة الخليج» يصحح د.سجواني الكثير من المفاهيم الخاطئة التي يتناولها البعض عن «كوفيد 19»، وكيفية التعايش مع الفيروس، خاصة مع عودة المراكز التجارية للعمل تدريجياً، رافعاً الشعار الطبي الشهير «الوقاية خير من العلاج».

تسطيح المنحنى
 بداية يقول الطبيب الإماراتي عادل سجواني عن الشائعات التي ترددت مؤخراً بين أطياف المجتمع والتي تشير إلى اقتراب موعد انتهاء وباء كوفيد19 في كثير من الدول العربية: «ليس لهذا الكلام أي أساس علمي من الصحة ولم تنشر أي دراسة موثقة هذه المعلومات، فجميع الدراسات الصادرة عن الجهات العلمية الدولية بما فيها منظمة الصحة العالمية أشارت إلى استمرار الفيروس وبحسب الدراسات، ذاتها فإنه غير متوقع أن ينتهي قريباً».
ويضيف: كل ما نطمح إليه جميعاً هو «تسطيح المنحنى» والمقصود هنا هو ثبات عدد الحالات التي يتم اكتشافها يومياً، أو خفض النسبة المكتشفة من المصابين، أو أن يكون عدد الحالات التي يتم شفاؤها أكبر من عدد الحالات المصابة، وأهم ما يمكننا التركيز عليه في تلك الفترة هو العمل بجدية على التعايش مع الفيروس إلى أن يكتشف العلماء لقاحاً للفيروس.

التعايش مع الفيروس
ويوضح د.سجواني أن موضوع التعايش مع الفيروس من الأمور الممكنة وليست المستحيلة، وبناء على ذلك تم التوجيه بفتح المولات التجارية والأسواق والمطاعم لكن بشروط، مضيفاً أن تلك الشروط تتلخص في تخفيض الطاقة الاستيعابية للمول إلى 30% وعدم السماح للأطفال تحت 12 سنة أو المسنين فوق الـ 60 عاماً بالدخول، واتباع التباعد الجسدي ويكون ذلك بترك مسافة مترين بين الأشخاص المحيطين، والذهاب إلى المولات التجارية للضرورة القصوى.
كما ينصح أيضاً بغسل اليدين بالماء والصابون باستمرار وارتداء الكمامات والقفازات، والاهتمام أكثر من ذي قبل باتباع الإرشادات الاحترازية وعدم المصافحة بين الأشخاص أو المعانقة والتقليل من التجمعات قدر المستطاع، مؤكداً أن فتح المولات لا يعني التخفيف من الإجراءات الوقائية والتعقيم، لكنه فقط وسيلة للبدء في التعايش مع الوباء.

فنادق 5 نجوم
وفيما يتعلق بعلاج كوفيد 19، أكد سجواني أن ما يتردد عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأن المصاب بالفيروس ليس له علاج سوى المسكنات وخافض الحرارة عارٍ تماماً من الصحة. ويقول إن الموضوع يعتمد على حالة المريض وشدته فمثلاً إذا كان المصاب من فئة الشباب ولا يعاني أعراض كوفيد الشديدة مثل السعال وارتفاع درجة الحرارة وغير مصاب بأحد الأمراض المزمنة مثل القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم، في هذه الحالة يبقى رهن العزل في أحد الفنادق التي وفرتها الدولة لحجر مرضى كوفيد.
ويضيف أن تلك الفنادق من فئة الأربعة والخمسة نجوم ومجهزة تماماً لاستقبال مرضى كورونا وبها فريق عمل من الكادر الطبي يرافق المرضى على مدار 24 ساعة يقومون برعايتهم والاهتمام بهم وإجراء التحاليل الدورية لمعرفة إذا كان الشخص قد شفي من المرض أم لا وإعادة الفحوصات اللازمة مرتين على مدار أسبوعين.
ويستكمل: إذا كانت التحاليل سلبية في المرتين يسمح للمريض بالعودة لمنزله شريطة أن يحجر نفسه في إحدى الغرف لمدة 14 يوماً بعدها يستطيع أن يخالط أفراد اسرته بأمان.
ويتابع: في الحالة الثانية إذا كان الشخص المصاب بفيروس كوفيد 19 المستجد من المسنين أو مصاباً بالأمراض المزمنة أو أن حالته شديدة الخطورة تحتاج إلى رعاية يتم حجره في غرف عناية مركزة خاصة بمرضى كوفيد في المستشفى ويصرف له الطبيب المشرف على حالته عقار (هيدروكسي كلوروكين وهو دواء يستخدم للوقاية ولعلاج أنواع معينة من الملاريا وقد أثبت فعاليته في علاج الحالات المصابة بالفيروس وهناك أنواع أخرى كذلك من الأدوية إضافة إلى العلاج بالبلازما للحالات المتقدمة.

عودة المرض
وعن احتمال إصابة الشخص مرة أخرى بفيروس كورونا المستجد «كوفيد 19» يقول د.عادل سجواني إنه سجل عدد من الحالات عالمياً لأشخاص رجعت لهم عدوى الفيروس ولها عدة تفسيرات أحدها أن المصاب لم يحصل على العلاج الكافي وكذلك كون الفيروس مستجدّاً وبالتالي لا يمكن نفي الإصابة مرة أخرى بالفيروس حتى الآن.
وعن بقاء المصابين في العزل او الحجر الفندقي، دعا سجواني إلى ضرورة التعاطف معهم ومساعدتهم بشتى الطرق حتى يتخطوا تلك الفترة الصعبة بأمان، مضيفاً أن العمل التطوعي واجب إنساني يعزز روح التكافل المجتمعي، لا سيما أن وجودهم في الحجر ضرورة حتى لا ينشروا العدوى، لأن المشكلة الحقيقية من هذا المرض هي سرعة انتشاره بين الناس وعلاجه والتعافي منه أمر سهل، بيد أن كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة يواجهون خطورة إذا ما أصيبوا.

جهود استثنائية
وذكر أن الإمارات تصدرت دول العالم من حيث نسبة إجراء الفحوص المختبرية للتأكد من سلامة أصحابها من فيروس كوفيد 19 نسبة إلى عدد سكان الدولة.
ويضيف أن منظمة الصحة العالمية تثني دائماً على الجهود الاستثنائية التي تقوم بها الإمارات لاحتواء آثار الفيروس منذ ظهوره والتي من بينها منح وزارة الاقتصاد براءة اختراع لعلاج إماراتي بالخلايا الجذعية إذ تمت تجربة العلاج في الدولة على 73 حالة وشفيت وظهرت نتيجة الفحص سلبية بعد إدخال العلاج إلى الرئتين واستنشاقه بواسطة رذاذ ناعم.

جوانب إيجابية
يرى الدكتور عادل سجواني أن «هناك جوانب إيجابية لفيروس كورونا، إذ شجع الحكومات على التوجه الى التطور التقني والرقمي والابتكار من خلال التعلم والعمل عن بعد، وقد تأخذ الحياة بعد الفيروس شكلاً أفضل على مستوى التعليم والعمل»، مثمناً الدعم والتشجيع المستمر الذي يحصل عليه العاملون في المجال الطبي، مؤكداً أن أجمل وسام حصل عليه كان من خلال الرسالة النصية التحفيزية التي وصلته من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للامومة والطفولة الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية «أم الإمارات»، مشيراً إلى أن «هذا ما يميز الإمارات عن غيرها من الدول ويجعل شعبها من أسعد شعوب العالم».