دفعت مهارة أمينة علي محمود، منذ أن كانت بعمر ستة سنوات، بتفكيكها ألعابها وإعادة تركيبها بإتقان، إلى تطوير أحلامها وهي ترى أفراد عائلتها يصلحون سياراتهم أمامها، حيث قادها فضولها إلى عالم الميكانيك وعدة التصليح، وإطارات السيارات الصغيرة، ممهداً لها طريق المهنة التي تحترفها حالياً. في عام 2018، حصلت أمينة على شهادة في الهندسة الميكانيكية من كلية التقنية العليا في دبي، لتعمل اليوم في المجال الذي تعشق، موظفة متخصصة في ميكانيك السيارات في ورشة حكومة دبي. ومن قال إن مهنة ميكانيك السيارات خلقت للرجال فقط، عليه أن يعيد حساباته تماماً، ويقرأ ما تقوله أمينة على صفحات «زهرة الخليج».
• ما الدافع وراء دخولك مجال ميكانيك السيارات؟
- أذكر أنني كنت صغيرة جداً حين شدتني معدات وقطع الصيانة، وأنا أراقب أهلي يصلحون السيارات، وكان لديّ الفضول بمعرفة طبيعة القطع والمعدات والأدوات الأساسية التي يستخدمونها، ولطالما تساءلت لماذا تركب السيارة بهذه الطريقة، وما فائدة الإطارات وما الأوزان المناسبة لها، وما هيكل السيارة. وكبر هذا الاهتمام ليتحول إلى شغف ويقودني إلى دراسة هذا التخصص، لأعرف أكثر.

السد المنيع
• ألم تغيري رأيك في هذا المجال بعد أن درسته؟
- بالعكس لم يقل حماسي، وما زالت هوايتي به في بداياتها، واندفاعي يكبر يوماً بعد آخر نحو معرفة المزيد عنه. ينتظرني الكثير لأتعلمه وأكتشفه في عالم صيانة السيارات الجميل والمتشعب.
• ألم تعارض عائلتك اختيارك التخصص في صيانة السيارات؟
- كانوا يشجعونني حين كنت صغيرة، ولكنني عندما كبرت وبحت لهم باهتمامي بدراسة ميكانيك السيارات، استغربوا الأمر ولم يتقبلوه، خاصة أن معظم طلاب هذا الاختصاص ذكور إن لم نقل كلهم. فرفضوا ببساطة أن أدرس الميكانيك، ولكن والدتي أمسكت بيدي وشجعتني على تحقيق حلمي وما أنا شغوفة به.
• هل غيروا رأيهم لاحقاً؟
- نعم، بعد أن رأوا إصراري واندفاعي وحماسي، أذعنوا لرغبتي في تحصيل العلم ونيل شهادة في ميكانيك السيارات، وقد تكون أمي هي المحفز الأكبر والسد المنيع الذي تحصنت به لأقدم على خطوتي.
•  أي نوع من السيارات تميلين لتصليحه؟
- تصليح المركبات العسكرية يشكل تحدياً كبيراً لي، فهيكلها غريب وغير مألوف ولديّ الفضول لمعرفة تفاصيلها بالعمق. في الحقيقة لا يمكنني تفسير إحساسي تجاه هذه المركبات.
• ما المسؤوليات المنوطة بك اليوم في ورشة حكومة دبي؟
- أساعد المراقبين ورؤساء الأقسام في الصيانة الهندسية والميكانيكا، ولا يختصر عملي على المراقبة، بل أقوم بفحص السيارة لأكتشف مشكلتها وأعمل بيدي على فك القطع المتعطلة وتبديلها بأخرى جديدة، وصولاً إلى تغيير الزيوت وكل ما يرتبط بميكانيك السيارات. صحيح أنني ما زلت في طور تعلم أمور كثيرة في هذا المجال، ولكنني بتّ قادرة على تحديد الأعطال الأكثر شيوعاً، مثل الفرامل والسفايف التالفة وصوت المحرك وغيرها.

 اعتياد الرفض
• كيف يتعامل معك زملاء العمل؟
- في البداية، كان من الصعب عليهم فكرة التعامل مع فتاة في هذا المجال، إنما ساعدني على تجاوز هذا الأمر تشجيع المسؤولين والمديرين الذين غالباً ما يرددون على مسمعيّ افتخارهم بما أقوم به. أما الزملاء، وبعد أن لمسوا جديتي في العمل وحماسي لتعلم الشاردة والواردة على صعيد ميكانيك السيارات، فتغير تعاملهم معي بعد رفض طويل، وقبلوا بي بينهم موظفة مساوية لهم.
• ألم تهتز ثقتك بنفسك؟
- مطلقاً، لأنني كنت اعتدت مسألة الرفض وامتعاض الطلاب من وجود طالبة بينهم منذ أيام الجامعة. لقد أثبتّ نفسي وجدارتي على صعيد الدراسة، واليوم أفعل الأمر عينه في وظيفتي، على الرغم من الفكرة السائدة لدى البعض عن أن المرأة غير قادرة على العمل في ميكانيك السيارات.

الإيجابية مع النفس
• ما الإيجابيات التي وصلت إليها بعد هذا الاختبار؟
- يجب ألا تشك المرأة في نفسها وتؤمن بقدراتها، لكونها قادرة على خوض مختلف المجالات والنجاح والإبداع فيها. والإيجابية مع النفس مسألة ضرورية لها لكي تستمر وتصل، لذا من المهم أن تتمسك بها تماماً مثلما تتمسك بثقتها بإمكانياتها.
• هل هذه المهنة صعبة؟
- ما من مهنة سهلة عند المزاولة. إنما عندما يحب المرء ما يفعله ينجح في تذليل العقبات وتجاوز الصعوبات، مع ضرورة إمهال نفسه الوقت اللازم للوصول إلى الهدف المبتغى. قد تحتاج مهنتي إلى قوة بدنية وهو ما دفعني لأكون رياضية وأعمل على تقوية عضلاتي، وبالتالي أصبح قادرة على إنجاز عملي على أكمل وجه.

هنسة الطيران
• من أين تستمدين شغفك الكبير للمهنة؟
- الشغف مسألة كبيرة جداً وأساسية للناجحين في الحياة. اعتدت أن أستمد اندفاعي من شيوخنا وحكامنا، حفظهم الله، الذين أعطوا المرأة كل ما يلزم لتحلم وتدرس وتعمل وتنجح وتبدع.
• أين تريدين أن تصلي بمهنتك؟
- أطمح إلى منصب أعلى يتوج عملي الدؤوب ويحاكي شغفي وتطلعاتي، ويا حبذا لو تتسنى لي متابعة دراستي في الخارج، لأكتسب خبرة أكبر ومعرفة أوسع وأشمل، أو حتى أدرس أيضاً مجال هندسة الطيران الميكانيكية. أما هدفي الأكبر فيبقى معلقاً على صيانة السيارات العسكرية، لأني عندها سأشعر بأنني أخدم الدولة بشكل أكبر.