بعيداً عن الجوانب الدرامية والفنية في «النهاية»، فإن أول مسلسل عربي للخيال العلمي لم يتمكن من مجاراة التطورات التكنولوجية الراهنة. كما يرى دكتور إيهاب خليفة، خبير تقنية المعلومات، فعلى سبيل المثال قراءة الأفكار لم تعد من أمور الخيال العلمي، حيث تم تطوير خوذة تقوم بترجمة الموجهات الكهرومغناطيسية التي ينتجها المخ وتحويلها إلى صيغة رقمية يمكن قراءتها عبر الكمبيوتر. كما أن طباعة الأعضاء الحيوية للإنسان مثل الرئة والقلب أصبحت ممكنة وموجودة بالفعل من خلال الطباعة ثلاثية الأبعاد.
ليس فقط الأعضاء الحيوية بل حتى الأطعمة والأبنية والأسلحة وغيرها من ملايين المنتجات الأخرى أصبح بالإمكان طباعتها، حتى فكرة السفر عبر الزمن لم تعد بعيدة كثيراً عن الواقع، فبفضل تطور صناعة الفضاء وازاحة كثير من أسرار الثقوب السوداء، يتوقع العلماء أن تكون هذه الثقوب بمثابة بوابة بين عوالم مختلفة يمكن تجاوز الزمن من خلالها.

أفكار ثورية
ويقول د.إيهاب خليفة لـ«زهرة الخليج» إن هناك عجزاً حقيقياً في الأفكار التي يتم طرحها حتى في أفلام هوليوود، وذلك لأن التقنيات الذكية التي تم تطويرها خلال العقد الأخير ثورية بمعنى الكلمة.
ويضيف أن المبالغة في توقع شكل الحياة في المئة عام المقبلة كما يحاكي المسلسل، هي أمر مستحيل، وبالكاد يمكننا أن نتوقع شكل الحياة خلال العشرين عاماً المقبلة، هذا إضافة إلى أن جميع التقنيات التي يعرضها المسلسل قد تم تطويرها بالفعل ومنذ سنوات، لكن كان ذكاء فريق العمل في جعل احداث المسلسل تدور بعد نهاية عصر التقدم التكنولوجي الذكي، وأن جميع التقنيات الموجودة في أحداث المسلسل هي من إرث الماضي.
المسلسل الذي يعرض في الفضائيات العربية خلال شهر رمضان، وقام ببطولته النجم يوسف الشريف ومن تأليف عمرو سمير عاطف وإخراج ياسر سامي، تدور أحداثه عام 2120 ويتعرض لمشكلة نقص الطاقة والغذاء والتعليم من خلال احتكار ثلاث شركات لها.

تغير موازين القوى
انطلق المسلسل من فرضية حتمية وهي أن موازين القوى قد تغيرت بالفعل، وبدأت مرحلة انهيار القوى العظمى التقليدية، وصعدت محلها قوى أخرى، كان من بينها المنطقة العربية، ولكن هذه المرة ليس في إطار الدول بل في إطار تكتلات اقتصادية واجتماعية وسياسية، أي أن الدول اختفت تماماً ولم تعد السلطة السياسية التي تحكم الناس وهو أمر بدأ طرحه بالفعل خلال السنوات الماضية في أروقة البحث العلمي.
ويقول إنه تم اختيار قضايا رئيسية تدور حولها أحداث المسلسل وهي الغذاء والطاقة والتعليم والاحتكار وسيطرة الذكاء الاصطناعي على الحياة البشرية، وهي قضايا يتم النظر إليها بصورة عامة على أنها محور الصراع الدولي والبشري في المستقبل القريب.

محدودية الموارد
ويضيف د.إيهاب خليفة: على الرغم من محدودية الموارد وتخطي المسلسل للميزانية المرصودة له، إلا أن المخرج ياسر سامي حاول ابتكار كثير من التقنيات والملابس والأدوات المستخدمة في المسلسل، حتى لا يكون مجرد مشاهد تقليدية من أفلام خيال علمي سابقة، إلا أنه تأثر ولو بمشاهد محدودة من أفلام الخيال العلمي في هوليوود، ومن ذلك مثلاً مشاهد ورش صيانة الروبوتات التي كانت أقرب إلى فيلم CHAPPIE المنتج في عام 2015، ومشاهد المباني التي تأثرت بفعل الحرب والتي كانت أقرب إلى مشاهد نفس المباني التي تضررت أيضاً من الحرب في فيلم Divergent.
ويشير إلى أن مسلسل النهاية استطاع أن يعرّب ويمصّر الخيال العلمي بصورة تجعل المشاهد في كثير من الاحيان لا يشعر بالاغتراب أو عدم الملاءمة، فمنذ اختراع السينما والتلفزيون وأفلام الخيال العلمي تعتبر حكراً على الغرب، سواء الولايات المتحدة الأميركية أو أوروبا، وأي محاولة حتى لدبلجة هذه الأفلام قد يراها البعض غير مستساغة، حيث تم الاعتياد على النمط الغربي في أفلام الخيال العلمي بمصطلحاته وأدواته وممثليه.

مشاهد غير مألوفة
ويضيف أن الحالة التي يعيشها المجتمع العربي باعتباره مجتمعاً نامياً غير متقدم في معظم مناطقه، تجعل المشاهد غير متقبل لرؤية الروبوتات والدرونز تسبح في سماء المنطقة العربية للقيام بمهام الأمن والمراقبة، وتزداد المشكلة صعوبة حينما نتحدث عن قضايا شائكة مثل القدس، التي مازالت بعيدة، حتى في الأفلام والمسلسلات الدرامية، عن إمكانية رؤيتها حرة مستقلة، أو الماسونية التي لم يتم التطرق إليها في عمل عربي درامي من قبل.
ويقول إن فريق عمل المسلسل تمكن من تجاوز الحواجز النفسية التي تجعل المشاهد غير قادر على تقبل عمل درامي بهذا الشكل، واستطاع أن يطرق بقوة إحدى قضايا الخيال العلمي المعقدة بصيغة عربية مصرية خالصة، من دون أن يشعر المشاهد بالانقطاع عن الواقع الحالي.
ويختتم قائلا: "محدودية الموارد سواء المالية أو الفنية أثرت في تقييم المسلسل ومقارنته بمسلسلات وأفلام الخيال العلمي العالمية، وكان يكفي أن يعرض 10 حلقات فقط من المسلسل بنفس تكلفة إنتاج 30 حلقة، مع توجيه الموارد لتطوير التقنيات المستخدمة لتقديم عملٍ فني يرقى إلى مراتب هوليوود، خالٍ من المط والتطويل".