حين نقول شاعر الوطن، يقف اسم علي الخوار الشاعر الذي كتب للحب والأرض والوطن.

استطاع أن يصل إلى جمهور عريض بعد أن تغنت بأشعاره أصوات نجوم الغناء الإماراتي والخليجي، وصل صوته إلى أهم منابر الشعر فحصد الجوائز، وأهم جائزة محبة الناس. وحول عزلة كورونا وخصوصية البيت الذي نشأ فيه كان لـ«زهرة الخليج» معه الحوار التالي:

* نعيش اليوم عزلة كونية بسبب كورونا، حدثنا كيف تعاملت مع العزلة وكيف تقضي وقتك، وهل دفعتك إلى إعادة ترتيب أوراقك؟
- يبدو أننا كنا بحاجة إلى هزة كونية، كي نقف من جديد أمام ذواتنا، نراجع دفتر العمر ونعيد ترتيب الكثير من الأولويات، نعم العزلة جعلتني أقترب أكثر من نفسي وكأنني أمام فيلم سينمائي، أراجع الكثير من الأمور التي مرّت بحياتي، فيقف سؤالي، إلى أي درجة أنت راضٍ عما قدمته؟ وهذا جعلني أضع الكثير من الملاحظات، وأعيد الكثير من الأسئلة الوجودية التي يشكلها القلق على الحاضر والمستقبل، نعم العزلة والحجر جعلاني أقترب أكثر من مكتبتي وغرفتي وأشيائي الحميمة، فأعدت ترتيب أرفف مكتبتي القديمة، دفاتري، كي تستقبل الجديد من الأعمال المقبلة بإذن الله.

شاعر الوطن

* أتيت من بيت شعري، حدثنا عن خصوصية البيت الذي نشأت فيه، وعن أول قصيدة كتبتها، وكيف كانت ردود الوالد؟
- البيت هو المساحة الأولى التي نشرب منها الحب والحنان والقيم، معنى الأب والأم وقيم الحارة، في بيتي الأول سمعت الشعر من والدي، وعرفت معنى الصوت المحمول على الغناء، عرفت عمق وغنى الموروث الشعبي، من أمثال وحكايات الجدات، البيت الأول يبقى عالقاً في الذاكرة فيه تعلمت الشعر والإيقاع والوزن، عرفت معنى الكلمة المحكية، صدقها وما تحمله من موسيقى تصب في الوجدان، هكذا وجدت نفسي أكتب الشعر، لا أذكر قصيدتي الأولى، ولكنني أتذكر فرح والدي بما كتبت، أتذكر رد فعل والدي ونظرته، صوته وكلامه لي وفخره بكل ما أكتب، الأب يكون سعيداً حين يجد ابنه يشرب من كفه وهذا يحمل صيرورة واستمراراً وأملاً.


* لقبت بشاعر الوطن، ما أهم الأغاني التي أخذتك إلى هذا اللقب وهل ثمة شعراء آخرون لقبوا بهذا اللقب؟
- لا شك في أن الأغاني الوطنية تشكل روح الانتماء، نحن الذين سمعنا (وطني الأكبر) و(عيشي بلادي) وغيرهما، نعرف كم تؤثر في روح الانتماء للكبار وللصغار على حد سواء، لأنها تكرس ارتباط الإنسان بأرضه وهويته وبناة الوطن. ونحن نكتب للوطن لأنه فينا بكل تفاصيله، وفي اعتقادي نجاح بعض الأعمال الوطنية ومنها أغنية (أنا جندي) هي التي جعلت الناس يطلقون عليّ لقب (شاعر الوطن)، ومما لا شك فيه أن شعراء الإمارات كلهم شعراء الوطن، لأنهم يقدمون أجمل وأروع القصائد، وأنا كتبت أكثر من 200 قصيدة وطنية، قد تكون الأقرب لي (عشق القلوب) لي غناها حسين الجسمي.


الغناء برواز القصيدة

* أنت شاعر أولاً وشاعر غنائي ثانياً، ما أهمية أن يتغنى الفنانون بأشعارك؟ ومن أهم المغنين والملحنين الذين استطاعوا تشكيل ثالوث رائع لنجاح الأغنية؟
- الغناء برواز القصيدة بالنسبة إليّ، أما الفنانون الذين تغنوا بقصائدي فهم كثر، منهم: ميحد حمد وحسين الجسمي وأحلام وراشد الماجد وماجد المهندس وعبد المجيد عبد الله وأصالة وخالد عبد الرحمن وكاظم الساهر ومحمد عبده ومحمد المازم.

* حدثنا عن أهمية فن إلقاء الشاعر في إيصال قصائده؟
- فن الإلقاء هو نقل القصيدة من النص المكتوب إلى النص المسموع، الصوت بما يحمله من تلاوين وعمق معنى وروح، يجعل القصيدة تصل للجمهور، ومعروف أن هناك فنوناً للإلقاء تقارب الغناء، الإلقاء فن آخر يضيف للقصيدة وللشاعر معنى آخر، ويجعل الشاعر أقرب إلى محبيه ومتابعيه.


* البحر، الصحراء، المدن، النخلة... كيف يحضر المكان؟ وما خصوصيته في قصائدك؟
- نحن مسكونون بكل تفاصيل الجمال، البحر هذا المطلق المفتوح على زرقة المعنى، الصحراء بكل معانيها، النخلة كرمز ومفردة من مفردات الحياة، من هنا أرى أن الجمال يحضر في القصيدة والأدب، لأنه في كل مكان وفي أي مكان كان.

* إلى أي درجة استطعت توظيف المثل والقصة في قصائدك؟
- نحن أبناء لغة المكان وتراثه وثقافته، ورغم أن توظيف الأمثال والقصص قليل جداً في قصائدي، فأنا أجسد الواقع الحقيقي أكثر.

حب وحنين

* قصائد الحب والحنين واللوعة كيف تحضر المرأة في نصك الشعري؟
- المرأة وجود ومعنى، هذا الكون محكوم بالحب، لهذا فإن المرأة هي كل قصائد الحب والحنين واللوعة في قصائدي، ولها نصيب الأسد من أحاسيسي وكياني أيضاً.


* كيف تقيّم وجودك عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟
- رغم أننا نعيش زمن «السوشيال ميديا»، التي باتت الوسيلة الأسرع لانتشار أي كاتب وفنان، انتشار القصيدة والفنون، فإن وجودي خجول جداً مقارنة بالكثير من الشعراء، فأنا أعتبر نفسي مقلاً ومقصراً في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي.

* تترافق أغانيك مع فن اليولة ماذا يمنحك هذا من لغة بصرية؟
- اليولة فن من فنوننا الإماراتية التي نعتز بها، وإن كانت قصائدي تترافق مع هذا الفن فهذا فخر لي ولقصائدي.


مرجعيات ثقافية

* ما أهم مرجعياتك الثقافية التي أثرت فيك، وهل تقرأ قباني ودرويش والمتنبي وأمهات دواوين الشعر العربي؟
- القراءة مصدر مهم للشاعر، ليس الشاعر وحده، القراءة تمنحنا باباً من أبواب المعرفة والحياة والتواصل مع ثقافات العالم، أنا قرأت الكثير من الشعراء، ورغم هذا أعتبر أن الشاعر نزار قباني له الأثر الكبير في شعري، هذه الجماليات هذه القصائد الغنائية الشامية، التي رفدت الأغنية ورفدت أرواحنا، وأكيد هناك الكثير من قصائد الشعراء المبدعين العرب.


* قلت مرة إنك قرأت فتاة العرب الشاعرة عوشة السويدي، هل ثمة شاعرات أدهشنك بتجاربهن؟
- الشاعرة عوشة السويدي هي إحدى المدارس التي درست بها الشعر، وشاعراتنا هن منارات أضأن لي باقي الطرق الأخرى.


* أصدرت ديوانين حدثنا عنهما، لماذا اخترت أن تقدم ديواناً مسموعاً؟ وماذا عن المطبوع؟
- بدأت بالدواوين المسموعة بالفعل لأني وجدتها أسهل على المتلقي، ولأنها تحقق معادلة الصوت المسموع، فيصل الشعر بطريقة أسهل، أذكر أن الكثير من الشعراء سمعناهم من خلال الكاسيتات ووسائل أخرى، ثم مضيت إلى الورقي لأنه يبقى في المكتبات، ويصل إلى البيوت، لدي ديوانان مطبوعان هما (هلوسات 2020) و(مشاعر وطن 71).