أصدرت اللجنة العليا للأخوة الإنسانية بياناً دعت فيه القيادات الدينية وجموع الناس حول العالم للصلاة والدعاء من أجل الإنسانية يوم الخميس 14 مايو الجاري، والتوجه لله تعالى بصوت واحد ليحفظ البشرية، وأن يوفقها لتجاوز جائحة كورونا «كوفيد-19».
ودعت اللجنة، خلال مؤتمر صحفي عقدته أمس، عن بُعد، كل القيادات الدينية وجموع الناس حول العالم للاستجابة لهذا النداء الإنساني والتوجه لله تعالى بالدعاء بصوت واحد لتجاوز هذه الأزمة، وإعادة الأمن والاستقرار والصحة والنماء، ليصبح عالمنا بعد انقضاء هذه الجائحة أكثر إنسانية وأخوة من أي وقت مضي.
محمد عبدالسلام: كلنا واحد ومصيرنا واحد
وقال المستشار محمد عبدالسلام الأمين العام للجنة العليا للأخوة الإنسانية إن هذا النداء هو دعوة روحيّة تستهدف تحريك الطاقات الإيجابية في جميعِ البشر حول العالم، التي لا يخلو منها أي إيمان بعقيدة، مضيفاً أن المشاركة هنا تعني التوجه إلى الله الخالق، كل حسب عقيدته وطقوسه الدينية المتوافقة مع معتقده، فيشترك الجميع في التضرعِ إلى الله بالدعاء، بأن يرفع عن البشرية هذا الوباء، وأن يوفق الأطباء والعلماء في الوصول إلى دواءٍ أو لقاحٍ لهذا الفيروس الخطير.
وأضاف عبدالسلام: لقد بدا الأمر وكأنه حلم؛ أن يتحد البشر جميعاً حول نداء إنساني متعلق بخطر داهم الجميع، شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، وذاق مراراته الطفل والجد، والرجل والمرأة، ولم يفرق بين إنسان وآخر، إذ استهدف البشرية كلها، فأصاب وقتل الكثير، وألزم الجميع بيوتهم، في مشهد لم يتوقعه أكثر المتشائمين.
وأوضح إن المنح تأتي في طي المِحن؛ فقد أسفر المشهد العالمي، في المقابل، عن حالة استثنائية من التلاحم العالمي، بالتضامن وإرسال شحنات الأدوية والمعدات الطبية، وتبادل الناس عبر العالم الدعوات لبعضهم بشغف خاصة حين وصلت بلدانهم لذروة انتشارِ الوباء، في حالة إنسانية أنست الجميع خلافاتهم، وأكدت أننا كلنا واحد ومصيرنا واحد، ولا سبيل للخُروجِ من هذه الجائحة إلا باتحادنا، متضرعين إلى الله تعالى بأن يرفع الوباء عن الجميعِ؛ استجابة لنداء يحمل المحبة والسلام لجميعِ الناس، نداء الأخوة الإنسانية.
وأعلن عبدالسلام عن إطلاق الموقعِ الرسمي لمبادرة «صلاة من أجل الإنسانية»، الذي يمثل قناة تواصل فاعلة لجميعِ المشاركين في هذه المبادرة، وسيكون بمثابة التوثيق الرقمي للبيانات والفعاليات ومشاركات الناس من جميعِ أنحاء العالم، التي تسبق المبادرة وتواكبها، وكذلك ليكون النواة لأرشفة جميع المبادرات والفعاليات والأنشطة والأحداث المستقبلية الخاصة باللجنة العليا للأخوة الإنسانية.
يؤانس لحظي: الإيمان بالله يوحد ولا يقسم
بدوره، قال المونسنيور يؤانس لحظي جيد السكرتير الشخصي لقداسة بابا الفاتيكان، عضو اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، إنها المرة الأولى التي تتجمع فيها البشرية جمعاء من أجل هدف واحد، وهو أن نصلي معاً، كل حسب دينه، للتأكيد أن الإيمان بالله يوحد ولا يقسم، معرباً عن أمله في أن توحد هذه الدعوة جميع الرجال والنساء في الدعاء لله كي يرفع عن البشرية هذه الجائحة.
وقال: لقد أركع  كوفيد-19 البشرية، وجعلنا نفهم هشاشتنا وحاجتنا إلى الوحدة كأخوة، لا يمكننا الخروج منه بشكل منفصل، إما أن نخرج منه معاً وإما لن يخرج منه أحد. وأضاف: في الواقع، لا يفرق الفيروس بين الأغنياء والفقراء، بين الغرب والشرق، بين الدول الغنية والنامية، فنحن متشابهون ومتساوون، نحن إخوة في الخطر وفي مجابهته.
ولفت إلى أن دعوة اللجنة العليا تتكلم أيضا عن العلم وتطلب من الجميع الصلاة، كي يلهم الله العلماء والباحثين ليكتشفوا قريبا لقاح، مؤكداً أنه لا يوجد تناقض بين الإيمان والعلم، بل تكامل، فالعلم بدون إيمان يبقى بدون أفق والإيمان بدون علم يبقى بدون دعم، وهذا أيضا من أهم دروس كوفيد-19.
إيرينا بوكوفا: العالم يواجه أزمة غير مسبوقة
من جانبها، قالت إيرينا بوكوفا الأمين العام السابق لليونسكو، عضو اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، إن العالم يواجه أسوأ أزمة منذ الحرب العالمية الثانية مع عواقب سياسية واقتصادية واجتماعية وإنسانية غير مسبوقة، ووصل الآن كوفيد 19 إلى كل دولة، مع ما يقرب من 4 ملايين حالة مؤكدة وأكثر من 270 ألف حالة وفاة في جميع أنحاء العالم.
وأضافت: حتى الآن لم نصل إلى ذروة المرض في أفقر دول العالم، ونحتاج من 3 إلى 6 أشهر أخرى لذلك، وهناك أربعة مليارات شخص يعيشون في حالة حظر، والتوقعات للاقتصاد العالمي تزداد سوءً يوماً بعد يوم، مما يتسبب في حالة بطالة هائلة واضطرابات على جميع المستويات، والأنظمة الصحية في العديد من البلدان تتعرض لضغوط شديدة.
وأشارت إلى أن وباء كوفيد 19، يكلف الاقتصاد العالمي تريليون دولار في عام 2020، وفقًا لتقديرات الأونكتاد، فيما تقدر منظمة العمل الدولية أن 1.25 مليار شخص في العالم إما سيصبحون عاطلين عن العمل، أو سيشهدون انخفاضاً في دخلهم، كما يمكن أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع الشديد من 135 مليوناً إلى 265 مليوناً.
وقالت إن النتيجة المدمرة هي في الاقتصاد الآخذ في الانكماش وفرص العمل، وزيادة التفاوتات وتصاعد الفقر، والخطر على جهود مكافحة تغير المناخ وضمان المسار المستدام للتنمية.
وأشارت إلى أن العالم يدخل فترة خطيرة للغاية مع عواقب وخيمة على السلام والأمن، فالفيروس لا يعرف الحدود الجغرافية، والأنظمة السياسية ولا الانقسامات العرقية والدينية، ويضربوالجميع في كل مكان.
أخوة بين جميع البشر
في الرابع من فبراير 2019 وقع فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، في العاصمة الإماراتية أبوظبي، وثيقة الأخوة الإنسانية، برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات للمسلحة. وسعى القائمون على الوثيقة أن تكون بمثابة دستور للتقارب وتحقيق السلام والأخوة بين جميع البشر باختلاف أديانهم وألوانهم وأعراقهم، ودليلٍ للأجيال القادمة يقودهم إلى عيش ثقافة الاحترام المتبادل. وتم تأسيس اللجنة العليا للأخوة الإنسانية؛ لتتولى مهمة تنفيذ المبادئ الإنسانية السامية التي نادت بها الوثيقة، وتحويلها إلى حراك عالمي تسهم فيه جميع المؤسسات والهيئات الدينية والدولية، ويقود إلى نهضة حقيقية في مجالات الحوار والسلام والتعايش والمواطنة والأخوة الإنسانية.