في السادس من مايو من كل عام يحتفي محاربو الحميات الغذائية باليوم العالمي للاحتفال بالـ(لا حمية)، الذي يهدف إلى قبول وتنوع واختلاف أشكال وأحجام البشر، والتوعية بمخاطر اتباع الحميات الغذائية. واختيرت الشريطة الزرقاء كشعار لهذا اليوم، الذي تم الاحتفال به لأول مرة في عام 1992، عندما قامت البريطانية ماري ايفنز يونج، وهي ناشطة نسوية، بإطلاق مبادرة لمحاربة الحميات الغذائية التي أصبحت في نظرها تجارة تتربح منها بعض الشركات التجارية، وطالبت من وسائل الإعلام التعريف بمخاطر التشدد في اتباع الحميات الغذائية، ونقض فكرة الشكل الأمثل للجسم، ورفع التوعية بحقوق أصحاب الأوزان الكبيرة ومناهضة ظاهرة الخوف من البدانة.
وفقاً لدراسة أجراها برنامج (عبء المرض العالمي) التابع لمنظمة الصحة العالمية، في مراقبة أنماط الاستهلاك للعوامل الغذائية منذ عام 1990 وحتى عام 2017 في 195 دولة، والمنشورة في مجلة (ذا لا نسيت)، تقدر وفاة شخص من بين كل خمسة وَفَيَات يموت بسبب سوء التغذية، أي ما يعادل 11 مليون وفاة سنوياً، إذ يسبب النظام الغذائي الخاطئ إصابة الأشخاص بمجموعة من الأمراض العضوية والنفسية المزمنة. وأكّدت نتائج الدراسة الحاجة الملحة إلى جهود عالمية منظمة لتحسين الأنظمة الغذائية، بالاشتراك مع مختلف وسائل الإعلام وأقسام الأنظمة والسياسات الغذائية، والتي تحفز الأنظمة الغذائية المتوازنة.

ضحايا الوزن
بينما يحتفل العالم بـ(اللا حمية)، هناك أشخاص تعرضوا لمخاطر صحية نتيجة اتباعهم أنظمة غذائية أو عمليات جراحية لخسارة الوزن، ومنهم من توفي بالفعل نتيجة ذلك. ومن أبرز ممن فقدوا حياتهم نتيجة السعي وراء نقص الوزن، كالفنانة المصرية سعاد نصر (54 عاماً)، التي دخلت في غيبوبة لأكثر من عام نتيجة جرعة بنج خاطئة، بعد أن خضعت لعملية شفط الدهون الزائدة في الجسم، مما أدى إلى وفاتها عام 2007. ووفقاً لصحيفة «ديلي ميل» البريطانيَّة، فإنَّ السيدة كلير هاكستابل (44 عاماً)، عندما وصل وزنها إلى 160 كيلو جراماً، بدأت تحلم بجسد رشيق، مما جعلها تخضع لاتباع حمية غذائيَّة قاسية، وتوقفت عن تناول الأطعمة غير الصحيَّة، ووجدت نفسها تخسر وزنها بشكل تدريجي ليصل إلى نحو 32 كيلو جراماً، مما جعلها ترقد في المستشفى في محاولة لاستعادة صحتها. كما سببت الحبوب المنحفة ديكسابرين، عام 2012، وفاة العدَّاءة كلير سكوايرز (30 عاماً) التي شاركت في ماراثون لندن، والتي قضت نحبها على بعد ميلٍ واحد من خط النهاية.

عمليات حيوية
تقول الدكتورة الأردنية فريدة طنوس استشارية الأمراض الجلدية الطب التجميلي والمعالجة بالليزر، إنّ جراحات تحويل مجرى المعدة أو تكميمها أو استئصال جزء منها، بهدف إنقاص الوزن، تُشعر المريض بالشبع جراء امتصاص الجسم كميات أقل من المواد المغذية من الطعام، وبالتالي لا يستفيد الجسم من جميع العناصر الغذائية المهمة كالفيتامينات والمعادن والبروتين والدهون والكربوهيدرات وغيرها، وبغض النظر عن تعرض الشخص للأمراض المرتبطة بنقص التغذية، فهي تضعف جهاز المناعة وقد تدمر أنسجة الأعضاء الحيوية تدريجياً. وأشارت طنوس إلى دراسة حديثة نشرتها مجلة JBMR Plus، إلى أن جراحات إنقاص الوزن، لا سيما جراحة تحويل المعدة، يمكن أن تؤثر بالسلب في عظام المرضى، بل وتجعلهم أكثر عرضة لخطر الإصابة بالكسور، بسبب تأثر العظام بسوء التغذية وافتقار الجسم للعناصر الغذائية المهمة لصحة الجسم والعظام تحديداً.

شيخوخة مبكرة
تؤكد طنوس أن هناك مخاطر جسيمة لاتباع الحمية الغذائية القاسية؛ إذ يمكن لمن يتبعون تلك الحميات الاستغناء عن أغذية تمد الجسم بعناصر مهمة، فبمجرد الانتهاء منها واتباع النظام الغذائي القديم يعود الجسم لحالته الأولى، وربما يتعرض للزيادة بمقدار أكبر، ويحدث العديد من المشكلات الصحية. وتوضّح: «تؤدي الحمية القاسية إلى إصابة الجلد بالترهلات، مما يعني أن علامات التقدم في العمر والشيخوحة والتجاعيد والخطوط الدقيقة  ستبدو واضحة على البشرة؛ نظراً إلى أن الجلد لا يحصل على العناصر الغذائية التي يحتاج إليها من أجل نضارته».

ضعف المناعة
تسبب الحميات القاسية، كما تقول الدكتورة كاتبة الربضي استشاري أمراض وزراعة الكلى وضغط الدم، إصابة الجهاز المناعي بالضعف، نظراً إلى أن الجسم لا يحصل على الفيتامينات والمعادن المهمة التي يحتاج إليها، وهذا «يؤدي إلى ظهور العديد من المشكلات الصحية والأمراض، مثل: ارتفاع الكوليسترول في الدم، وتساقط الشعر، وظهور الحصوات في المرارة، ونقص البوتاسيوم، وتراجع في وظائف الكلى وقصورها الشديد، الذي يمكن أن يؤدي إلى فشلها والاضطرار إلى الغسل الدوري».
وتؤكد الدكتورة الربضي أن رصد مستوى تركيز المواد النافعة في المواد الغذائية المختلفة وتنوع مصادرها، مع اتباع نظام حياتي نشط، يؤدي إلى تحقيق صحة بدنية مثالية، أسرع مما تحققه الحميات الضارة التي تمنع تناول الأطعمة المفيدة في أغلب الأحيان. كما تُشير إلى أهمية الاستماع لمتطلبات جسم كل فرد بشكل خاص، كتناول المواد الدهنية أو المالحة أو غيرها، من دون الإفراط، فهذا أفضل من التردد على عيادات الأطباء في محاولة لإنقاص الوزن في أسرع وقت مهما كانت النتائج.

الحمية الأفضل
تبعاً لأخصائية التغذية نورا الجعبري المتخصصة في إعداد برامج وحماية إنقاص الوزن، فإنه في حال الرغبة في خفض الوزن والتخلص من الكيلو جرامات الزائدة، وبدلاً من اللجوء إلى حمية صارمة يسوق لها على أنها الفضلى لتحقيق هذا الهدف، وقد لا تنجح في خفض الوزن إلا لفترة قصيرة يتم بعدها اكتساب الكيلو جرامات مجدداً، من الأفضل اللجوء إلى التغيير الصحي في نمط الحياة وفي النظام الغذائي المعتمد لبلوغ الوزن الصحي واستعادة الرشاقة. ويرتكز النظام الغذائي الصحي المتوازن كما تؤكد الجعبري على «الفاكهة والخضراوات واللحوم الخالية من الدهون والسمك والحبوب الكاملة والبذور والدهون الصحية»، مع التركيز على الإكثار من شرب الماء، والنشاط البدني.

علاج بالرياضة
بحسب بطل الملاكمة الكابتن أنس زكريا الباحث في العلاج السلوكي بالرياضة، إنه إذا قام المرء باستبعاد الدهون والكربوهيدرات تماماً من نظامه الغذائي? ?لفترة، فإن وزنه سينخفض، ولكنه يفقد الماء، ?وتكمن المشكلة عند استبعاد مجموعات غذائية تماماً في ظهور أعراض نقص? ?تغذية وأمراض خطيرة.????? موضحاً: «تتطلب العضلات عملاً مستمراً للحفاظ عليها، ويمكن أن تؤدي بعض الممارسات الخاطئة إلى فقدان العضلات وليس الدهون، وحينها ستلاحظ خسارة الوزن ولكن الجسم يحتفظ بالدهون كما هي». ولتجنب فقد العضلات ينصح بالالتزام بتناول ثلاث وجبات عند اتباع رجيم لخسارة الوزن، وممارسة الرياضة يومياً وبانتظام، خصوصاً التمارين القلبية التي تساعد على بناء كتلة العضلات وتعمل على حرق الدهون بشكل أكثر فعالية وترفع التمثيل الغذائي، مع الحرص على شرب الكثير من الماء.

تأثيرات نفسية
تُعتبر اضطرابات الأكل واحداً من الأمراض النفسية الخطيرة التي تنطوي على اختلالات تصيب سلوكيات الأكل، وهذا من شأنه أن يسبّب أضراراً خطيرة على الجسم، قد تكون قاتلة. تقول الدكتورة ليال عباسي استشارية الطب النفسي والأمراض العصبية، إنّ اضطراب الأكل هو اضطراب عقلي يُعرف بأنه عادات غذائية غير طبيعية، تؤثر سلباً في الصحة البدنية أو العقلية للشخص، وتشمل اضطراب نهم الطعام، حيث يأكل الشخص كمية كبيرة في فترة قصيرة من الوقت، وفقدان الشهية العصابي، حيث يأكل المريض كمية قليلة جداً ويعاني النحافة المرضية بينما يظن نفسه سميناً، والنهم العصبي حيث يأكل الشخص كميات كبيرة، ثم يحاول التخلص من الطعام بالقيء أو المسهلات والرياضات العنيفة. وتؤكد الدكتورة عباسي أن الضغوط الاجتماعية التي تمارس بتحفيز من وسائل الإعلام، التي تضع صورة نمطية للجسم المثالي ومقاييس الجمال المرتبطة بالنحافة؛ تؤدي إلى الهوس بالرشاقة وبنهج أنظمة غير صحية لإنقاص الوزن، ومن اللافت للنظر وجود ضعف في قيمة الذات لدى المصابين بفقدان الشهية والشره المرضي، إذ يشعرون بأن حياتهم مثيرة للقرف.

القوام الممتلىء أذابه السكر
المغنية وكاتبة الأغاني الإنجليزية أديل (32 عاماً)، والحائزة مجموعة من أرفع الجوائز العالمية، تعتبر من أشهر الشخصيات التي شقت طريقها الفني بجسم ممتلئ ووزن كبير، إبان ظهورها في عام 2008.وسرقت أديل الأضواء حتى أصبحت أهم النجمات على السجاد الأحمر برغم حشمتها الواضحة وأسلوبها المختلف في الأزياء وعدم اهتمامها بضغوط الإعلام حول مسألة الرشاقة.
ونالت أديل العديد من التعليقات الجارحة حول مسألة قوامها الذي لا يناسب معايير الشهرة وذلك من خبراء الموضة وبعض الجمهور، إلا أنها لم تلقِ بالاً لكل هذه الانتقادات وأثبتت أنها قادرة على المنافسة، بل وتحقيق شهرة لم تحققها فنانات أخريات يتمتعن بالقوام الرشيق وكافة معايير الشهرة. قبل أن تظهر في العام 2005 بوزن رشيق نوعاً ما، رادة التغيير في قوامها، لتقليلها من استخدام السكر في طعامها وشرابها، مؤكدة أن المعدل الصحي لاستهلاك السكر لا يزيد على 6 ملاعق  ملاعق يومياً في جميع الوجبات والمشروبات.

مهمة صناع الأغذية:
ينادي مناهضو برامج الحمية والتخسيس، صُناع الأغذية مراعاة ما يلي في إنتاجاتهم الغذائية:
• خفض محتوى الدهون والسكريات والملح في الأغذية المجهزة.
• ضمان إتاحة الاختيارات الصحية والتغذية بتكلفة ميسورة لجميع المستهلكين.
• فرض قيود على تسويق الأغذية المحتوية على نسب عالية من السكريات والأملاح والدهون، وخصوصاً الأغذية الموجهة إلى الأطفال والمراهقين.
• ضمان إتاحة الاختيارات الغذائية الصحية ودعم النشاط البدني المنتظم في مكان العمل.