بجناحين من الوعي الإنساني والرحمة، حلقت التشكيلية الإماراتية نســــاء الشــحي بأعمالها الفنية عالياً في فضاء الإبداع والتميز، واستطاعت خلق آفــاق مـــن الحلم والأمل والتفــــاؤل علــى المشـــــهدين المحلـي والعالمي، وعرجت ريشـــــتها في رحلة اســتثنائية نحو اللون والكـون والمعنى لتضع بصمتها الخاصة، وتصــوغ مفهــــوماً جديداً للحيـــاة. «زهرة الخليج» تضيء على تجربتها.
• لماذا ولجت في عالم الرسم والتشكيل والتصميم؟
- البداية كانت لحظة فضول وتحدٍّ ولدت بداخلي الأسئلة، مثل ماذا لو قررت أن أدرس شيئاً لم يعتده الناس؟ وأن أعيش تجربة جديدة لم أخطط لها سابقاً؟ ماذا لو أظهرت لمن حولي أن بداخلي موهبة لم أكن أنا نفسي أعرفها عني؟ وظلت الأسئلة تتدفق لعقلي، فقررت بعدها أن ادخل عالم الفن لأكتشف غموضه وأكتشف نفسي فيه.
• صفي لنا كيف تجاوزت هذا التحدي؟
- كان التحدي الأكبر هو كيف أثبت لأهلي أولاً أنني اتخذت القرار الصحيح باختياري الفن لإكمال دراستي فيه، ومن بعدها كمهنة وثانياً للمجتمع التقليدي أن عالم الفن أصبح أكثر تأثيراً من ذي قبل. وبعد التجارب والخبرات التي اكتسبتها من خلال دراستي الجامعية، استطعت المشاركة في عدة معارض فنية، ونظمت عدداً من الورش التدريبية في صنع المجسمات و الرسم على القماش، كما أسست عملي الخاص الذي يعتمد على إنتاج كل ما يختص بالقطع الفنية.
• كيف استطعت التعبير عن شريحة «أصحاب الهمم» من خلال التشكيل؟
- هم جزء أساسي من مجتمعنا، تصميمي لمعلم يعبر عنهم في حد ذاته ليس تجسيداً لقدراتهم فحسب، إنما تعايش وإيمان بهم وبقدراتهم المميزة، استوحيت فكرة التصميم من الشعار الرئيسي للأولمبياد الخاص، حيث بدأت بتصميم الجناحين اللذين يرمزان للقوة والأمل والتميز والحرية، ثم أعدت تصميم إطار الشعار الرئيسي ليتناسب مع فكرة المتاهة، لتجسيد فكرة أن جميع الناس على كافة الفئات يواجهون العديد من المصاعب والتحديات، ولكن في نهاية الأمر كل إنسان يستطيع أن يصل إلى المخرج المناسب والهدف الذي يريد أن يبلغه مهما كان حجم التحدي بالإرادة والإصرار.
• بأي لغة يحاور النصب التذكاري الخبرة الإنسانية؟
- الهدف الرئيسي من بناء النصب التذكاري في إمارة رأس الخيمة، تخليداً لذكرى استضافة الحدث العالمي الإنساني (الألومبياد الخاص 2019) في دولة الإمارات، وإتاحة الفرص لكل زائر ليتفاعل معه ويستشعر المعاني السامية التي كانت خلف تصميم هذا الإرث التاريخي. لذلك اخترنا الفن ليكون اللغة التي تحاور كل من سيزور هذا المعلم.

رؤية مختلفة
• هل استطعت نحت أسلوبك التشكيلي الخاص على صخر الواقع الإنساني؟
-الواقع الإنساني مزدحم جداً لذلك فأنا دائماً أذكر نفسي بهذه المقولة (فكر بما لم يفكر به أحد من قبلك)، لذا أحاول أن أنظر للفكرة بشكل مختلف، أبحث عنها وأجربها، أرسمها عدة مرات لأعيش تفاصيلها، ولأجسدها بطريقة ملموسه ترضي مخيلتي، وبعد مروري بالعديد من التحديات والتجارب في مختلف المجالات، اكتشفت بعضاً من نفسي وما زلت أكتشف، لكن استطعت بإنجازاتي أن أخلق لي هوية من خلال أعمالي الفنية والمواد التي أستخدمها وطريقة عرضي لها والتي تضيف لي الاختلاف كفنانة إماراتية.
• استهدافاً لصدقية فعل الفنان الذي يجد نفسه مدفوعاً للتورط في قضايا عالمية، فكيف تعاملت مع مشكلة البيئة والمناخ عبر فنك؟
- تربطني بالطبيعة علاقة عميقة وخاصة ببيئة دولة الإمارات الصحراوية، استخدامي للمواد الطبيعية الخام في أغلب أعمالي أعتبره إعادة تدوير، لكونها مواد مهملة، مهجورة في بعض الأماكن مما يساعد حتى لو بشكل بسيط في التقليل من بعض المشاكل البيئية وفي المقابل هناك إنتاج وارتباط عميق بين الفن والطبيعة. فتركيزي هو استخدام مواد طبيعية لإنتاج مزيج من الفن المعاصر/ التفاعلي والمحتوى البيئي. فأعمالي تتميز بالوطنية، فمصدرها أرض دولة الإمارات تكويناً وفكراً وتخيلاً، وصداها لا حدود له فهي حلقة وصل بين تراث هذا البلد وحداثة العالم المعاصر.
• من أين تأخذ تجاربك الفنية إلهامها؟
- أصغر التفاصيل تجذبني، وعلى الرغم من دقتها وصغر حجمها إلا أنها قد تكون مصدراً أساسياً لفكرة في إحدى لوحاتي أو أعمالي الفنية. الأدوات الغريبة أو بقايا المواد تلفت انتباهي دائماً، وترفعني لإعادة صياغتها عن طريق الفن المفاهيمي ولكن لا أنكر أن الطبيعة والبشر هم المصدر الأكبر الذي أستوحي منهم أفكاري.

تعبير ولغة
•هل استطاعت مشاركتك في معرض عطايا الأخير أن تشعرك بالرضا؟
- عطايا منصة للخير والعطاء اللامحدود، واختياري لأكون ضمن الفنانات الإماراتيات اللاتي تم ترشيحهم من قبل  مجلة «زهرة الخليج» للمساهمة في غرض إنساني لاستثمار مواهبي الفنية، في دعم الأطفال المصابين بالتشوهات الخلقية هو شرف كبير لي. وبشكل عام المعارض الخيرية و الفنية تعطينا نحن كفانين محليين فرصاً للتحاور مع فنانين آخرين والاستفادة من خبراتهم والإطلاع على تجاربهم.
 • ما أنواع التشكيل الفني التي تستطيع أن تعبر عن الوجود الأنثوي؟
- عالم الفن حرية تعبير ولغة يتحدث بها الفنان سواء كان رجلاً أم امرأة. وكوني أنثى لا يعني ذلك استخدامي مواد سهلة لأعكس الفن بعالم وردي، فأنا أستخدم الخشب والمواد الصلبة في أغلب أعمالي وأذهب للمصانع لأشرف ولأكون جزءاً من قطعي الفنية، فالوجود الأنثوي أصبح يقاس بالإنجازات على المستويين المحلي والعالمي.