عمر آدم

في ظل الأحداث الراهنة، التي تحتاج العالم، جراء  وباء كورونا المستجد «كوفيد 19»، ألقى فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، كلمة وضح فيها حكم دفن شهداء الوباء المستجد، مديناً أهل بلدةٍ رفضوا دفن طبيبة توفيت جراء الإصابة بالمرض وهي تؤدي واجبها المهني والوطني.
وقال شيخ الأزهر في كلمته التي ألقاها عبر منصة (الفيسبوك) الرسمية بمجمع البحوث الإسلامية - الأزهر الشريف: «تابعنا جميعاً ما انتشر في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي من مظاهر التنمر والسخرية من مصابي فيروس كورونا المستجد وضحاياه، وهو أمر خطير بل مرفوض شكلاً وموضوعاً، فهذا الوباء قد ابتلى الله به البشرية من مشارق الأرض ومغاربها، وهذا ما يفرض علينا جميعاً أن نتكاتف في مواجهته حتى يتم القضاء عليه بإذن الله تعالى، وعليه فلا يصح ولا يجوز أبداً لا شرعاً ولا مروءة أن يسخر إنسان من إنسان آخر أصيب بهذا الوباء أو مات به أو يتنمر ضده، بل الواجب هو أن يدعو له ويتضامن معه، وألا يسخر منه بكلمة أو نظرة أو فعل أو قول يؤذي المصاب أو أهله».
وأضاف الطيب قائلاً: «قد أحزنني كثيراً، كما أحزن جموع المصريين، أن نرى بعض أبناء وطننا يرفضون استلام جثث ذويهم ممن ماتوا بهذا الوباء أو دفنهم في مقابرهم، وهو أمر محرم شرعاً ومجرم أخلاقاً وإنسانياً، وكان على هؤلاء المسيئين أن يعلموا بل يتعلموا أن للموت مهابة وجلالاً وله عظة عملية بالغة، يجب أن يستحضرها كل إنسان حين يطرق سمعه حديث عن الموت أو كلما رأى جنازة ميت".
 وأشار الدكتور الطيب إلى أن "الرسول صلى الله عليه وسلم كان يهب واقفاً حين تمر به جنازة احتراماً للموت وإجلالاً لأول منزل من منازل الآخرة، كما يجب أن يعلم هؤلاء أنهم صائرون لا محالة إلى نفس المصير".
 وأكد فضيلة شيخ الأزهر أن "على المسلمين أن يتذكروا أن شريعة الإسلام تطالبهم بالإسراع في تجهيز الميت والتعجيل بدفنه، مع الالتزام الصارم بما تصدره الهيئات الصحية والجهات المختصة بشأن من يتوفون في ظروف استثنائية، مثل ظروف الوباء الذي يضرب البلاد والعباد في هذه الأيام».

وذكر الطيب الناس بحرمة الميت قائلاً: «التجمهر في وجه جنازة الميت ورفض دفنه في مقبرة بلده ومسقط رأسه هو انتهاك صريح وغير آدمي لحرمات الموتى التي تعارف عليها كل الناس شرقاً وغرباً، مؤمنين وغير مؤمنين، وإن من أسوأ الأخلاق وأحطها منزلة استغلال الموت وجثث الموتى للمتاجرة بها في سوق المصالح الهابطة التي يلعن الله المتاجرين فيها وتلعنهم الملائكة وكل مخلص لله تعالى ولا يرهن ضميره وعقله للعابثين بالأديان والأوطان».

وأوضح الإمام الأكبر قائلاً: «إنني إذ أتحدث إليكم في هذه الظروف الصعبة من تاريخ الإنسانية، ولثقتي بوعي الشعب المصري وحكمته وحرصه على التوحد والتكاتف والوقوف صفاً واحداً لعبور هذه الأزمة بإذن الله تعالى في سلام وأمان».

واختتم شيخ الأزهر خطابه مناشداً المجتمع المصري والعالمي: «أقول للجميع إن المصابين بهذا الوباء والمتضررين بسببه هم جزء منا، وعلينا دعمهم ومعاونتهم، ولكل متوفى في هذه الأيام ولأهله علينا واجب تقديم كل الحقوق الشرعية والاجتماعية. فالمصريون كلهم نسيج واحد وينتمون إلى تراب واحد. نسأل الله العفو والعافية».