تعرف منظمة الصحة العالمية سرطان القولون والمستقيم (Colorectal Cancer) بأنه ثالث أكثر أنواع السرطان شيوعاً لدى الرجال وثاني الأنواع شيوعاً لدى النساء في أنحاء العالم. وهو يؤثر في الأمعاء الغليظة التي تشمل القولون والمستقيم. وأن معظم حالات سرطان القولون والمستقيم تبدأ على شكل أورام حميدة صغيرة على جدار القولون، ويمكن أن تقلل الفحوصات الدورية  هذا المرض بشكل كبير وتقي الإصابة به.
يقول الدكتور ماهر عباس، الطبيب الجرّاح للقولون والمستقيم في مستشفى الزهراء دبي، إنه في عام 2018 أفادت منظمة الصحة العالمية بوجود 1.8 مليون حالة إصابة بسرطان القولون والمستقيم في جميع أنحاء العالم، منهم 862.000 حالة وفاة. وفي عام 2017 كشفت هيئة الصحة في أبوظبي (HAAD) عن أنّ أغلبية حالات سرطان القولون والمستقيم (بنسبة 63?) تم اكتشافها في مرحلة متأخرة، علماً بأنه يمكن علاج 90? من سرطان القولون والمستقيم بنجاح إذا تم اكتشاف المرض مبكراً.
وبما أنّ سرطان القولون والمستقيم يصيب الرجال والنساء على حدٍّ سواء، فمن المستحسن أن يجري المرء فحصاً دوريّاً عند بلوغه سن الـ45. وهنا نشير إلى أنّ كلّ مريضٍ يعاني نزفاً مستجدّاً أو تغيّراً في حركة الأمعاء أو إمساكاً أو ألماً في البطن، بصرف النظر عن عمره أو التاريخ الطبي لعائلته، ينبغي أن يخضع للفحص المبكر للسرطان.

الفحص بالمنظار

يوضح الدكتور ماهر بالقول: «يؤثر سرطان القولون والمستقيم على الأمعاء الغليظة التي تشمل القولون والمستقيم، مع الإشارة إلى أنّ القولون مسؤول عن امتصاص الماء من البراز، فيما يُعتبر المستقيم بمثابة خزانٍ للبراز». ويؤشر إلى أن الفحص بالمنظار هو الإجراء الأفضل لفحص القولون بحثاً عن الأورام الحميدة، وكذلك عن السرطان، وهو يستلزم استخدام أنبوب طويل مزوّد بكاميرا صغيرة للتصوير داخل القولون، ويتم استخدام مخدّر عند إجرائه ويعد آمناً طبياً  ويمكن للمريض تحمله بسهولة. ويضيف: «للأسف أغلبية سرطانات القولون والمستقيم تتطوّر من أورام حميدة غير سرطانية في البداية (نمو أنسجة غير طبيعي تشبه نتوءات صغيرة مسطحة أو دوال صغيرة أشبه بالفطر)، وعند اكتشاف الأمر مبكراً، يمكن إزالة الزوائد اللحمية بسهولة عبر المنظار، للوقاية من تحوّلها إلى سرطان القولون والمستقيم. كما تتوافر خيارات أخرى متعدّدة للكشف عن هذا السرطان، مثل تحليل البراز بحثاً عن وجود دم. أما الخياران الأكثر استخداماً فهما فحص البراز التقليدي Guaiac والفحص الكيميائي المناعي للبراز FIT، ويُعتبر «الكالبروتكتين» خياراً مفيداً للكتشف عن الالتهاب في القولون».

فوق الـ45 عاماً

يقول الدكتور ماهر عن أهمية فحص سرطان القولون والمستقيم: «الفحص ينقذ حياة الناس. وبصفتي استشارياً في جراحة القولون والمستقيم، ألمس كل يوم وبصورة مباشرة المعاناة التي لا داعي لها لمرضى تأخروا كثيراً في إجراء الفحص، ويعانون مراحل متقدمة من سرطان القولون والمستقيم. هذا السيناريو السيئ يمكن للمرء تجنبه إذا أجرى فحصاً دورياً لسرطان القولون والمستقيم. لذلك أنصح بشدة بالكشف المبكر عن سرطان القولون والمستقيم لدى الاختصاصيين المناسبين، وهم جرّاحو القولون والمستقيم واختصاصيّو أمراض الجهاز الهضمي، فهؤلاء تم تدريبهم بشكل احترافيّ على إجراء منظار القولون لتقييم حالة المريض، وللكشف عن أعراض محددة مثل النزف في المستقيم أو الإسهال أو الإمساك أو آلام البطن أو الانتفاخ». وحول عدد المرات التي يجب أن يجري الإنسان بها الفحص، يؤكد: «بالنسبة إلى المرضى ذوي المخاطر المتوسطة (أي الأغلبية) يجب البدء بفحص سرطان القولون والمستقيم فوق الـ45 عاماً. في الحد الأدنى يجب إجراء تحليل للبراز وإجراء التنظير اللازم للقولون، ويعتمد تكرار أي منظار للقولون على نتائج الفحص الأول. أما الذين يخضعون لفحص عادي، فأنصح بتكرار تنظير القولون كل 5 أو 10 سنوات. وبالنسبة إلى المرضى الأكثر عرضة للإصابة بسرطان القولون والمستقيم، كأصحاب التاريخ العائلي الحافل بالمرض، أو الذين عانوا طويلاً أوراماً حميدة في القولون والمستقيم فيقرّر الطبيب تكرار الفحص في أوقاتٍ متقاربة».

أعراض شائعة

معظم المرضى الذين يعانون أوراماً حميدة في القولون والمستقيم، أو من سرطانٍ مبكر لا تُلاحظ لديهم أيّ أعراض على الإطلاق. في مرحلة لاحقة، يمكن للأعراض أن تتطور وتتراوح بين تغيّر في عمل الأمعاء وألم في البطن، وظهور دم فاتح اللون في البراز، أو براز أسود، أو فقدان غير مبرر للوزن. وفيما يمكن لحالات أخرى، غير سرطان القولون والمستقيم، أن تسبب أعراضاً مشابهة، بما في ذلك العدوى والتهاب الأمعاء المرضي ومتلازمة القولون العصبي والبواسير، فمن المهم التحقق من طبيعة الحالة عبر إجراء التشخيص المناسب. يضيف الدكتور ماهر: «سرطان القولون والمستقيم هو السبب الثاني أو الثالث للوفيات المرتبطة بالسرطان في الولايات المتحدة الأميركية، بين السرطانات التي تصيب الرجال والنساء على حدٍّ سواء. تُسجّل حالات جديدة من سرطان القولون والمستقيم بمعدلات متزايدة في أوساط الشباب ومَنْ هم في منتصف العمر، حتى لدى من ليس في سجلهم العائلي سوابق مرضية. لذلك من المهم جداً إجراء الفحص، مع التنبه إلى أن أعراض هذا المرض قد لا تظهر حتى مرحلة متقدمة».

عوامل مساعدة

 يلعب نمط الحياة الحديثة دوراً أساسياً في زيادة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، وغالباً ما يؤدي النظام الغذائي الغنيّ بالدهون، والأغذية المصنعة، والتدخين وأسلوب الحياة الخمول، أو الزيادة في الوزن إلى تعريض الشخص لخطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، بالإضافة إلى حالات معينة مثل التهاب الأمعاء المرضي أو التهاب القولون التقرحي، يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.