رمضان شهر اللقاءات العائلية الحميمة، وارتقاء الروح بالفضائل والعادات الجميلة، لكنه في الوقت ذاته شهر الاستمتاع بتناول الطعام بلا قيد، السهر والخمول وربما التعب، إذ تختلف الكثير من العادات الغذائية والصحية، وتتغير بعض السلوكيات اليومية بحكم طبيعة الشهر، والتي قد تسبب الإرباك والمشكلات الجسدية لبعض الصائمين. «زهرة الخليج» تقدم حزمة من النصائح والحلول للتخفيف من الآثار الناتجة عن الصيام.

عادات غير صحية

هل يؤثر الصيام مع عادات الأكل غير الصحية سلباً فيالجسد؟ عن هذا السؤال تجيب ندى زهير الأديب، خبيرة الغذاء والتغذية، مديرة إدارة التغذية المجتمعية في مستشفى توام، بالقول: «عدم الالتزام بتناول الطعام المعتدل والإفراط في تناوله، يتناقض ويتعاكس مع هدف الصوم، بجانب أنه سيؤدي إلى زيادة الوزن والسمنة والمضاعفات المرتبطة بها، مثل داء السكري وأمراض القلب».
تضيف الأديب: «الإفراط في تناول الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية أو الدهنية أو السكرية يؤدي لاحقاً إلى زيادة الوزن وعسر الهضم، والارتجاع المعدي المريئي أو اضطرابات القولون، كما أن استهلاك كميات كبيرة من الطعام قد يؤدي إلى مشاكل صحية، إذ تعد آلام البطن واحداً من أكثر الأمراض شيوعاً في رمضان، نتيجة الإفراط في تناول الطعام. ويحدث هذا عندما يأكل الفرد بسرعة كبيرة فور انطلاق أذان المغرب، فتناول كمية كبيرة من الكربوهيدرات ينفخ البطن وتنتج عنه آلام في المعدة، ويمكن أن يزيد من خطر الإصابة باضطرابات النوم».
تقدم الأديب الحل، بالقول: «كي نوازن بين متعة تناول الطعام في هذا الشهر، والمحافظة على صحاتنا وأوزاننا، لا بد أن ندرك أن جزءاً من فوائد الصيام هو مساعدتنا على تحسين نمط حياة أكثر صحياً، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات المجتمعية وتعزيز التعاطف والإحسان. وأفضل طريقة للوقاية من أي مرض هي التخطيط لتناول وجبة الإفطار مقدماً والتأكد من أنها خفيفة مقترنة بالسوائل للحفاظ على رطوبة ونشاط الجسم».

جسد رياضي

فيما يخص اللياقة البدنية، تؤكد أخصائية التغذية بسمة هنداوي: «الصوم في حد ذاته عامل رئيسي في المحافظة على اللياقة، فممارسة الرياضة في شهر رمضان من أفضل العادات الصحية، التي تزيد من كفاءة عمل الجسم على التخلص من السموم، كما أنها تقي الجسم الإصابة بالعديد من الأمراض، فالشهر يعد فرصة عظيمة للمحافظة على جسم صحي، ولن يتحقق ذلك إلا بممارسة الرياضة، التي تساعد على زيادة كفاءة عمل الكبد، وتنشط عملية التمثيل الغذائي وحرق السعرات الحرارية الزائدة».
أما عن أفضل وقت لممارسة الرياضة، فتؤكد هنداوي: «بعد الإفطار بساعتين، يفضل القيام بتمارين رياضية خفيفة، وليست مثل رياضة المشي والقفز بالحبل وركوب الدراجة ورياضة الأيروبيك». ولا تنصح هنداوي بممارسة الرياضة في نهار رمضان، خاصة في الأجواء الحارة، حيث تحذر من عواقبها، قائلة: «ممارسة الرياضة تفقد الجسم كمية كبيرة من سوائله، فينتهي المطاف به إلى الهبوط وانخفاض مستوى السكر في الدم، ويفضل في كل الأحوال ألا تزيد ممارسة الرياضة على ساعة خلال اليوم، كما لا يفضل ممارسة الرياضة قبل السحور».

توازن نفسي

الدكتور علاء رجب، استشاري الصحة النفسية، ينصح بالاستفادة من الشهر الفضيل في تنمية الشخصية وتحمل المسؤولية، والتي تقود الصائم إلى النقاء الروحي والسلام النفسي، شارحاً بالقول: «الصيام يدرب الإنسان، وينمي قدرته على التحكم في الذات، وتصبح غرائزه تحت سيطرة الإرادة وقوة الإيمان، فيشعر الصائم بالطمأنينة والراحة النفسية، ويخلص النفس البشرية من الكثير من المشاعر السلبية التي تملؤها».
وللمحافظة على التوازن النفسي، يقترح الدكتور رجب: «علينا وضع خطة منظمة للإقلاع عن العادات السلوكية الخاطئة، ويعتبر شهر رمضان فرصة للتدريب على التعايش السلمي ونبذ السلبية، لذا يجب علينا أن ندرك الخلل الداخلي ونواجه ذلك بدعم روحاني، يسلب منا كل ما هو سيئ ويدعم بداخلنا القيم والسلوكيات الإيجابية، والتمرين الأمثل لذلك هو وضع قائمة بالإيجابيات وأخرى بالسلبيات التي يجب الإقلاع عنها تدريجياً، حتى نصل إلى نتائج إيجابية في حياتنا، وكذلك الارتقاء وتطوير صحاتنا النفسية».  
يشير رجب إلى العادات الخاطئة في رمضان، مفصلاً، كعدم الالتزام بمواعيد العمل وتأجيل الكثير من الإعمال، مضيفاً: «يجب الاقتداء، بمن يعتبر أن رمضان شهر الإنجاز، فالكثير من الأعمال يمكن القيام بها، بتنظيم الوقت ومن دون صعوبات، كما يجب توفير الجهد عن طريق التغذية الصحية وعدم التركيز فقط علي كميات الطعام والحلويات، وكذلك النوم بشكل كافٍ وعدم الاستسلام للجلوس أمام الشاشات لمتابعة الأعمال الدرامية، ولن يتم ذلك إلا بوضع خطة في حياة كل شخص، ليستثمر كل منا ذاته إلى أقصى حد ممكن، لتحقيق الفوائد والتقليل من مشاكل عدم الاتزان السلوكي والنفسي».