البقاء في المنزل، التباعد الجسدي  بين الناس، والحجر الصحي، والاحتكاك الدائم مع أفراد العائلة، جراء فيروس كورونا المستجد كوفيد 19، وضع قد يدفع بالكثيرين إلى الوقوع تحت وطأة الضغط النفسي، فضلاً عن حالات الذعر وعدم الشعور بالأمان التي تصيب البعض. الدكتور علاء رجب استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، يجيب عن أهم الأسئلة الواردة بخصوص التعامل النفسي الأمثل مع هذا الوباء، واحتواء المشاكل الناتجة عنه.

* كيف أثر انتشار فيروس كورونا في الحالة النفسية للناس؟
- هناك من لم يشغله التفكير فيه، وبعضهم تحركت مشاعره بنوع من الحذر، وهناك من بدأ يتابع خطوات انتشاره وتقبل الإجراءات الاحترازية، ورغم ذلك سيطر جو من عدم التصديق وظهور سلوكيات للأسف شجعت على انتشار الوباء بشكل كبير، ومما لا شك فيه احتل فيروس كورونا منطقة الخوف الفعلي داخل وجدان وإحساس أكثر من 90% من سكان العالم.

* كيف يمكن مواجهة القلق والتوتر تجاه الفيروس؟
- هناك اختلاف في البنية النفسية للأفراد، لذلك هناك ردود أفعال متباينة تجاه المواقف الخطيرة في حياتنا، وهناك من يترقب بقلق نفسي يدفعه أحياناً إلى نوبات من البكاء المتواصل أو الصمت الحزين لما يدور، وهناك من يأخذ الاحتياطات والشروط الآمنة للحماية الطبية والمجتمعية وهذا يسهم في خفض معدلات الخوف والقلق، ومع انتشار برامج التوعية الصحية وانخفاض الإصابات نتيجة اتباع التعليمات، تحسنت إلى حد ما نفسية البعض. ولكن لا تفوتنا الإشارة إلى وجود حالات من الخروج عن الطبيعة الإنسانية مثل انتشار فيديوهات مضحكة عن العزل المنزلي، ويكفي القول إن هناك ملايين الفيديوهات المنتشرة الآن حول التعبير عن آثار ذلك الفيروس بطريقة اجتماعية طريفة تحمل الهروب من الخوف والقلق بأسلوب ساخر.

* هل توجد حالات أصيبت بفوبيا كورونا؟
- بالفعل هناك حالات مصابة، وذلك الانتشار الرهيب للعدوى وكذلك نشر الشائعات حول المرض بشكل مرعب، وهناك من البشر لديهم ما يسمى بالهشاشة النفسية وهم سريعو الإصابة بالفوبيا، ونجد أن الأمهات الأكثر إصابة بتلك الفوبيا خاصة ما بين سني الـ40 والـ50.

* كيف نتعامل مع الأطفال في ظل اتباع الإجراءات الاحترازية؟
- يجب علينا أن نشرح لهم الأمر ببساطة، من دون بث لغة الرعب في قلوبهم، حقيقة ذلك الفيروس، خلق بيئة تلائم طبيعة مرحلة الطفولة داخل المنزل، وزيادة مشاركة الآباء مع الأمهات في دعم نفسي لأبنائهم، بالحديث معهم ومشاركتهم بعض الألعاب داخل المنزل، وكذلك تنويع الأنشطة التي تعتمد على الذكاء، سيخفف من الضغوط النفسية عن الأبناء وخاصة أنهم في حالة تغيير شامل من حالة دراسية منتظمة إلى حالة تعليم عن بعد.

* كيف نعالج الملل؟
- الجلوس بالمنزل فرصة ذهبية لأن تعود حياتنا لطبيعتها كما كانت أسرنا في السابق، عندما كان الكل يجتمعون على وجبات الطعام وتبادل الحوار ومناقشة الحياة الماضية في كل جوانبها، فالبيت له حق أصيل في حياتنا التي نفعل من قبل فيها كل شيء إلا الجلوس في البيت، فهي فرصة لتجديد العلاقات بين الأزواج الذين أصابتهم سرعه الحياة بالبرود العاطفي، لذلك لا يجب أن نتعامل مع الأمر بملل.

* ماذا عن المشاكل العائلية والزوجية الناتجة عن الاحتكاك غير المتعود؟
 - أجد أن الحجر المنزلي إجازة تعد فرصة ذهبية لالتقاط الأنفاس، لعودة الحياة الزوجية بقوة لوضعها الطبيعي، وفهم طبيعة كل من الزوج والزوجة لتلك الفترة الحرجة يجعلهم شركاء في المسؤولية، ويحاول كل طرف أن يعالج كل تقصير من قبل بالهدوء والفهم، واحترام كل منهما الآخر يجدد التقارب ويلهم المشاعر، أحاسيس قد تكون مفتقدة بينهم نتيجة الحياة العصرية الحديثة.