بعد استراحة محارب عاشتها النجمة المصرية غادة عبد الرازق خلال الفترة الماضية، تعود للساحة الفنية من جديد بعملين الأول، مسلسل درامي بعنوان «سلطانة المعز» سيعرض في الموسم الدرامي الرمضاني الذي سينطلق قريباً. والثاني، فيلم سينمائي بعنوان «حفلة 9» سيعرض في إجازة عيد الفطر. ويضاف إليهما على الصعيد الخاص المزيد من الثقة بالنفس وقوة الشخصية، غير آبهة بأي تنمر تتعرض له عبر منصات التواصل الاجتماعي.. فماذا تقول لقراء «زهرة الخليج» في أحدث حواراتها؟
* هل أنت مع فكرة أن يعيش الفنان استراحة محارب، أم عليه دوماً أن يعمل ويلهث؟
- على الفنان أن يكون طاقة إشعاع، لكن أحياناً يصاب، رغماً عنه، بالإجهاد والتعب، فيرغب في الراحة ويتوقف قليلاً، حتى يخطط ويعرف ماذا سيفعل في الفترة المقبلة؟ والى أين يريد الوصول؟ مثلاً، بالنسبة إليّ «ساعات بحس أني تعبانة جداً ومجهدة.. وأقرر أن أرّيح ولا أعمل السنة دي»، لكن سرعان ما يعرض عليّ عمل جيد يستفزني، فلا أستطيع الاعتذار عنه أو رفضه، فأتخذ قراراً بخوض التنافس الرمضاني.

نجومية وأضواء

* ألم تملّي من النجومية والأضواء والفن؟
-  تصيبني حالات ملل، عندما لا أجد أو لا أعرف كيف أقدم عملاً جيداً.
* وما نتيجة هذا الملل؟
- مرت بي حالات ملل، أصبت بسببها باكتئاب.
* كيف خرجت من هذا الاكتئاب؟
- كنت أعيش رحلة بحث عن شيء جديد أقدمه، وأبقى بذات الحالة إلى أن أجد نصاً ودوراً يشجعانني على تقديمهما، وحينها يذهب عني الاكتئاب وأتعايش مع الشخصية الجديدة التي سأقدمها، وأبدأ أخطط لها ولنجاحها.

«سلطانة المعز»

* ماذا تقولين عن مسلسلك «سلطانة المعز» الذي تنجزينه لموسم رمضان 2020؟
- تدور أحداثه في إطار اجتماعي شعبي، أجسد فيه شخصية سلطانة، وهي فتاة شعبية من حارة المعز، صاحبة محلات ساندويتشات كبدة ورثتها عن والدها، وهي الأخت الكبرى لإخوتها وصاحبة الشأن عليهم، تواجهها عدة مصاعب في حياتها. وفي المرحلة الثانية من العمل نجد تغييراً في حياتها عندما تتزوج فتبدأ تهتم بنفسها. والعمل به عدة شخصيات، وكل شخصية ستقدم رسالة ما على مستوى المبادئ والأخلاق والخيانة والحقد والكره. أي أن هناك معاني عدة داخل العمل. والمسلسل من إخراج محمد بكير وتأليف إياد إبراهيم، ومعنا مجموعة من الزملاء الفنانين الذين أحبهم وأقدر موهبتهم.
* لماذا لم يحصد مسلسلك «حدوتة مرة» الذي قدمته في رمضان الماضي نجاحاً يوازي نجاحات أعمالك السابقة؟
- بوجهة نظري هو عدم توفيق في النص، حيث لم يصل المضمون للناس بالشكل الذي كنت أتخيله، فالناس أحبوا العمل لكنه لم ينل الضجة التي حققتها أعمال قدمتها قبل ذلك.
* أيضاً مسلسلك «أرض جو»، هل كنت راضية عنه؟
- المسلسل حقق نسبة مشاهدة عالية رغم عرضه الحصري، ونال إعجاب الجمهور والنقاد، وأنا راضية عن العمل، خاصة أنني أعتبر دوري فيه من أصعب أعمالي الدرامية.
* ما وجه الصعوبة؟
- لقد واجهت خلال العمل الكثير من الصعوبات على صعيد التغيرات النفسية الكثيرة، التي مرت بها شخصية (سلمى) التي قدمتها في المسلسل، والتي أرهقتني خلال التصوير واستمرت حتى ما بعد التصوير، وكان مشهد المحكمة من أصعب المشاهد. وقد شعرت خلال تصوير المسلسل بأنه ليس مسلسلاً واحداً، وإنما ثلاثة مسلسلات في عمل واحد أو ثلاثة أجزاء في 30 حلقة نتيجة قوة وصعوبة العمل.
* سمعنا أنك اعتمدت في تحضيراتك لشخصية المضيفة الجوية على ابنتك روتانا؟
- أولاً اعتمدت على خبرتي في السفر وتعاملي مع مضيفات طيران، ورؤيتي لهن كيف يتعاملن مع الركاب وأحاديثهن، خاصة أن لدي صديقات كثيرات يعملن مضيفات. ثانياً، سألت روتانا، لأنها دارسة طيران وتفهم في هذه الأمور كثيراً، مثل ركوب الطائرة وكيف تتعامل المضيفة والتعليمات، فكانت المرجع لي في العمل بحكم دراستها.

زمن غادة

* لا شك في أنك نجمة صف أول منذ سنوات، ومع تطور الحياة حالياً بتنا نعيش ثورة التكنولوجيا والسوشيال ميديا، هل ما زلت ترين أن هذا الزمن هو زمنك فنياً؟
- عندي دراية وقناعة بأن السنوات تمر، والنجم مع السنوات لا يظل على القدر ذاته من توهجه، لكنه يحاول قدر الإمكان أن يجتهد حسب استطاعته وقدرته على التأقلم مع المستجدات، كذلك يجب ألا ننسى أن هناك أجيالاً جديدة تظهر، المهم هو أن أظل قادرة على العطاء والاجتهاد في اختيار ما هو متميز.
* هل ترين أنه في الزمن الحالي كافٍ على النجم تقديم مسلسل أو فيلم، ليبقى في ذاكرة الجمهور؟ أم أن الأمر في حاجة إلى أشياء أخرى تعزز من مكانته لديهم؟
- بصراحة ، لا يزال الكثير من الجمهور مهتماً بالسينما، بدليل أن الكثير من الأفلام حققت إيرادات بالملايين وهو أمر لم يكن أحد يتخيله، وهذا معناه أن حال السينما كما هو، وأن الفيلم والدور الجيد سيبقيان الفنان، ليس فقط في ذاكرة الجمهور بل في قلبه أيضاً.  
* ما رأيك  في فكرة العرض الحصري للمسلسلات الرمضانية؟
- سلاح ذو حدين، فهو مفيد في حالة النجوم الكبار، لأن النجم يذهب إليه جمهوره حيثما يكون، وهو هنا مفيد للنجم والقناة التي يعرض عليها العمل. وهو لا يفيد عندما يكون العمل معتمداً على عدد من الوجوه الجديدة، فهو هنا يضرهم أكثر، لأنهم يبحثون عن الانتشار، وبالتالي لن يحقق النجاح المطلوب.

دراما أم سينما؟

* منذ أن  قدمت فيلم «اللي اختشوا ماتوا» وأنت تركزين على الدراما أكثر من السينما، وتحرصين على ضرورة التواجد الرمضاني.. لماذا؟
- الدراما أصبح لها تأثير كبير في المشاهدين فاق تأثير السينما، كما أن البث الفضائي كان له دور كبير في لم شمل الأسر العربية لتشاهد وفي وقت واحد ومعين العمل الدرامي، وهذه ميزة لا تتوافر للفيلم السينمائي، لذلك اتجه معظم نجوم السينما المصريين والعرب وأنا منهم، إلى الأعمال الدرامية التي يقبل عليها معظم إن لم يكن غالبية المشاهدين في العالم العربي.
* هل نفهم من إجابتك أن الدراما سحبت البساط من السينما؟
- كل فن وله خصوصيته ومميزاته، فإن كانت الدراما تمنح الفنان قاعدة جماهيرية وانتشاراً أكبر، فإن السينما هي التي توثق تاريخ الفنان، ولذلك عليه ألا يهمل السينما، لذلك راجعت حساباتي وعدت للسينما وأتمنى أن ينال فيلمي الجديد «حفلة 9» الإعجاب.
* هل تقصدين أن الدراما بلا  ذاكرة ولا توثق للتاريخ الفني مثل السينما؟
- لا أستطيع أن أقول ذلك، فهناك أعمال درامية صنعت تاريخاً للذين عملوا فيها، كما استطاعت أن تكون شاهدة على تاريخ بلدها وتوثق لنفسها، منها مسلسل «رأفت الهجان» للراحل محمود عبد العزيز، و«جمعة الشوان» لعادل إمام، و«الحاج متولي» لنور الشريف، وهي من الأعمال التي حفرت في ذاكرة الدراما المصرية والعربية، وما زال الجمهور يتذكرها حتى الآن، وأي عمل كبير وضخم من الممكن لو أبدع صنّاعه في تقديمه أن يحفر في الذاكرة لسنوات.

هجوم مبكر

* مع كل عمل فني لك تتعرضين لهجوم مبكر.. ألا يزعجك هذا الأمر؟
- أعتدت ذلك، ومن يهاجمونني من داخل الوسط الفني هم أصحاب خيال مريض لا تاريخ لهم، منهم من لم يتعدَّ عمله في الفن فترة خمس سنوات على الأكثر، بينما تاريخي الفني تعدى 25 سنة. تعبت فيها وحاولت التطوير والتجديد في الشخصيات وأسلوب العمل، حتى حفرت لنفسي مكانة لم تتمكن الكثيرات من الوصول إليها، لذلك تراهن تعودن على الهجوم على أعمالي حتى قبل أن يعرفن عنها شيئاً لمحاولة النيل مني، لكن أعمالي هي التي تدافع عن تاريخي وتقدمني للناس الذين ارتبطوا بي، وهذا يكفيني.
* لو عاد بك الزمن للوراء هل ستختارين مهنة فنانة؟
- لا، لن أمثل لأن العمل الفني مرهق وصعب للغاية ويحتاج لتفرغ كامل، والفن والأضواء يحرمان الفنان من أن يكون على حريته ويحدان من تصرفاته، ويجعلانه دائماً تحت الأضواء. وطبعا هذه هي (ضريبة الشهرة) التي دفعت ثمنها من حياتي، فجاءت الشهرة التي جنيتها على حساب صحتي ومستقبلي العائلي، بأنني لم أستطع تكوين أسرة مثل باقي السيدات.
* ما وصفتك لتحمل الكلام القاسي وتعليقات الناس على السوشيال ميديا؟
- كأي فنانة أسمع الجيد والسيئ من الناس، وكما تسعدني الآراء التي تمدحني، عليّ تقبل الآراء السلبية، ومتأكدة أن هناك أشخاصاً لا يحبونني تماماً، كما أنا شخصياً لا أحب بعض الأشخاص، فهكذا هي الحياة.
* كيف تتعاملين مع من يتطاولون عليك في تعليقاتهم؟
- (مش فاضية أرد ولا فاضية حتى أعمل بلوك) لكل واحد سخيف، وبالتأكيد التجاهل هو الحل الأمثل.
* هل سنرى حفيدتيك أو ابنتك روتانا يمثلن معك في عمل فني؟
- لا للتمثيل حالياً، فهما صغيرتان، ولا يتهيأ لي أنهما ستدخلان المجال الفني. كذلك ابنتي روتانا رغم العروض العديدة التي قدمت لها كي تمثل، لا تفكر في هذا المجال، وهي متابعة للفن لمجرد أن أمها فنانة فقط.

الحياة مدرسة

تقول الفنانة غادة عبد الرازق إن الحياة مدرسة علمتها أن تكون صبورة وهادئة ولا تستعجل في اتخاذ القرارات، مضيفة: «لقد أصبحت أكثر تأملاً وعقلانية».