هم قامات لهم إسهامات مؤثرة في تاريخ البشرية، وتطور الحياة والمجتمعات في مختلف الميادين. معظمهم لا تتجاوز شهرتهم حدود أعمالهم، ولا يعرفهم إلا من تعامل معهم. لكننا كبشر استفدنا بشكل أو بآخر من تأثيرهم في مختلف مناحي الحياة.. هم جنود مجهولون سخروا حياتهم ليعيش غيرهم بسعادة.

تعرض الطفل عادل (مواليد 1941) وهو في العاشرة من عمره، لموقف تسبب في تحول جذري في تفكيره تجاه مستقبله، إذ كان شديد الارتباط بوالده، وذات يوم أصيب جسد والده النحيل بمرض الالتهاب الرئوي، فهرع الطفل نحو الصيدليات للبحث عن حقنة البنسلين، لإنقاذ والده، إلا أن محاولته باءت بالفشل وتوفي الوالد بسبب تأخر الصغير عن جلب العلاج في الوقت المناسب. تركت صدمة وفاة الأب تأثيرها الموجع في الطفل، لكنها رسمت الخطوط الأولى لمستقبله في المجال الطبي (البروفيسور العالمي عادل محمود لاحقاً)، إذ تملكته رغبة مُلحة في دراسة الطب وإنقاذ أرواح المرضى، فتعامل مع دراسته بجد، إلى أن اجتاز مرحلة الثانوية العامة بنجاح محققاً حلمه في الالتحاق بكلية الطب في جامعة القاهرة، ثم كلل حصوله على الشهادة الجامعية بنيل درجة الدكتوراه في الطب.

السفر للتعليم

في عام 1968، سافر الطبيب عادل إلى المملكة المتحدة لاستكمال دراسته؛ ليحصل على درجة الدكتوراه للمرة الثانية عام 1971 من كلية لندن للصحة والطب المداري، وركز خلال رسالة الدكتوراه على دراسة الحمضيات، وهي نوع من خلايا الدم البيضاء، بهدف مكافحة الديدان الطفيلية، بعدها سافر إلى الولايات المتحدة الأميركية في 1973، من أجل استكمال دراسته والعمل هناك. ولم يستغرق الأمر طويلاً حتى انضم  إلى جامعة كيس وسترن الأميركية، كمدرس جامعي مساعد، وسرعان ما أثبت كفاءته وعُيّن رئيساً لقسم الطب هناك (1987-1998)، وكان للدكتور عادل دور فعّال في الجامعة حتى إنه ترك تأثيراً بين الطلاب في الجامعة.

تطوير اللقاحات

لعب الدكتور عادل دوراً حيوياً في تطوير لقاحات متعددة في الصحة العامة أنقذت حياة الملايين حول العالم، وبرز اسمه كواحد من أهم الأسماء في مجال الصحة العالمية. كان قائداً مؤثراً في المجال الأكاديمي، وأبحاث وتطوير الطب الحيوي، والسياسة الصحية العالمية. شملت إسهاماته الرئيسية كلّاً من العلوم والصحة العامة، ودراسة أمراض المناطق المدارية المهملة، خاصة العدوى الطفيلية. وساعد في إنتاج لقاحات أخرى مثل لقاح مضاد للحصبة، النّكاف، الحصبة الألمانية، الجديري المائي، والوقاية من القوباء المنطقية، وهو طفح جلدي مؤلم ينشط عندما يكون المصاب تعرض للجديري المائي سابقاً.  

توفي عادل محمود يوم 11 يونيو 2018، نتيجة نزيف في المخ بمستشفى جبل سيناء في مانهاتن، بنيويورك،  يونيو، رغم إسهاماته في إنقاذ حياة الملايين بالتطعيمات التي اخترعها. وقد نعى مؤسس شركة مايكروسوفت بيل غيتس الدكتور محمود مغرداً على تويتر: «فقد العالم واحداً من أعظم مبدعي اللقاحات في عصرنا، الطبيب عادل محمود الذي أنقذ حياة عدد لا يحصى من الأطفال». فيما قالت عنه زوجته البروفيسورة الأميركية، سالي هودر: «كنت أتعجب من إصراره الشديد وكنت أتساءل حول السبب الذي يدفعه لاكتشاف لقاحات ضد الأمراض المستعصية والأوبئة وتطويرها، وما إن كانت تلك الدوافع نشأت من تربيته المبكرة أم أنها جزء من شخصيته».

مكتشف اللقاحات

البروفيسور عادل محمود هو طبيب وعالم مصري متخصص في الأمراض المعدية، أسهم في إنقاذ حياة الملايين عن طريق إنتاج لقاحات ضد فيروسات قاتلة أشهرها «فيروس الورم الحليمي البشري - HPV» المسبب لسرطان عنق الرحم، و«فيروس الروتا – Rota virus» المسبب للإسهال عند الرضّع.