يلتفت العالم كله في يوم المرأة العالمي، الذي يصادف الثامن من مارس من كل عام للاحتفال بمنجزات المرأة حول العالم.

ولأن المرأة نصف المجتمع، فإن العالم كله يسعى إلى أن تكون حاضرة في جميع المجالات العلمية والفنية والثقافية، إلى جانب ما تقوم به  من دور في دعم أسرتها، خاصة أن الأسرة النواة الأولى في المجتمع.

ورغم كل الظروف التي يعيشها المجتمع العربي، فإن هذا اليوم  يعتبر مناسبة للتركيز على إنجازات المرأة، لاسيما المرأة العربية التي استطاعت أن تصل إلى العالمية، ويُشكل هذا اليوم دعوة حقيقية لاكتساب المرأة مزيداً من حقوقها المدنية والسياسية، بعد معاناة طويلة من  التهميش والظلم الاجتماعي، ورغم كل الظروف استطاعت المرأة العربية أن تكون أحد المؤثرات في مجتمعها وفي المجتمع العالمي.

إماراتيات فضائيات

سجلت المرأة الإماراتية العديد من الإنجازات محلياً وعالمياً، وكانت من صناع القرار على مستوى القيادة، وفي الوقت نفسه استطاعت أن يكون اسمها في الجانب العلمي، لاسيما عالم الفضاء وتقنيات الهندسة الحديثة.

وترجمت العديد من الإماراتيات عملهن في  شركة "الياه سات" للاتصلات الفضائية، من خلال توفيرهن ما يلزم للأقمار الصناعية والاتصالات الفضائية والبنية التحتية المتعلقة بها، وبالتأكيد أبدعن في قطاع الفضاء، نتيجة شغفهن وإيمانهن بأن دولة الإمارات ينتظرها مستقبل حقيقي في الفضاء العالمي.

من هؤلاء المهندسة ندى عبيد، مهندس أول لأنظمة الأقمار الصناعية، والتي التحقت  بالشركة عام  2014، بعد تخرجها في الجامعة الأميركية بتخصص  هندسة الكهرباء، وحملت مهمة ضمان معدل البيانات وجودة الاتصالات الفضائية، من خلال إجراء حسابات تعتمد على عوامل تشمل نطاق التغطية الجغرافي للأقمار، وسرعة خدمات الاتصالات الفضائية، وحجم الأجهزة الهوائية، والعوامل الجوية لمنطقة تشغيل الخدمة.

أكدت عبيد، أن طموحها يزداد مع كل إطلاق لقمر صناعي في الإمارات، ويزداد إيمانها بأن الفضاء سيكون من أبرز القطاعات في الدولة والذي أخذها للعالمية.

رياضيات قياديات

ولأن الرياضة جزء من الهوية العربية، فقد استطاعت بعض النساء العربيات الوصول إلى العالمية، متحديات النزعة الذكورية والنظرة الدونية للمرأة، مؤمنات بأنه على أرض الملعب، لا فرق بين امرأة ورجل إلا بما يحققنه من إنجازات، فلم تعد بعض الرياضات حكراً على الرجال.

في دول الخليج، ورغم أن البيئة المحافظة التي تميزها لم تخلُ من نساء فرضن أسماءهن وخبراتهن ليكن قائدات في مجال الرياضة.

استطاعت المرأة الإماراتية  كسر هيمنة الرجال في رياضة الفروسية، ووصل اسم بعضهن إلى العالمية، ومنهن الشيخة لطيفة بنت مكتوم والتي حققت عدداً من الألقاب وتقوم اليوم بالتحضير لبطولة الفروسية العالمية 2020 في طوكيو بعد أن حصدت عدداً من البطولات في العالم، ومثلت وطنها في الأولمبياد بكين 2008، إلى جانب مشاركتها في الألعاب العالمية للفروسية ليكسينغتون.

ومن المملكة العربية  السعودية، البلد الذي يشهد تغييرات كبيرة لصالح المرأة،  وتغييرات مجتمعية جذرية، سطع أسم  ريم بنت بندر بن سلطان آل سعود، قبل أن تعين سفيرة للرياض في واشنطن، كانت لها إسهامات بارزة في إدراج الرياضة ضمن سلوكيات وممارسات المجتمع السعودي، لكن دورها البارز تمثل في تحطيم كل المحظورات المجتمعية وتبديد العقليات المحافظة التي تمنع المرأة السعودية من ممارسة الرياضة، ونظراً إلى أفكارها التحررية فقد أدرج اسمها من قبل مجلة فورن بوليسي الأميركية ضمن قائمة كبار المفكرين العالميين لعام 2014، ودعت ريما إلى إعداد برنامج رياضي وطني يتواكب مع رؤية المملكة 2030 يمكن من توفير نحو 250 وظيفة نسائية في قطاع الرياضة.

من السودان لمع اسم سلوى الماجدي، أول مدربة فريق كرة قدم رجالي في أفريقيا والعالم العربي. وهو ما جعل منها "أيقونة التغيير" الذي يطلقه عليها رواد مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام.

وشغلت المصرية عزة الفولي  منصب نائبة رئيس الاتحاد لتكون أول امرأة تتولى هذا المنصب. واستطاعت أيضاً أن  تكون مسؤولة الرخص الدولية بالاتحاد الدولي للتايكواندو عن القارة الأفريقية.

فن العمارة

لأن العمران حضارة وتاريخ وشاهد على التحولات، فإن اسم المهندسة المعمارية العراقية زها حديد يستوقفنا، كونها استطاعت أن تصل إلى العالمية، وأن تترك آثارها في أهم عواصم العالم، هي التي اعتبرت أن النجاح لايأتي صدفة، بل  يقف وراءه العمل الشاق، والمثابرة والشغف، لهذا تركت بصمتها الحداثية الخلاقة في الأبنية والجسور، والتي لامست من خلالها الموسيقى والسريالية ونمط العمارة التفكيكية.

ولوالتفتنا حولنا سنرى  تصميمها لجسر الشيخ زايد الذي يعكس بأقواسه المنحنية صورة الكثبان الرملية والذي صمم ببعد حداثي عالٍ، حيث حاز الجسر جائزة أفضل جسر لعام 2012. وفي دبي صممت المبنى العائم بإطلالاته الساحرة، ومحاكاته لناطحات السحاب، ولأنها طموحة، فقد تفرغت لجانب التصميم بعيداً عن الزواج والأسرة، والبعد التقليدي لوضعية المرأة، واستطاعت أن تحقق اسماً عالمياً في فن العمارة، يكفيها  تصميمها لمركز روزنتال للفن المعاصر بالولايات المتحدة، ومركز حيدر علييف بأذربيجان، وأن تكون أول امرأة عربية تحصل على جائزة بريتزكر المعمارية Pritzker Architecture Prize.

ولدت حديد في 31 أكتوبر 1950، واكتملت دائرة حياتها في 2016 وقد تركت وراءها أمجاداً لا تمحى وثروة تقدر بـ215 مليون دولار.

سينما الحروب

ولأن بعض المناطق العربية تعيش أزمات الحروب فقد استطاعت السورية وعد الخطيب أن تصل إلى العالمية، وتكون أحد المؤثرات في انتصار الجمال والفن وعلى صوت الحروب، ولم يكن سهلاً أن تقوم بتصوير فيلم وثائقي، في مدينة حلب، فوصل فيلمها الذي يسجل لحظات إنسانية داخل إحدى المستشفيات إلى الأوسكار، وحصدت  جائزة أفضل فيلم وثائقي في جائزة  الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون "بافتا"، في العاصمة البريطانية لندن، ويصور الفيلم حياة صحفية وطبيب وابنتهما الصغيرة يعيشون في مدينة حلب السورية تحت القصف.