رمستي هذه هطلت كلماتها من مشهد ردود أفعال الناس في زيارة مطر يناير الماضية، أكتبها ولا تزال آثار الأمطار عالقةً بالشوارع وجذوع الشجر، وما زالت ضيفاً عزيزاً في كثير من (ستوريات) انستجرام ووسائل التواصل بين مُحتفلين بالهطول وآخرين جعل المطر منهم شعراء، وغيرهم المنقسمين بين منزعجين من حوادث نجمت عن ارتفاع منسوب المياه، وغيرهم المحترفين في صناعة الطرفة من أي موقف وضمنها الأمطار. هذا المشهد يُشبه حياتنا وطريقة تعاملنا مع أي طارئ فيها.
أحاديث المطر وردود أفعالنا نحوه تفوق أو تُساوي أحياناً تفاعل الناس مع أي حدث اجتماعي أو اقتصادي بالغ الأهمية يجري حولنا، وعندما تمعّنت في كل ما سبق وجدت أن المطر لا يغسل الغبار فقط ولكن يُزيح ضباب سرعة وازدحام أيامنا لنتمهّل ونتأمل حياتنا من جديد. فكل ما حضر مع المطر من أفكار ومشاعر كان موجوداً قبله وسيبقى بعده، لكنّ عقولنا وقلوبنا قررت أن تلاحظه بينما نستمتع بالمطر.
أخبرني المطر أن بيننا قواسم مشتركة كثيرة ولكنّها تغيب عنّا مع سرعة أيامنا، فنحن نُحبّ الخير ونستمتع بفعله ورؤيته يحدث حولنا، وكما تنتعش أرواحنا باللقاءات الاجتماعية مع الأهل والأصدقاء خاصة تلك التي لم نُخطط لها بل حدثت لأننا رغبنا بحديث يُجيد من يحبوننا الإنصات له من دون شروط، وكما أننا نُجيد فنّ السعادة بأبسط الأمور مثل الجلوس في الخارج والتحديق بكومة حطب مشتعلة تبعث الدفء فينا وفي عقولنا.
ووسط كل أحاديث المطر الإيجابية السابقة أريد أن نتفق أن ارتفاع منسوب المياه وإغلاق الشوارع وغيرها من الأحداث التي تُرافق موسم الأمطار هي أمور لا نفضّلها، لكنّها لا تقتصر على بلادنا فقط، بل هي آثارٌ جانبية نراها في نشرات الأخبار في أكثر الدول تقدماً، ولكن بالتأكيد تحمل العديد من الدروس المستفادة ويمكن تفاديها مستقبلاً.
العبرة أن كثيراً من مواقف حياتنا والأحداث الطارئة فيها يمكننا النظر إليها بكونها نهاية العالم وننشغل بتحليلها، أو أن نتريث ونراها بحجمها الصحيح ونجعل منها إضافة من نوع آخر لأيامنا. للمطر أحاديث ما إن تبدأ لا تنتهي، لكنه موسم نُحبّ أن يبقى فينا ولا ينتهي، وكلّ شخص يشدّه ما يُشبه طبيعته من أحاديث المطر فأيها استحوذ عليكم هذه المرة؟