بعد توقفها عن الدراسة لمدة 27 عاماً عقب إتمامها المرحلة الثانوية، حصلت الإماراتية غنيمة الحمادي على شهادة البكالوريوس بامتياز مع مرتبة الشرف في إدارة الأعمال من جامعة العين والمركز الأول على مستوى كليات الجامعة فرع أبوظبي. غنيمة، أم لأربعة أبناء، حاولت أكثر من مرة على مدار هذه السنوات استكمال دراستها الجامعية لكنها لم تفلح، بيد أن هناك سبباً ما حفزها على مواصلة دراستها، ترويه لـ«زهرة الخليج» في منزل عائلتها بأبوظبي، من خلال الحوار التالي: 

 

 

 

شغف العلم

 

التحقت الشابة غنيمة الحمادي بجامعة الإمارات عام 1992 بعد حصولها على الثانوية العامة وكانت تتمنى، كأي فتاة طموحة، إتمام دراستها الجامعية، خاصة أن لديها شغفاً كبيراً بالتعلم والتحصيل المعرفي منذ صغرها، لكن الظروف حالت دون ذلك، موضحة أن الزواج والاهتمام بأسرتها الجديدة وأبنائها كانا الحائل الأول دون إتمام دراستها الجامعية، لكن حلم نيل درجة الدكتوراه وليس البكالوريوس فقط، ظل يراودها.

 

 

 

المرة الثانية

 

عام 2009 وبعد 17 عاماً من إتمامها شهادة الثانوية العامة، عادت غنيمة لتحقق حلمها الذي لم يترك خيالها لحظة بعد أن كبر أبناؤها واطمأنت عليهم وأصبح لديها وقت تستطيع من خلاله الذهاب إلى الجامعة لإتمام دراستها وتقول: عملت في عدة وظائف إدارية لا تتعارض مع كوني زوجة وأماً لأن اهتمامي بعائلتي وتربية الأبناء من أولويات حياتي، وحاولت الالتحاق بالجامعة ثانية بعد التوقف بسبب الزواج، بيد أن مرض أحد أبنائي حال دون ذلك، فتوقفت مرة أخرى من أجل السفر معه للخارج مرات عدة لتوفير الرعاية الصحية له.

 

 

 

الحافز والداعم

 

وتقول غنيمة عن الحافز الذي لم يغب عن مخيلتها لحظة عندما قررت الرجوع إلى الجامعة بعد مرور تلك السنوات وإتمام دراستها: أحد أحلام حياتي مقابلة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وشعرت بأنه من واجبي إذا سألني عن شهادتي أن أسعد قلبه وأخبره عن تميزي كامرأة إماراتية وحصولي على البكالوريوس بامتياز، بل الماجستير والدكتوراه لأنني أؤمن بأن أبناء الإمارات لا يرضون بغير رقم (1) بديلاً في مختلف مناحي الحياة.

 

 

 

البحث العلمي

 

كافحت غنيمة ولم تيأس أبداً كي تحصل على التفوق العلمي لترد الجميل لوطنها وتسهم في خدمة الوطن بفعالية وكفاءة، وتوضح أنها لم تكتفِ يوماً بحضور المحاضرات الجامعية ومطالعة الكتب الدراسية الخاصة بالجامعة، لكنها كانت تذهب إلى مكتبة الجامعة وتتابع البحث والاستكشاف وتنهل من تحصيل العلم، الأمر الذي ساعدها على التفوق والتميز، مشيرة إلى أنها كانت تساعد أبناءها في دراستهم الجامعية وتدخل معهم في تحدٍّ خلال ساعات الدراسة لتشجعهم وتحفزهم وكأنها الأخت الخامسة لهم، مؤكدة أنها لم تتدخل يوماً في اختياراتهم للتخصصات الجامعية وكل ما تقدمه لهم خلال مشوار التربية هو النصح والإرشاد فقط.

 

 

 

ابتكار وتميز

 

لم تكتفِ غنيمة بالتفوق العلمي والدراسي، لكنها ظلت تراقب المجتمع المحيط بها عن كسب وتحاول أن تكون شخصاً فاعلاً فيه، فابتكرت جهاز إنذار لأصحاب الهمم مما أهلها للفوز بجائزة رواد المستقبل للناشئين والشباب عن ابتكار (الإنذار الذكي) ضمن فئة أفضل ابتكار للاستثمار. وتقول عنه: فكرت في ابتكار جهاز إنذار يساعد أصحاب الهمم ممن يعانون مشاكل في السمع، في طلب النجدة من المحيطين إذا تعرضوا لحالة طوارئ، وهو عبارة عن جزأين، الأول يوضع على الباب خارج الغرفة، أو دورة المياه أو أي مكان مغلق، والثاني يوضع في الداخل.

 

وتضيف: في حال حدوث طارئ يمكن للشخص من أصحاب الهمم داخل المكان المغلق الضغط على الزر فوراً، بحيث يطلق صوت إنذار عالياً إضافة إلى إضاءة حمراء نابضة، وتتم الاستجابة من الطرف الآخر بالضغط على الزر الموجود خارج الباب، بحيث يعطي الشخص الموجود في الداخل إشارة بأن المساعدة في الطريق، منعاً لحالات الهلع والشعور بالاطمئنان.

 

 

 

خير صديق

 

وعن دور الأب في حياة غنيمة تستذكر المكتبة الكبيرة الملتصقة بجدار منزل والدها، إذ كان يحرص على رفد المكتبة بأنواع مختلفة من الكتب والقصص والموسوعات العلمية المناسبة لكل الأعمار، وكان يهتم كثيراً بتشجيعها على القراءة، فبات الكتاب خير صديق لجميع أفراد الأسرة، طوال الوقت وهو سبب رئيسي في تعلقها بالبحث العلمي وعدم اكتفائها بدراسة المقررات الدراسية الموجودة في الكتب الجامعية.

 

 

 

تحديات وأمنيات

 

الإنسان مخير وهو الذي يصنع مستقبله شريطة أن يكون لديه الدافع، بحسب غنيمة الحمادي التي تؤكد أن الشغف بالنجاح كان السبب الأساسي في تفوقها أثناء دراستها الجامعية، لاسيما أنها واجهت تحديات كثيرة منها التنسيق بين دراستها والذهاب إلى الجامعة ورعاية شؤون أسرتها، بالإضافة إلى دفع الرسوم الدراسية للجامعة والتي شكلت عبئاً مالياً كبيراً. وتتمنى غنيمة أن تحصل على الماجستير والدكتوراه وتعمل في أحد المناصب القيادية في المشاريع التي تنفذ رؤية القيادة في الخمسين عاماً المقبلة.