الدكتورة وفاء الطلحي، باحثة مهتمة باستكشاف تكوين الجهاز الوعائي الدموي الفيزيولوجي واعتلالاته المرضية. حصلت على درجة الدكتوراه من جامعة تورونتو في طب المختبرات وعلم الأمراض الحيوي، والماجستير في الطب الخلوي والجزيئي من جامعة أوتاوا في كندا. تعمل حالياً أستاذاً مساعداً في جامعة الطائف، وزميل بحث في جامعة هارفرد. ينصب اهتمامها على تمهيد الطريق أمام أبحاث هندسة الأعضاء في المملكة العربية السعودية، إلى أهداف أخرى كثيرة تتحدث عنها في حوارها مع «زهرة الخليج».

 • ما الذي يركز عليه بحثك؟ وما أهدافه؟

يدور حول صناعة أعضاء بشرية قابلة للزرع من الخلايا الجذعية المبرمجة والمأخوذة من الشخص نفسه. الميزة هنا، حسب الدراسات، تفيد بأن استخدام الخلايا الجذعية المبرمجة من كائن حي وزراعتها في الكائن نفسه قد لا تستثير المناعة في جسم المستقبِل، وهو ما يسمح بتقبل العضو المزروع. الفكرة مشابهة لما يحصل لمرضى انسداد شرايين القلب، عندما يتم سحب وعاء دموي من مكان في جسدهم وزراعته في مكان آخر في المريض نفسه. وأشير إلى أنه لم تثبت بعد، سلامة استخدام الخلايا الجذعية المبرمجة.

 أعضاء بشرية تعويضية

• متى تبدؤون باختبار ما خرج به البحث؟ 

يندرج البحث ضمن فئة الأبحاث والتطوير، والهدف النهائي منه التوصل إلى منتج يمكن استخدامه، وبالنظر إلى أن استخدام هذا المنتج سيكون حيوياً/ بشرياً، فإن مراحل البحث فيه تتتابع من المرحلة الأساسية، والتي يجري خلالها إنتاج الخلايا المكونة للعضو المطلوب، واختبار وظائفها الخلوية، ثم مرحلة البحث الترجمي Translational Research، والتي تتم فيها ترجمة سلوك هذه الخلايا في عضو مزروع في كائن حي غير الإنسان، ومن ثم متابعة الوظائف الحيوية في هذا الكائن. وإذا كانت النتائج مشجعة للاستمرار، ننتقل إلى مرحلة الاختبار السريري بكل ما يتخللها من شروط ومعايير محددة.

• ما أهم ما يقدمه هذا البحث على صعيد الصحة؟

في حال تجاوزنا المراحل التي ذكرتها، سيسهم البحث في توفير أعضاء بشرية تعويضية من دون الحاجة إلى متبرعين. وفي حال لم يصل البحث إلى مرحلة الاختبارات السريرية، فستمثل النتائج والاكتشافات، التي توصل إليها، لبنة مهمة في مسار البحث عن طرق أخرى لصناعة أعضاء بشرية. 

 هل يمكن أن يفيد بحثك في تصنيع أرحام بديلة لسيدات كثيرات محرومات من الأمومة؟

هذا الموضوع خارج نطاق بحثي واختصاصي، ولكن نجاح أبحاث زراعة الأعضاء سيفيد هذا الجانب كذلك، ولا يمكنني الحديث عنه لأنه من الموضوعات الشائكة والمعقدة والتي يصعب شرحها لغير المتخصصين.

التنافس وضمان الحقوق

• ما أبرز الصعوبات التي تعرقل الأبحاث بشكل عام، وبحثك بشكل خاص؟

من ناحية، يُعد البحث الذي أعمل عليه من الأبحاث عالية المخاطرة High Risk، نظراً لصعوبة الحصول على النتائج التي تنقلنا من المرحلة الأساسية إلى المرحلة ما قبل الاكلينيكية. من ناحية أخرى، فإن التنافس محتدم في هذا الميدان على المستوى العالمي، من ناحية ضمان الحقوق، خصوصاً في حال التوصل إلى نتائج، وتسجيلها لدى مراكز براءات الاختراع والملكية الفكرية، بما يحفظ حقوق الباحث في المستقبل. 

• غالباً تبقى الأبحاث الطبية نظريات لا أكثر، أو يُعمل ببعض توصياتها وتركن في الأدراج، فهل تخافين من هذا الأمر؟ 

لا، لأن العلوم بطبيعتها تعتمد على تراكم المعارف والخبرات والنتائج التي نحصل عليها خلال البحث، لذا أعتقد أن كل بحث يمثل خطوة في الطريق الصحيح، لا بل أساسية ومهمة في مسيرة إثراء المعرفة والعلم.

تمهيد الطريق

• من وجهة نظرك، هل باتت المرأة السعودية قادرة على أن تنافس نظيرتها في العالم على صعيد التقدم في الأبحاث العلمية؟ 

المرأة السعودية تقوم بدورها المنوط بها، في إطار إمكاناتها وطبيعة البيئة التي تعيش فيها. وأعتقد أن جهود تمكين المرأة السعودية، والتي تعتمدها اليوم الحكومة بشكل حثيث وجاد، ستقفز بها إلى مكانة تفوق نظيراتها في دول العالم. 

• ما الذي تتمنين إنجازه على الصعيد المهني؟

في الوقت الحالي، ينصب اهتمامي على إتمام برنامج يستهدف تحويل معرفتي البحثية الحيوية إلى قيمة اقتصادية، تسهم في تمهيد الطريق أمام أبحاث هندسة الأعضاء في المملكة العربية السعودية.

استخدام الهندسة الحيوية

تقول الباحثة وفاء الطلحي إن توقف أو فشل أحد أعضاء الجسم الرئيسية من أهم أسباب الوفاة، والطريقة الوحيدة المتاحة للتعامل مع هذا الأمر هي زراعة الأعضاء، لكن هذا يتوقف بدوره على توافر المتبرعين المطابقين. وتوضح فكرة اختراعها، بالقول: «بما أن قائمة انتظار هؤلاء المتبرعين بالأعضاء تطول، الأمر الذي يمثل عبئاً لا يطاق على كاهل المرضى، خصوصاً من ناحية النفقات التي يتوجب عليهم تحملها طوال مدة إقامتهم في المستشفيات، رأت الدكتورة وفاء الطلحي أن تبحث عن وسائل التغلب على هذا التحدي. أجرت بحثاً عن استخدام الهندسة الحيوية لتصنيع أعضاء بشرية وتقليل الاعتماد على الواهبين، عبر تصنيع أنسجة وأعضاء بعينها تتميز باشتمالها على أوعية دموية عميقة جاهزة للزرع عند الحاجة. ويهدف البحث إلى فهم مسارات التكاثر الخلوي والتمايز بين الخلايا الجذعية المستمدة من المريض، ومن ثم استخدام هذه الخلايا عبر الهندسة الحيوية لتصنيع أعضاء داخل حاضنات مخصصة، وهو ما سيتيح في النهاية أعضاء جسم بشرية جاهزة للزراعة».