كانت عمياء، ولشد ما كانت تخاف عليه، اعتادت منذ أنجبته أن تتفقد جسده لتتأكد من أن أياً من أعضائه لم يبرح مكانه. فأخواه اللَّذان أنجبتهما قبله، وقد ماتا مبكراً، كان أحدهما بلا يد، في حين فقد الثاني قدمه في تفجير، عندما خرج مع أصدقائه للعب الكرة، وهكذا أصابتها عقدة الفقد، فمضت تتفقده كل يوم.

وحين بدأ بالركض، ولم تكن تستطيع منعه من الخروج، كانت كثيراً ما تغلق عليه الباب، بعد أن تتقاتل مع قلبها الذي استمر يتضخم يوماً بعد يوم، ولكنها تأتي لتجد أن النافذة تواطأت معه على الهرب؛ ولذا قررت حجزه في غرفة أخرى من دون نافذة، إلا أن الباب كان يفتح من تلقاء نفسه، حيرها الأمر كثيراً، لتبدأ مأساة شكٍّ أخرى، طالت هذه المرة يدها، فصارت تتأملها في كل مرة تتفقد فيها الصبي.

كان ينقص رويدًا رويداً. في أول مرة هرب فيها عاد من دون يد، في الثانية فقد عيناً، وفي الثالثة فقد قدميه الاثنتين دفعةً واحدة، لذا قررت أنَّ عليها أن تتعامل مع الأمر بجدية أكثر، وما كان منها إلا أن ربطت يدها بيده، ولم تمضِ بضعة أيامٍ حتى أحست بأنه صار نحيلاً جداً، لم يكن الحِملُ في يدها مثل الحمل القديم، لكنها عزت الأمر إلى يدها مجدداً. وحين زارتها أختها انخرطت في نوبة بكاءٍ مخيفة، لتخبرها أن الشيء المربوط إلى يدها لا يعدو أن يكون دمية مطاطية.