نتعامل يومياً مع شخصيات نتفق معهم أحياناً وقد نختلف، ومن السهل تقييم الآخرين حسب نظرتنا الشخصية، ولكن لو رجعنا للوراء ودرسنا الظروف التي عاشها هؤلاء ونحن من ضمنهم، وسألنا والديهم عن أسلوب التربية الذي مارسوه على أبنائهم، سنجد أن هناك أساليب معينة أسهمت في تكوين شخصياتهم. والآن بعد أن أصبح هؤلاء بالغين، فكيف سيربون أبناءهم حتى يتسموا بالشخصيات السوية والقادرة على التعامل مع ذواتها، كيف يمكن أن تكون لديهم شخصيات واثقة قادرة على اتخاذ القرار وتتحمل المسؤولية، لأنها متزنة وتقدر ذاتها بشكل جيد.

 اكتشاف القدرات

لنسهم في تربية أبناء يتسمون بالقيادة لا بالتبعية، علينا التأكيد على استقلاليتهم، وهذا يبدأ في فترة الطفولة المبكرة من 1-5 سنوات، ولنمنحهم فرصة التمكين من خلال توفير المساحة لهم، ليتمكنوا من معرفة أنفسهم واكتشاف قدراتهم، وأنهم قادرون على القيام بتناول الطعام بأيديهم وتغيير ملابسهم على سبيل المثال، حيث يمكنهم ذلك لاحترام الذات وتقديرها من خلال ما يبذلونه من مجهود، وبالتالي يتمكنون من معرفة أنفسهم وقدراتهم، ولكن معظم الأمهات وللأسف يطعمن أطفالهن بأيديهن، حتى وإن طلب الطفل تناول الطعام بنفسه فترفض وللأسف بحجج واهية، اعتماده على نفسه يعلمه السعي والتقدم إلى الاستقلالية.

تعليقات إيجابية

لا تجعل الطفل يعتمد عليك كأب أو كأم، ولا تجعلاه يدين لكما بل اجعلاه يشعر بالإنجاز والتميز من خلال تعليقاتكما الإيجابية، عندما يقدم لنفسه خدمة معينة. هنا دعاني أطرح لكما مثال «تعلم المشي»، هل تستطيعان إجبار الطفل على المشي ومساعدته على ذلك، وإن كان بعض الأهالي يجبرون الطفل على ذلك بمساعدتهم ببعض الأدوات، وبالذات عندما يتأخر قليلاً مقارنة بأقرانه، ولكن الطفل يخطو الخطوات الأولى من دون مساعدة، ولرغبته في توسيع دائرة حركته ولاستعداده النفسي والجسدي والعصبي، فيكون متحمساً وفخوراً بالذات عندما يفرح من حوله بهذا الإنجاز.

فروق فردية

هناك لا شك فروق فردية بين الأطفال، حيث إن بعضهم يعتمد كثيراً على الوالدين، فهم مرتبطون بهم بشدة من أجل البقاء، وغير متحمسين للقيام بمجهود أو أي مهمة، والسبب هو الخوف من الفشل، لذا فهم يطلبون المساعدة دائماً، لأنه ليس لديهم دافع نحو الكمال الذاتي، والسبب هنا الوالدان اللذان يحميان أطفالهما بشكل مبالغ فيه، حتى يتولد لديهما التوتر والفشل اللذان يجعلان الطفل يتراجع عن التحدي والمواجهة. والأهم بالنسبة إلى الطفل هو رد فعل الوالدين تجاه تصرفاته وسلوكياته وإنجازاته، سواء كان بالود والمدح والثناء أو بالسخرية والاستهزاء، فالطفل الذي يعيش بين والدين مختلفين في أسلوب التربية أو يعانون المزاجية والعصبية، يعتمد عليهم وببساطة لا يجازف حتى بالمحاولة لأنه يخاف رد الفعل، مثال بسيط على ذلك: عندما يرتدي الطفل قميصه بنفسه ويسمع عبارة «شاطر، تلبس قميصك بنفسك»، وبوقت آخر وبانفعال «كل هذا الوقت لتلبس قميصك؟» هنا يحمي الطفل نفسه ويعتمد طواعية على أمه. ولا شك في أن كل طفل منهم سيصبح يوماً ما جزءاً من مجتمع أكبر وأنه من واجب الكبار إعدادهم ليصبحوا أعضاء صحيين ومسهمين في بيئتهم، ولا شك هناك فرق بين شخص وآخر.

استشارة

• لديّ طفل عمره 4 سنوات ومنذ أشهر قليلة رزقنا بأخت له، يحبها ولكن شخصيته تغيرت وأصبح عصبياً، وليس لديّ الوقت الكافي لأقضيه معه كالسابق، كيف يمكننا التعامل معه؟

• يجب أن تتشاركا أنت ووالده في التعامل معه، حتى لا يشعر بالفراغ والغيرة والوحدة، خاصة أنه كان المحور في التعامل معه قبل مجيء أخته، عليكم:

• ممارسة اللعب الجماعي معه، ويحبذ أن يكون له رأي في اختيار اللعبة، كما يمكن أن يخرج مع والده فقط للخارج، كالذهاب للحديقة أو اللعب ويفضل ترك الخيار له في ذلك.

• يمكن أن يقضي وقتاً مع أخته بوجودكم، أو وجود أحدكم والتقاط الصور مثلاً.

• اطلبي منه بعض الأعمال ليقوم بها كمشاركة، فبالنسبة إليه ستكون مسؤولية تعزز ذاته.

• التحدث معه في حوارات مختلفة، واللعب بالماء كالرشاش في حديقة المنزل.

• احتضانه والتقرب له بين الوقت والآخر، سيشعره بالحب والأمان.