أسست كاتبة السيناريست الإماراتية الشابة أمل الدويلة، مبادرة«مجتمع كتابة» في أبوظبي، بهدف رعاية المواهب الشبابية الخاصة بالكتابة والأدب. تقول الدويلة في حوارها مع «زهرة الخليج» إن الكتابة رمال متحركة، لا يمكن لوالجها الخروج منها مهما بلغت قوة مقاومته، إذ تنقلك من واقعك إلى عوالم «ألف ليلة وليلة»، وهي تستلقي بقرب ظلالها على شواطئ البياض، فكيف حالها وحالنا بعد أن تتشكل على هيئة كائنات تمشي وتتكلم وتطير أمامنا على الشاشة الواسعة؟ الكاتبة أمل الدويلة، فهمت سرّ هذه الرمال، وعلقت برضاها، فلم تتوانَ في اعتناق عقيدة الكلمة.

 • هل ثمة حلم وراء ميلك للكتابة، على الرغم من تخصصك الأكاديمي في الاقتصاد؟

منذ مرحلة الدراسة الثانية، وأنا فاعلة في مجال الأنشطة، حيث كنت أشارك في المجموعات المدرسية المختلفة، ولتميزي في اللغة العربية وحبي للكتابة، فقد اختارتني مدرسة من مدرساتي، للانضمام إلى مجموعة خاصة باللغة العربية، وهذا ما شجعني على مواصلة عطائي في مجال الكتابة. ولا أعلم لماذا أطعت والدي لدراسة تخصص اقتصادي بعيد عن موهبتي في بداية دخولي الجامعة، قبل أن توسوس لي نفسي بدخول امتحان القبول الخاص بالإعلام، ونجاحي فيه، مما أدى إلى تغيير التخصص، كأن صوتاً في داخلي كان يناديني للشروع في هذا الأمر. لم أكن أعرف حينها ماذا أريد، لم يكن لديّ حلم خاص بهذا التخصص، ولكني بعدها بدأت أتعرف إلى طموحاتي ورغباتي بشكل أكبر.

السينما

• حدثينا عن مسيرة كتابة الأفلام السينمائية؟

دخلت عالم الأفلام عن طريق مقال للكاتبة عائشة سلطان عن كتاب السينما الإماراتية، المقال الذي جعلني أتساءل عن وجود هذا الفن في الإمارات. وبعد عملي في الصحافة قابلت مجموعة من الأشخاص العاملين في هذا المجال، واكتشفت أن لدي شغفاً في هذا المجال، فبدأت أُكثر من حضور مهرجانات سينمائية، وبعدها بمدة كتبت أول فيلم خاص، والذي كان بعنوان «عائلة ابن بطوطة»، ثم تغير الاسم إلى «إلى بيتنا مع التحية»، ثم كتبت «نفاف»، وأخيراً «مريم».

• ما الذي رغبت بقوله في هذه الأفلام؟

رأيت أن لدي ما أود قوله من خلال الأفلام، لديّ قصة أحب أن أرويها من خلالها. وما حفزني أكثر هو كون الأفلام تستمر لمئات السنين، إذ أردت إنجاز أمر يمكن لأحفادي رؤيته واستلام نفس الرسالة منه رغم مرور الأزمان عليه. أعتقد أنني أستطيع من خلال الأفلام إيصال رسالة إنسانية، ليست لحظية، لكل زمان، وكل مكان، إذ إن البشر لديهم قواسم إنسانية مشتركة، رغم اختلافات هوياتهم.

• ما القصص المستلهمة من أجل أفلامك؟ وأيها أقرب إلى قلبك؟

فيلمي الأول «عائلة ابن بطوطة»، قصته قريبة مني جداً، فيها رويت بشكل رمزي جزءاً من حياتي، الجزء الخاص بانتقالي من بيت إلى آخر، مما يمنع وجود الاستقرار وتشكل الذكريات الثابتة والطويلة في الأماكن التي تم تغييرها، وهو أقرب أفلامي إلى قلبي. أما فيلم «نفاف» فقد ألهمتني لكتابته مقطوعة موسيقى سمعتها للملحن الإماراتي طه العجمي. و«مريم» عبارة عن قصة فتاة أرادت احتراف المجال الفني، لكن الظروف العائلية لم تساعدها، الظروف المتمثلة في معارضة والدتها لرغبتها رغم موافقة والدها، حيث أرادت لها البقاء في المنزل والزواج وتربية الأبناء فقط، كما عاشت هي قبلها. هو قصة حيرة الاختيار بين اتباع الحلم وتحقيق رغبة الأم. 

• بعد دخولك مجالي الصحافة والسينما، هل وجدتِ رد فعل رافضاً؟

في الصحافة وجدت تشجيعاً كبيراً من قبل والديّ، والمجتمع الذي تعاملت معه من أجل عملي. أما من ناحية سينمائية، ففي البداية كان لدى والدي اعتراضٌ صغير، ولكن مع تأكدي من رغبتي وسعيي للمعرفة أكثر والكتابة فيه، وبعد نظره إلى النتائج، وجد الموضوع لديه قبولاً. ولعل الأهل لا يوافقون على بعض الأمور حتى يتأكدوا من شغف ورغبة أبنائهم الحقيقية تجاهها، ورؤية إنجازاتهم فيها.

 مجتمع كتابة

• ما الهدف وراء تأسيس مبادرة «مجتمع كتابة»؟

هي عصارة خبرتي في الحياة سواء كان في الكتابة أم السينما أم العمل في القطاع الخاص أو الحكومي، أم في الثقافة، عن طريق العمل في مجموعة «لمار الثقافية» قديماً في العين، حيث عملت فيها لفترة طويلة. أثناء عملي في المؤسسات النظامية، كنت لفترة طويلة غير قادرة على رؤية نفسي، لم أكن أستطيع أن أبصر وجهي الحقيقي في المرآة، ولم أكن أستطيع التعرف إلى نفسي، ولم تكن تلك الفتاة أمل، فقررت ترك العمل النظامي، بعد الشعور بالفراغ في الأعماق، وبدأت بعدها مشروعاً صغيراً ودياً مع صديقتي، يتم العمل فيه من خلال الاجتماع للكتابة كل ثلاثاء، والتي بعد أشهر من بدء هذه الاجتماعات استطاعت الانطلاق في عالم الكتابة وإصدار كتابها الخاص. اكتشفت من خلال المشروع أثر قوة الجماعة على الإبداع، فقررت معها توسيع المشروع ليخرج من نطاق الاثنين إلى مجموعة أكبر، فأسسنا «مجتمع كتابة»، وعملنا على الدعاية المكثفة له من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

  كيف بدأ التفاعل مع المبادرة، وهل حقق أهدافها؟

كان أول لقاء للمجموعة يضم ثلاثة أشخاص، أما الآن فيحوي أكثر من 30 شخصاً، وكان هدفنا الأساسي هو إعطاء الراغبين في الكتابة بيئة آمنة، يستطيعون من خلالها التعبير عن مشاعرهم من خلال الكتابة بكل حرية. ولأننا في حياتنا وزحامها نفتقد الوقت الذي نستمع فيه لأنفسنا، فإن هذه الجلسات هي الملاذ، من خلال المواضيع المطروحة للكتابة فيها. في البدايات، كانت الكتابة في المشروع حرة، أي أن الشخص يكتب ما يشاء، ثم غيرنا النظام إلى اختيار مواضيع تمس الأجزاء العميقة من النفس، من خلال طرح أسئلة، يتم أخذها بالقرعة، والإجابة عنها بأي طريقة تعبير ممكنة باللغة العربية أو العامية.