ليس هناك ما يُذكّرنا بالبدايات الجديدة ويبث الأمل أكثر من شروق الشمس، فهي تحل كل صباح لتقول لنا إن العتمة والليل ليسا دائمين بل هما جزءٌ من دورة الحياة، وحتى اللحظات الحلوة ولحظات الانزعاج نتيجة لا مفرّ منها لطبيعة البشر وأنشطتنا، وبينما تزدحم شبكات التواصل الاجتماعي بمن يُقدمون وصفات ونظريات حياتية هناك القليل جداً الذي يستحق التوقف عنده ويُدخلنا في حالة سعادة وتأمّل من دون سابق إنذار. وطبعاً هذه الأقوال بعضها منسوب لصاحبه الحقيقي وغيرها لا، لكنّ الأهمّ فيها هو المعنى الحياتي للجُمَل ورغبة من شاركها في إلهام من يقرأ ونثر الإيجابية في حياة من حوله.

استوقفتني سطور وشاركتها بشغف على منصاتي تتعلّق بعلاقاتنا بالناس، ومن يستحقّ أن نُحافظ على وجوده في حياتنا ومن يجب أن نقطع علاقاتنا به فوراً، طبعاً أعلم أنّ كل واحدة من الحالتين لها تفاصيل كثيرة وشروط وظروف لو فكّرنا عميقاً في الأمر، ولكن ما أعجبني فيما قرأت بساطة الميزان للحكم على الحفاظ على علاقة أو الاستغناء عنها، وهو أن تحتفظ بمن يعرف قيمتك وجوهرك الحقيقي، فهو من يجب أن تتمسّك به وخاصة الذي يرى تميّزك حتى في أسوأ المواقف واللحظات، فهو يراك بمنظار ما عرفه عنك طوال الوقت، وليس في اللحظات التي تُشبه كسوف القمر ويمرّ بها جميع البشر.

وأما الاستغناء فوراً فهو عن أولئك الذين يبحثون بعدسة مكبّرة عن أخطائك أو الوجه الضعيف المعتم أحياناً لك، حتى في أكثر لحظاتك تميّزاً ونجاحاً، فهم يرون البقعة السوداء في الثوب الأبيض ولا يزيحون أعينهم عنها حتى وإن كانت هامشية لا تُذكر، بل يجب علينا أن نتمسّك بمن يرون الجمال بعين من يلتمس العذر ويرى الجانب الإيجابي في عيوبنا.

«رمسة عاشة» هذه المرة دعوة لإعادة تربية أنفسنا وتربية أبنائنا على الثقة بالنفس وتقدير الذات ومعرفة القيمة الاجتماعية والإنسانية لما نتميّز به، فحتى أوجه قصورنا أو عيوبنا لا بُد أن ننظر لها كالشوك في الورد الجوري، فهو جزء من اكتمال حضور الوردة الجورية ومن يجيد التعامل مع الوردة لن تؤذيه أشواكها بل يغمره عطرها، وغيرها الكثير من الأمثلة في الحياة.

ليس هناك في العالم من هو قادر على الاحتفال بكم مثلكم أنتم ومن يرون جانبكم المُشرق. ومثلما بدأت وتحدثت عن شروق الشمس وأثره في أيامنا، هناك أشخاص حضورهم في حياتنا (شُروق أشخاص) لا نحتاج لننتظر الصباح ليحصل، فهم هناك ومن دون أن نطلبهم، فهل عندكم من يُشرق تميزكم بهم؟