تعرّف أسماء العمودي نفسها بأنها ابنة وزوجة وأم، تتابع دراستها في الدكتوراه في قسم الأحياء الخلوية والجزيئية في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، التي تخصصت فيها بعلم المختبرات الطبية. ولا تخفي أنها تأثرت بمعايشتها حالات مرضى سرطان الدم، الأمر الذي دفعها إلى السعي الدؤوب للانكباب على بحوث متخصصة في هذا المجال، للوصول إلى نتائج تخدم المجتمع. فماذا تقول في حوارها مع «زهرة الخليج» عن طموحها وبحثها الطبي وإنجازاتها؟ 

• هل تأثرك بمرضى سرطان الدم كان المحفز لك للقيام بأبحاثك؟

بالفعل، تأثرت بهؤلاء المرضى كثيراً وقد عايشتهم عن كثب خلال دراستي في البكالوريوس وتدربي في بعض المستشفيات، وخصوصاً أن بعضهم كانوا من الأهل والأقارب. وقد يكون ذلك هو الحافز الرئيسي الذي دفعني وزرع فيّ رغبة شديدة في إجراء بحوث مكثفة، ووضع بصمتي الخاصة في علم أمراض السرطان. 

 مرحلة التطبيق

• أبحاثك تركزت على دراسة سرطان الدم أو «اللوكيميا»، فهل تشرحين النتائج التي تسعين إليها؟  

اللوكيميا هي أحد أنواع السرطان الذي يتكون في الأنسجة المسؤولة عن إنتاج خلايا الدم، ويشمل نخاع العظم والجهاز الليمفاوي. ويتركز بحثي على واحد من العلاجات المستخدمة لأمراض الدم وهي خلايا الدم الجذعية، وإمكانية تحفيزها لإيصالها إلى نخاع العظم بعد حقنها للمريض بالوريد، وهي عملية معقدة تستهدف فهم أساسيات انتقال الخلايا الجذعية إلى نخاع العظم والالتصاق به، ومن ثم الاستقرار فيه للقيام بوظيفتها في التكاثر وإنتاج خلايا دم جديدة. ويهتم البحث الذي أجريه بفهم طبيعة هذه العمليات وتطبيقها مختبرياً. 

• هل تم اختبار نتائج الأبحاث التي خرجت بها؟ 

تم اختبار ما خرجت به من أبحاثي مختبرياً، ونحن الآن في مرحلة التطبيق على الحيوانات (الفئران)، وحصلنا على نتائج أولية، لكننا في مرحلة إعادة التجارب للتأكد منها وتوثيقها. 

 توازن

• ما الصعوبات التي تواجهها باحثة مثلك؟

قد لا تكون صعوبات بقدر ما هي محاولة للنجاح في إيجاد التوازن بين الدراسة والعمل في المختبر والحياة الاجتماعية ومسؤولياتها. في الحقيقة، إن جميع هذه المتطلبات، تلزمني بتقسيم مهامي وبذل جهد حثيث ومضاعف، للوصول إلى استقرار نفسي ومواصلة عطائي للمرضى. 

• الأبحاث الطبية تحتاج إلى تضافر جهود فريق بشري كبير وتمويل مادي يؤمن استمراريتها، فهل تحصلين على الدعمين البشري والمادي؟ 

تهتم جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية كثيراً بالأبحاث، ووفرت لبحثي كافة الإمكانيات من أجهزة ومواد وحيوانات تجارب، فكل متطلبات البحث العلمي متوافرة بالجامعة. أما بالنسبة للجانب الأكاديمي، فأنا أتلقى دعماً كبيراً من مشرفة البحث الدكتورة والباحثة السعودية ياسمين مرزبان التي تحفزني وتساندني بالأفكار والتجارب العلمية، بالإضافة إلى الدعم الذي أتلقاه من أسرتي، وهو ما يمثل أكبر حافز لي للاستمرار.

 مزيد من التشجيع

• كيف تنظر المملكة العربية السعودية إليك؟

بلدي يشجع دائماً الطلبة المتميزين. وقد تم تكريمي في مرحلة الثانوية العامة باعتباري الأولى على محافظة جدة، وقبلت بمنحة دراسية كاملة لإتمام مرحلة البكالوريوس في تخصص المختبرات الطبية في جامعة الملك عبد العزيز، كما تم تكريمي عند التخرج لحصولي على المركز الأول للكليات الصحية بجائزة قدرها 50 ألف ريال سعودي. وتم قبولي في منحة دراسة الجامعة لمرحلتي الماجستير والدكتوراه. ولا أخفيكم أنني الآن وفي منتصف مرحلة الدكتوراه، أشعر بمسؤولية كبيرة تزيد من عزمي واندفاعي للعمل، ويرافقني شعور دائم بأنني محظوظة لنشأتي في هذا البلد المعطاء. 

• أن ينسب تقدم طبي لامرأة عربية هو تطور إيجابي لم نعتده، فما رأيك؟ 

تطور في الوقت الحالي دور المرأة العربية وأصبح بارزاً في العديد من المجالات، وخصوصاً في المجال الطبي. وتستدعي الإنجازات التي حققتها، والتي وسوف تحققها المرأة العربية في المستقبل، المزيد من التشجيع والتقدير. لم يعد ممكنا إخفاء تقدمها الملحوظ على هذا الصعيد، ولدينا العديد من الأمثلة لسيدات برزن في المجال الطبي، وتم تكريمهن محلياً وعالمياً. 

في مواجهة المرض

• مجال الطب صعب وأحياناً يكون مدمراً على الصعيد النفسي، لاسيما مع حالات تعاني أمراضاً قاتلة على غرار «اللوكيميا»، فكيف تتعاملين مع هذا الواقع؟

أعتبر أن الاختصاصي الذي يعمل في المختبر بمثابة الجندي المجهول، وذلك لكونه الداعم الأكبر للمرضى بفضل دقة تشخيصاته المخبرية، وجهده في التركيز على الأبحاث بغية التوصل إلى اكتشافات تساعد على إحراز نتائج طبية أفضل. لقد تدربت خلال دراستي وبالتحديد خلال (السنة الإكلينيكية) بعدة مستشفيات في السعودية، وتأثرت كثيراً لمعايشتي مرضى السرطان بشكل عام، وسرطان الدم على وجه الخصوص، وتعزز في حينها هدفي المتمثل في مواصلة دراستي في الأبحاث العلمية، إلى أن أصل إلى نتائج إيجابية تسهم في مواجهة هذا المرض.

براءات اختراع

توضح الباحثة أسماء العمودي أنها حققت براءة اختراع في النتائج الأولية للبحوث المتعلقة بـ«اللوكيميا»، وبراءة اختراع أخرى لاستخدام أنزيمات معينة لمعالجة خلايا الدم الجذعية طويلة المدى. مضيفة: «بحثي الآن في المرحلة التطبيقية على فئران التجارب. أما هدفي من أبحاثي في المستقبل، فهو إثبات أهمية استخدام تقنية معالجة الخلايا في المختبر بأنزيمات معينة، وإجراء التجارب على الحيوانات، تمهيداً لاعتمادها مستقبلاً وحقنها في المرضى».