تقول الحكاية، رجع الحاكم إلى قصره في ليلة شديدة البرودة، ورأى حارساً عجوزاً واقفاً بملابس رقيقة، فاقترب منه الحاكم وسأله: ألا تشعر بالبرد؟.. ردّ الحارس: بلى ولكني لا أملك ثياباً دافئة. فقال له الحاكم: سأدخل القصر الآن وأطلب من أحد خدمي أن يأتيك بثياب من الصوف تحميك من هذا البرد. هنا فرح الحارس بوعد الحاكم، ولكن ما إن دخل الحاكم قصره حتى نسي أو انشغل عن وعده. وفي الصباح كان الحارس العجوز قد فارق الحياة وإلى جانبه ورقة كتب عليها بخط مرتجف: أيها الحاكم، كنت أتحمل البرد كل ليلة صامداً، ولكن وعدك لي بالملابس الدافئة سلب مني قوتي وقتلني. مختصر الكلام، وعودك للناس قد تعني لهم الحياة والأمل فلا تستهن بها أو تتناسها. أقول هذا، وأنا أسترجع بالذاكرة وعد «القيصر» كاظم الساهر لجمهوره وأهل الإعلام بإنجاز «ملحمة جلجامش»، وكل مرة كان يقول إن المشروع أوركسترالي ضخم تنفيذه صعب يحتاج إلى وقت، وكم صبرنا لسنوات وسنوات، وفي آخر المطاف، أكد «أبو وسام» أنه انتهى من تلحين هذا العمل الجبّار، وأن المهمة تحولت للموزع الموسيقي الشهير الدكتور فتح الله أحمد، كان ذلك مطلع 2011، حتى جمعتني الصدفة مؤخراً مع د.فتح الله فسألته، متى ستنتهي من توزيع «ملحمة جلجامش»؟ ليصدمني بقوله: «شغلي أنجزته من زمان، والعمل برمته لدى كاظم، أي الكرة حالياً في ملعبه، لكنه أخبرني أنه غضّ النظر وأوقف المشروع، وبذلك لن ترى (ملحمة جلجامش) النور». وإذا كان الكلام صحيحاً وهو على الأرجح، لأن الساهر لم يعد يأتي بذكر العمل إطلاقاً، فإن «أبو وسام» بذلك فعل ما فعله الحاكم في القصة أعلاه.. أي مات الأمل الذي ينتظره منه جميع المثقفين والمحبين، والمتفائلين بأنه لا يزال هناك فن وفكر يقدمان.. يا خسارة! 

 ستختفي الكثير من المشاكل إذا تعلم الناس الحديث مع بعضهم البعض، أكثر من الحديث عن بعضهم البعض. أقول هذا وأنا أرصد الأزمة الراهنة بين المخرج محمد سامي، والفنانتين ياسمين صبري ونسرين أمين، بعد إعلانه رفض العمل معهما، وإهانته للأولى: «طردتها مرتين.. مبتعرفش تتكلم، فهي صورة من غير روح». ووصفه الثانية بـ«ممثلة درجة خامسة»، لترد عليه بما لا تحمد عقباه. عموماً، الثلاثة أحرار طالما أنهم أوصلوا أنفسهم من خلال التلاسن إلى نفق مظلم، متناسين أن كلمة طيبة في الحياة خير من قبلة على جبين ميت، وخير من دموع وأحزان ترصدها الكاميرات من فنان في عزاء فنان آخر. فأحبوا بعضكم لأن الفراق لا يعطي إنذاراً، وتكلموا عن بعضكم بالخير، فلا أحد يعلم متى ستكون آخر مكالمة أو لقاء.

 الخبر المفاجأة، عودة واحدة من أجمل نجمات كلاسيكيات الغناء العربي للساحة الغنائية بعد اعتزال قارب 30 عاماً. نعم، عادت المطربة المغربية عزيزة جلال للغناء، وهي التي تحمل حالياً الجنسية السعودية بعد قصة حب وزواج واعتزال وأمومة وحزن على رحيل زوجها.. عاشتها، وموعد العودة هو 26 ديسمبر في «مهرجان شتاء طنطورة». ورغم سعادتي بالخبر، سأخالف مقولة: «وجع الكتمان أفضل من ندم البوح»، معلناً ليت عزيزة بقيت لذيذة بغيابها ولم تعد، وستعرفون مبرري بعد حفلها.