الكاتبة الإماراتية إيمان اليوسف، لا تتقن إدارة الندوات فقط، وكتابة الروايات والقصص فقط، ولكنها تتقن جذب من يجالسها ليتابع حديثها حتى نهايته بشغف، مازجةً إياه بابتسامة وثقة العارف، فلا شك في أن تخصصها سيتضمن هذا الإتقان كذلك، بعد الهندسة. هي سفيرة متميزة لبلدها الإمارات في مجالها الأدبي بعد أن درست تخصص دبلوماسية ثقافية في ألمانيا، وتعرفت إلى هذا العالم عن قرب، كما باحت في حوارها مع «زهرة الخليج».

• ما الدبلوماسية الثقافية؟

الدبلوماسية الثقافية في مصطلحها الحالي، والطريقة الحالية التي تمارس بها، بدأت بعد الحرب العالمية الثانية، أي في بدايات الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، حينها اختارت روسيا الأسلوب الدعائي للتسويق لهويتها وفكرها، واختارت أميركا الدبلوماسية الثقافية، التي بدأتها من خلال السينما، إذ يمكننا ملاحظة القوة التأثيرية لهوليوود على العالم كله، بالإضافة إلى الطعام واللبس، والموسيقى، حيث كانت تبعث سفراء الجاز لكل دول العالم، ولم تكن زياراتهم للدول الأخرى للعزف فقط، بل كان الهدف منها بناء ونشر هوية خاصة لبلدهم. هذا النوع من الدبلوماسية هو نوع السياسة الوحيد الذي لا يكون فقط بين حكومات الدول، وإنما يكون بين المؤسسات والأفراد بشكل أكبر، فكل فرد من أي دولة سفير لها. ما تفعله الدول العظمى اليوم هو التركيز على ما يسمى التسويق، أو البراندينج، ولعل بريطانيا هي التي بدأت هذا الأمر منذ أوائل الثمانينات، من خلال عملها على فكرة «بريطانيا العظمى»، عن طريق معرفة نقاط القوة والتركيز عليها من أجل بناء هوية داخلية قوية، ثم العمل على تصديرها. والذكاء في الدبلوماسية الثقافية يعتمد على معرفة السير في طريقين، بمعنى أنني يجب أن أعرف كيف ينظر إليّ الآخر وأسوق ثقافتي بما يتناسب مع نظرته، مع التركيز على الرسالة التي أود إيصالها إليه. الدبلوماسية ليست ممارسة فقط وإنما تحتاج إلى ذكاء وأجندة ودراسات وتخطيط، والإمارات تعد من الدول السباقة في هذا الأمر، سواءً على مستوى الحكومة أم المؤسسات أم الأفراد.

تخصص

• كيف توصلتِ إلى معرفة هذا المجال؟

بدأ الأمر من خلال قراءاتي، حيث وقعت عيناي على مقال عن طريق الصدفة، وأحببت موضوعه. وكنت قبل قراءة المقال أدخل في دوامة سؤال الجدوى، إذ أتساءل دائماً عن دوري ككاتب، وما الفائدة من كتابة رواية أو قصيدة؟ وهل سيتوقف شيء في العالم عليهما، وهل سأتمكن من ترك بصمة؟ وأثناء بحثي عن هذا المجال، اكتشفت أن للأدب قوة حقيقية، بإمكانها تغيير مصائر الشعوب، وفي التاريخ نماذج عديدة تثبت قوته، في حال استغلت بالشكل الصحيح، وهذا ما دفعني إلى أخذ موضوع الدبلوماسية الثقافية على محمل الجد، والبحث عن الجامعات التي تدرسه، للدخول إليه من باب أكاديمي، فوجدت ثلاث جامعات في ثلاثة بلدان بالعالم فقط تطرحه كتخصص، ألمانيا وإيطاليا وبلجيكا، فدرست في ألمانيا وأخذت شهادة الدبلومة فيه. الجميل في الأمر أنه حين دراسة الدبلوماسية الثقافية، يتم التركيز على جزء معين منها، كدراستها من منطلق الأدب أو السينما أو الرياضة مثلاً، فاخترت السينما والأدب.

• ما الطريقة التي اتبعتها لتعريف المجتمع بها؟

بعد عودتي من الدراسة، حاولت التواصل مع أكثر من جهة من أجل هذه المهمة، لكن الموضوع يحتاج وقتاً طويلاً، فبدأت بصناعة محتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، وقناتي على اليوتيوب، بواسطة مجموعة فيديوهات، أتحدث فيها عن ماهيتها. قسمت هذه الرحلة على مراحل، بدأتها بالتعريف بالدبلوماسية الثقافية، مع إعطاء أمثلة، وفي الخطوة الثانية الحالية، أعرض لنماذج حية من دبلوماسيين ثقافيين، مارسوا هذه المهمة وهم على وعي بها وبما يقومون به. وستكون المرحلة المقبلة عبارة عن ورش وندوات، لتدريب المشاركين على كيفية كونهم سفراء مميزين لبلادهم بغض النظر عن مجال عملهم واهتمامهم.

معارض الكتب

• هل ترين أن لمعارض الكتب دوراً في هذا النوع من الدبلوماسية؟

بالتأكيد، ولكن ليس كل المعارض، فلو تحدثنا عن المعارض الصغيرة المحلية، التي يرى فيها الكاتب زميله الكاتب من نفس البلد، قد تخدم الثقافة والكاتب المحلي، ولكنها لا تخدم الدبلوماسية الثقافية، لأن الدبلوماسية تتعلق بمسألة تصدير أمر ما للآخر، يجب وجود الآخر، المختلف بثقافته، سواء خليجياً أم عربياً أم غربياً. فالمعارض الدولية كمعرض الشارقة للكاتب، تحقق الغاية من هذه الدبلوماسية، بالعدد الهائل والمتنوع من دور النشر، والضيوف الذين ينتمون إلى جنسيات مختلفة، فترى مثلاً كاتباً من الخليج مع آخر إماراتي وآخر مصري في جلسة ثقافية واحدة، وتجد أنك بعد المعرض قد خرجت بمعلومات عن كاتب آخر وثقافة جديدة، وهذا نجاح للدبلوماسية الثقافية.

• هل وجدتِ تأثير دراستك للدبلوماسية الثقافية فيكِ ككاتبة، سواءً في الكتابة أم في العطاء في هذه الساحة؟

نعم، في البداية كانت الدبلوماسية ترد على أسئلة الجدوى التي ذكرتها مسبقاً، وبعد عودتي بالشهادة عام 2017، اختارتني جامعة أيوا بالولايات المتحدة الأميركية، من أجل الحصول على الزمالة في الكتابة الإبداعية، في أعرق برنامج كتابة أدبي في العالم، وهو «البرنامج الدولي للكتابة»، وكنت أول إماراتية تحصل على هذه الزمالة، وأثناء وجودي هناك، لم أتكلم عن أدب إيمان فقط، بل تكلمت عن بلادي الإمارات ككل، وشعرت بأنني المرأة المناسبة في المكان المناسب، بفضل المعرفة بالدبلوماسية الثقافية. وكان لها تأثير في كل رحلاتي أثناء تمثيل الإمارات سواءً مع مبادرة أو هيئة، كنت أعرف ماذا أفعل وماذا أقول، كما ينبغي لسفيرة بلدها.

سيرة

صدرت لها ثلاث مجموعات قصصية وثلاث روايات آخرها «قيامة الآخرين».

 عضو إداري في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات.

• كتبت فكرة وسيناريو أول فيلم نسوي إماراتي قصير باسم «غافة».

• تحضر حالياً رسالة الماجستير في إدارة المعرفة.