لا يلغي عدم معرفة الأطفال، دون سن الثالثة، القراءة، أهمية تثقيفهم عبر قراءة الكتب والقصص التي تناسب مرحلتهم العمرية، للإسهام في تطور النمو العقلي لهم، حيث أكدت التجارب أن القصص التي يقرؤها الآباء والأمهات على أبنائهم، يكون لها تأثير كبير فيهم. «زهرة الخليج» ناقشت القضية مع الكاتبتين اللبنانيتين المتخصصتين في أدب الطفل، فاطمة شرف الدين وسحر نجا محفوظ، اللتين تحدثتا عن أهمية القراءة لهذه الفئة العمرية، وطبيعة الكتب التي تناسبهم وكيفية كتابتها.

 رموز مطبوعة

تقول الكاتبة فاطمة شرف الدين: «القراءة للأطفال، من أهم الأمور التي على الأسر القيام بها بعد الولادة، والأسباب عديدة، فعندما تقرأ الأم لطفلها الرضيع وهو في حضنها، يشعر بالأمان لسماع صوتها الهادئ، حتى لو لم يفهم الكلمات فسرعان ما يتعزز ارتباط الطفل بالكتاب والاهتمام به وبالصور الملونة. وعندما ينمو الطفل على عادة القراءة، يكتسب حب الكتاب ويستوعب الكثير عن عملية القراءة، والطفل الذي يُقرأ له بشكل يومي، سيكتشف أن الكتاب يُقرأ من البداية إلى النهاية، والسطور تُقرأ من اليمين إلى اليسا https://npzahra.admedia.ae/newspress/backup/files/images/2019/09/26/115413.jpg?tmp=1574690846 ر، ومن الأعلى إلى الأسفل، كما سيكتشف أن الرسوم تصور أشياء ترتبط بحياته اليومية، وأن الرموز المطبوعة هي كلمات».

 عادة أساسية

وفي ردها على سؤال حول الأسلوب الذي يجب أن يتبعه الأهل في قراءة الكتب لأطفالهم، أكدت فاطمة شرف الدين أهمية أن يجعل الأهل القراءة من أساسيات أنشطتهم اليومية مع الأطفال، وأن يكرسوا وقتاً كافياً في مكان هادئ لمشاركة كتاب مع الطفل، وشددت على ضرورة أن تضع الأم أو الأب الطفل في حضنها أو إلى جانبها، لكي يشعر بقربها وبحرارة وجودها. مضيفة: «يجب أن تتم القراءة بهدوء، بحيث يترك للطفل الوقت الكافي ليتفاعل مع الرسوم أو المحتوى، وأن يُستمع لتعليقاته باهتمام وجدية»، وتلفت شرف الدين إلى أن الأطفال عادةً ما يرغبون في إعادة قراءة الكتاب نفسه لهم، وعلى الأم أن تعيد مشاركة الكتاب معهم ما داموا يستمتعون بذلك.

 تأثير  

وتبين شرف الدين أهمية وتأثير الكتب الموجهة للأطفال دون سن الثالثة، قائلة: «من الضروري أن نعي، نحن الكتّاب، أهمية الكتب الموجهة للأطفال دون سن الثالثة، فإعداد كتب تناسب مرحلتهم العمرية يجب أن يهدف إلى تقوية علاقتهم العاطفية مع الأهل وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، وتطوير قاموسهم اللغوي بشكل كبير، كما أن هذه الكتب تنمي قدراتهم الذهنية، وتعد القراءة للطفل أفضل طريقة لإعداده بشكل سليم قبل دخوله مرحلة تعلم القراءة والكتابة».

وحول الفرق بين كتابة القصص لهذه الفئة العمرية ولغيرها من الفئات، والصعوبات التي تواجه إنتاجها، تقول شرف الدين: «من خلال تجربتي، أرى أنه عليّ، باعتباري كاتبة لهذه الفئة العمرية، مسؤولية كبيرة، فالمواضيع والكلمات والمفاهيم التي أختار الكتابة عنها، والأسلوب الذي أكتب به، عناصر سوف تسهم في تكوين أفكار ومشاعر ومفاهيم الأطفال الصغار، لذلك آخذ الموضوع بجدية كبيرة، وأهتم بتفاصيل عملية الكتابة بشكل دقيق. فالأطفال في الأعوام الثلاثة الأولى من أعمارهم، يحبون السجع الذي يشبه الغناء، وأنا آخذ ذلك بعين الاعتبار خلال عملية تأليف كتب الصغار. أما فيما يخص الصعوبات فتكمن في أخذ القرار الصحيح في اختيار الموضوع والأسلوب والشكل الذي سيظهر فيه الكتاب، وفي ضرورة المواكبة الدائمة والمستمرة، لكل ما يطرأ من جديد في أدب الطفل على المستوى العالمي، والاطلاع الدائم على نتائج الدراسات الحديثة التي تبحث في نمو الأطفال وحاجاتهم واهتماماتهم».

كتب مناسبة

من جانبها، تقول الكاتبة سحر نجا محفوظ: «من المعروف أن الطفل يستمع للقصص التي تروى له، وهو ما زال جنيناً في رحم أمه، حيث يتعود على صوتها ويبحث عنه بعد الولادة. من هنا يبرز التحدي الأصعب للأم وهو أن تثابر على القراءة لطفلها وهو في عمر صغير جداً، كي يتعود على الاستماع والاستيعاب ويصبح لديه مخزون من الكلمات والصور، كما يتوجب على الأم اقتناء الكتب التي تناسب مرحلته العمرية، والتي تسهم في ازدياد تعلقه بعادة القراءة في كل مرحلة من مراحل نموه». 

مفردات

أما فيما يخص الأسلوب الذي يجب أن يتبعه الأهل في قراءة هذا النوع من الكتب لأطفالهم، فتقول محفوظ: «لست خبيرة اجتماعية ولا متخصصة في علم الطفولة المبكرة، ولكن من تجربتي كأم أعتقد أن الأسلوب الأمثل، هو الجلوس قرب الطفل ومحادثته بصوت هادئ وتشجيعه على الإمساك بالكتاب، وربما أخذ رأيه في الكتب المختارة للقراءة، واختيار القصص التي تحمل رسومات محببة وواضحة». وتؤكد محفوظ أن هذا النوع من الكتب يساعد على بناء المفردات لدى الطفل وربطها مع الصور ومع محيطه، كما ينمّي لديه مفاهيم حول الألوان والتفاصيل، ويزيد من قدرته على الإسراع في النطق والتحدث بسلاسة. ولفتت إلى ضرورة أن يكون لهذه الكتب نوع أدبي متخصص، يكتب فيه فقط من يستطيع أن يضيف إلى مخزون الطفل العقلي والعاطفي.

 تقنيات

وحول تقنيات كتابة هذا النوع من الكتب التي تخاطب عقلية طفل لم يتجاوز الثلاثة أعوام، والاختلاف بينها وبين غيرها من القصص وكتب الأطفال، توضح محفوظ: «بالطبع هذا النوع من الكتب يختلف كثيراً عن غيره، وأعتقد أن المتخصص في التربية لهذا العمر هو الأصلح في خوض غمار الكتابة فيه، كونه أكثر معرفةً بمخيلة الطفل واهتماماته. فإذا كان أسلوب الكتابة لهذا النوع من الكتب غير صحيح، فلن يستطيع الطفل استيعاب ما فيه، كما سيجد صعوبة أيضاً في استيعاب الكتب الموجهة لأعمار أكبر. أما فيما يخص التحديات فهي تكمن في إيجاد الفكرة المناسبة، التي ينطلق منها الكاتب لتعزيز بعض المفردات والأفكار لدى الطفل، وإن حاد قليلاً عن الطريق، فإنه ربما يغرس مفاهيم مغلوطة، وهنا يكمن التحدي».

 أهم مواصفات كتاب الطفل:

الألوان: الكتب الغنية بالألوان ستكوّن علاقة لطيفة بين الطفل والكتاب، والألوان الواضحة ستجعله يميز بينها بسهولة فيما بعد.

عدد الصفحات: يجب أن تكون الكتب قصيرة وعدد الكلمات في صفحاتها قليلاً، لأن الطفل في هذا العمر يفقد التركيز بسرعة ولا يستطيع الاستمرار في وضع القراءة لفترة طويلة.

ملمس الكتاب: الكتب التي تحتوى صفحاتها على قطع بارزة ومجسمة ستزيد من ارتباط الطفل بها، كما تجعل الطفل مستمتعاً بتقليب صفحات الكتاب.

الصور: الكتب التي تحتوي على صور كثيرة تُبقي الطفل منشغلاً بالمشاهدة والمطالعة ومحاولة القراءة.