بعد فيلمه الأخيرPhantom Thread عام 2017، صرح مدير أعمال النجم دانيال دي لويس، بأن دانيال سيعتزل التمثيل. كان الأمر مفاجئاً بعض الشيء، إلا الذين عرفوا دانيال عن قرب أو عملوا معه، حيث كان يبدي رغبته هذه والتي تتسق مع تباعد أفلامه وقلة عددها، قياساً ببدايته الفنية عام 1971، حيث لا تتجاوز أفلامه 21 فيلماً، تتخللها فترات من الغياب والابتعاد عن الأضواء، كما حدث حينما ذهب إلى إيطاليا لتعلم صناعة الأحذية، حتى تمكن المخرج مارتن سكورسيزي من اقناعه بالحيلة، للقيام بدور بيل الجزار في فيلم Gangs of New York عام 2002.

إنجاز

لكن يمكننا أن ندرك حجم الإنجاز الكبير، الذي قدمه دانيال خلال هذا العدد القليل من الأفلام، حينما نعلم أنه ترشح لست جوائز أوسكار كأفضل ممثل رئيسي، فاز بها لثلاث مرات كإنجاز فريد غير مسبوق في مجال تمثيل الرجل، ووضعته مجلة Empire  في عام 1997 بعد فيلمه الخامس عشر، وترشيحين للأوسكار نال الجائزة مرة واحدة فيهما، في المرتبة الـ25 في قائمة «أفضل 100 نجم أفلام في كل العصور».

 سيرة 

ولد دانيال عام 1957 في لندن من عائلة فنية أدبية، فوالده كان شاعراً وكاتباً معروفاً، ووالدته كانت ممثلة. أما هو فلم يكن بارعاً في دراسته بقدر موهبته اللافتة في التمثيل، والتي ألحقته بـ«مدرسة بريستول اولد فيك المسرحية»، فقد كان ميالاً للأعمال الحرفية والنجارة في مراهقته، بجانب موهبته في التمثيل التي وضعته على أولى عتبات طريق النجومية والشهرة والإبداع، وهو في سن الرابعة عشرة، مشاركاً بدور صغير في فيلم Sunday Bloody Sunday، قبل أن يشارك عام 1982 سينمائياً عام 1982 في فيلم «غاندي» 1982 مع المخرج ريشارد اتنبرا، ثم عام 1984 مع النجوم أنطوني هوبكنز ولورانس أوليفي وميل غبسون في فيلم «السفينة باونتي»، إلا أن انعطافته الحقيقية والتي لفتت الأنظار إليه ونقلته إلى كبار الفنانين، كانت عام 1989، حينما فاز بأوسكاره الأولى عن شخصية الكاتب والشاعر كريستي براون، المولود بشلل دماغي والذي تعلم الرسم والكتابة مع أطرافه الوحيدة، التي يمكن السيطرة عليها، التي قدمها في فيلمMy Left Foot:The Story of Christy Brown.     

ثاني ترشيح أوسكار

تعاون دانيال في عام 1993 مع المخرج سكورسيزي، لأول مرة في فيلم درامي رومانسي The Age of Innocence، في قصة تعود أحداثها للقرن التاسع عشر في نيويورك، وتدور حول حكاية مجتمع رفيع المستوى يقع فيه محامٍ شاب في حب امرأة انفصلت عن زوجها، بينما كان يعمل مع ابن عم المرأة. وفي نفس العام يستعين به المخرج الأيرلندي جيم شيردان ليحقق من ترشيحه للأوسكار الثانية، كأفضل ممثل عبر الفيلم الرائع والمقدر كثيراً In the Name of the Father، الذي تدور أحداثه حول اعتراف رجل بالإكراه على تفجير حانة في لندن، وانتسابه للجيش الجمهوري الأيرلندي مما يؤدي إلى سجن والده كذلك. بينما يتصدى محامٍ إنجليزي لإثبات براءته مع أصدقائه. ثم سيعاود التعاون مرة أخرى مع المخرج جيم شيردان عام 1997 بفيلم The Boxer حول الموضوع ذاته المتعلق بالجيش الجمهوري الأيرلندي، ولكن هنا من خلال قصة الشاب داني فلين الذي يطلق سراحه بعد 14 سنة في السجن ليحاول بناء حياته من جديد في بلفاست.

بيل الجزار

أما ترشيحه الثالث أوسكارياً فيأتي مع تعاونه الثاني مع المخرج مارتن سكورسيزي بعد انقطاع 5 سنوات، وذلك عبر فيلم العصابات والجريمة من القرن التاسع عشر Gangs of New York، حينما يسعى شاب من أصول إيطالية إلى الانتقام من بيل الجزار المتحكم في منطقة فايف بوينتس، وهذا الفيلم يعد واحداً من أكثر الأفلام الجماهيرية. وبعدها يبدأ دانيال تعاونه الأول مع المخرج باول توماس اندرسون وترشيحه الأوسكاري الرابع، الذي يحقق له الفوز الثاني بالجائزة، من خلال فيلم There Will Be Blood بالشخصية المريعة دانييل بلانيفيو، العامل في حقول النفط مع اكتشافه في أميركا. ثم يحقق دانيال بعد 5 سنوات أيضاً أوسكاره الثالثة مع ترشيحه الخامس، تحت قيادة المخرج ستيفن سبيلبيرج هذه المرة، وهو يؤدي شخصية الرئيس لينكولن إبان فترة الحرب الأهلية وتحرير العبيد. ثم يقرر التوقف لخمس سنوات أخرى، قبل أن يعود للسينما بطلب من المخرج باول توماس اندرسون، وليحصل على ترشيحه السادس، وهو يقدم آخر أفلامه حتى الآن عام 2017 Phantom Thread، مؤدياً شخصية خياط شهير من الخمسينات. ولا يعلم أحد حتى الآن، إذا ما كان قرار دانيال نهائياً بالاعتزال، أم أنه سيعود حينما يكمل الخمس سنوات غياباً!

محطات من حياة دانيال:

  كان ممثلاً منهجياً ممن يعيشون الشخصية في حياتهم الواقعية، وينغمسون فيها بشدة، فمثلاً تعلم اللغة التشيكية من أجل فيلم The Unbearable Lightness of Being.

فضل البقاء في حياته الشخصية على كرسي متحرك أثناء تصوير مشاهد فيلمه My Left Foot، حتى يتقن دور المقعد تماماً.

  خلال تصوير فيلم The Last of the Mohicans بنى زورقاً، وتعلم تعقب الحيوانات والجلد، وأتقن استخدام بندقية فلينتلوك 12 رطلاً، التي أخذها في كل مكان ذهب إليه، حتى إلى عشاء عيد الميلاد.

عمل 3 سنوات من أجل التحضير لشخصية  دانييل بلاينفيو في فيلم There Will Be Blood.

قلده الأمير ويليام دوق كامبريدج لقب (فارس/‏السير) في قصر باكنغهام عام 2014 تقديراً لمهنته السينمائية الحافلة بالإنجاز.