تسعى الفنانة التشكيلية الإماراتية الشابة ندى العامري إلى نشر الإيجابية والسعادة حولها، وتحاول أن توظف الفن التشكيلي لعلاج أصحاب الهمم وغيرهم ممن يعانون الحالات النفسية البسيطة. وترى في حوارها مع «زهرة الخليج» أن العلاج بالفن هو وسيلة فعالة للتعبير عما بداخل الإنسان، من خلال استخدام الألوان وإطلاق العنان للمواهب الدفينة وإبرازها.

موهبة

اكتشفت ندى العامري موهبة الرسم منذ نعومة أظفارها، وربطت عشقها للفن التشكيلي بدراسة الكيمياء، وعن بدايتها تقول: «عملت في قسم المختبرات الطبية بمستشفى الشيخ خليفة، وشعرت وقتها بأن الكيمياء ترتبط بتركيب الألوان. قبل أن أحصل على بكالوريوس في الهندسة الكيميائية من جامعة الإمارات، ثم نلت درجة الماجستير في تخصص المتاحف من جامعة السوربون أبوظبي، ثم حصلت على شهادة من منظمة العلاج النفسي بالفن من بريطانيا، وأعمل حالياً مهندسة بترول في إحدى الشركات بأبوظبي، ولدي «جاليري» لتعليم الرسم والعلاج بالفن».

 وسيلة فعالة

تشعر العامري بسعادة بالغة عندما تساعد الحالات التي تعاني اضطرابات نفسية أو صدمات عاطفية أو صعوبة في التواصل مع الآخرين، وتقول: «العلاج بالفن وسيلة فعالة، لعلاج الكثير من المشكلات التي تواجه الناس، فهو أسلوب من أساليب العلاج غير التقليدي، خاصة عندما يلجأ البعض إلى الطبيب النفسي من دون جدوى، فيبدأ دور العلاج بالفن، إذ يساعد المريض على التعبير عما بداخله من خلال رسم لوحة أو كتابة قصة أو حتى تلوين إحدى الرسومات، وإطلاق العنان للمواهب الدفينة داخل كل منا».

 تدوين الأفكار

ترى العامري أن المرأة الإماراتية أصبحت مؤثرة في العالم وملهمة للجميع، مشيرة إلى أنها تدون أفكارها أولاً بأول وترى أن طريقة تدوين الأفكار والأهداف، وسيلة فعالة جداً لتحقيقها، وتضيف: «كثير من الأحيان أعبر عن بعض الأفكار التي تدور في خاطري برسمها، وبعد فترة أجد نفسي أعمل عليها، لأن العقل الباطن للإنسان يسجل ما يدور به ويخزنه، ويمكن للشخص الاستفادة من أفكاره في المستقبل إذا حفظها، سواء عن طريق تدوين الفكرة أو رسمها».

خامات من الطبيعة

وفيما يتعلق بسبب اختيارها للألوان الصارخة خامات من الطبيعة، توضح: «أُفضل الألوان الجريئة مثل البرتقالي، لأنها تبعث في النفس الأمل والإشراق، فضلاً عن استخدامي الشوكولاتة والتراب والقهوة وغيرها من المواد الطبيعية، وأدمج الطبيعة والبيئة في لوحاتي لمنح من يشاهدها الشعور بالقوة والإيجابية وتخطي الصعاب لا سيما أن الفن غذاء الروح والعقل».

ضغوط الحياة

الكثيرون منا يشعرون بضيق في بعض الأحيان ويحتاجون فقط لمتنفس يخلصهم من ضغوط الحياة ومشكلاتها، وتقول العامري: «مع التقدم التكنولوجي وزيادة أعباء الحياة، بات الناس في حاجة لمن يغير من انفعالاتهم ويهدئ الصخب اليومي بداخلهم مما دفعني إلى دراسة العلاج بالفن، وفي هذا السياق حصلت على شهادة معتمدة من الجمعية الأميركية للعلاج بالفن، حيث أرى أنه يساعد على تحسين المزاج، وتعزيز الثقة، وتقدير الذات، وتبديد مشاعر العزلة، والانطوائية». وتشير العامري إلى أن العلاج بالفن يستطيع أن يسهم في علاج الاضطرابات الذهنية، والانحرافات السلوكية واضطرابات الأكل والنوم والاضطرابات الشخصية، وكذلك اضطرابات النمو والأخرى المتعلقة بالتعليم، واضطرابات فرط الحركة.

 العمل التطوعي

ويلعب العمل التطوعي دوراً مهماً في حياة ندى العامري، وتقول: أجمل شعور يمكن أن يصادف الإنسان هو مساعدة من حوله على تخطي المحن والآلام وهذا ما أحاول أن أصبو إليه من خلال مساعدة الناس عن طريق العلاج بالفن، ولي تجارب عديدة مع أصحاب الهمم والمكفوفين الذين أساعدهم على رؤية العالم من خلال الألوان.

 كيفية العلاج

عن كيفية العلاج بالفن، تبين العامري: «يمر الإنسان بظروف صعبة ويواجه الكثير من تحديات الحياة، وفي كثير من الأحيان يتقوقع على ذاته ولا يجد من يستمع له، ولا يرغب في التحدث إلى طبيب نفسي ويبدأ بالدخول في دوامة المرض النفسي، وهنا يأتي دور العلاج بالفن فتبدأ جلسات التقويم، بحيث نطلب من المريض أن يرسم أو يكتب شعراً أو يعزف مقطوعة موسيقية، يستطيع من خلال ذلك التعبير عما بداخله من دون أن يتحدث. وبعد عدة جلسات نستطيع تقويم الحالة، واكتشاف نقطة الألم بداخله وسبب معاناته، ثم نبدأ بوضع خطة علاجية هدفها تعزيز ثقته بنفسه، ورفع مستوى الإيجابية وتقدير الذات لديه من خلال إبراز موهبته التي تظهر غالباً خلال جلسات العلاج».