مثل كل عام يأتينا يوم الثاني من ديسمبر لنحتفل فيه بعيد التوحد تحت راية واحدة وهي راية دولة الإمارات العربية المتحدة، ونفتح دفاتر ذكرياتنا، ونقلب في أوراقها، ونستعيد من التاريخ بعضاً من حكمته، لنتحدث عن تلك اللحظة الفارقة في تاريخ مجتمعنا وهي لحظة إعلان الاتحاد.

واليوم لنفعل شيئاً مختلفاً، دعونا بدل أن نفتح دفتر التاريخ لنفتح دفتر المستقبل، ونقرأ تلك السطور المخبوءة في عباءة الأمل، لنقرأ أحلام كل أب وكل أم وكل إنسان يعيش على أرض الإمارات الخصبة بالخير.

المستقبل ذلك القائم على ماضٍ وحاضر، يستمد قوته من يقين الإنسان الإماراتي بأنه لا بد أن يكون جزءاً من الحضارة البشرية الحديثة، وليس فقط مجرد جزء منها، ولكنه فاعل وصانع لقيمة مضافة.

  يتخلص من عباءة المستهلك ويرتدي عباءة الصانع، الذي يقدم للبشرية الجديد، من خلال العلم والمعرفة والفكر، فهكذا تحيا الحضارات وتبقى، مهما طال بها الزمن، وتظل تقاوم حتمية الشيخوخة الحضارية، بل يمكن أن تكسر تلك الحتمية بأن تبقى وتظل منبعاً للخير لكل البشرية.

قد يقول أحدهم هذا مستحيل، ونحن في الإمارات نقول لهم نحن نتحدى المستحيل، وسنهزمه لأننا أقوياء بمجتمع ينمو وعيه يوماً وراء يوم، وبقيادة رشيدة تخطط من أجل المستقبل، ولا تقف عند إنجازات الماضي، بل تبني عليها كل يوم منجزاً جديداً، وتصون تلك الأمانة التي حمّلها لهم الأجداد والآباء، وتدرك قيمة تراب هذا الوطن فتقدم له كل ما يسهم في جعله الأول في كل شيء.

عند كل مناسبة تاريخية نقلب في ذاكراتنا ونسترجع الماضي ونفتخر به ونزهو بأننا كنا هنا على هذه الأرض منذ آلاف السنين، بنينا حضارة ظلت مطوية بين ثنايا الرمال، حتى باحت بخبيئتها وأخبرتنا عن ذلك التاريخ العميق. لكن أجدادنا كانوا جزءاً من التاريخ، ونحن الأحفاد جاء دورنا كي نصنع التاريخ، والتاريخ لا يصنعه إلا المنتجون للمعرفة والعلم والقيم.

كل الحضارات ترتكز على حلم زار يوماً أهلها، وحين أشرقت عليهم شمس النهار سجلوا الحلم نقوشاً على جدران عقولهم واجتهدوا حتى صارت أحلامهم حقائق. فاحلموا معي بالمستحيل، لأنه لو لم يكن ممكناً لكان عدماً، لكن المستحيل يظل مجرد فكرة وخوف مسيطر على وجدان البعض، وحين نتخلص منه يتم ترويض المستحيل ليصير واقعاً ممكناً.