كثيراً ما نقول أشياء ولا نتوقع نتائجها إلا لاحقاً أو متأخراً. مناسبة كلامي هي «ليلة السندباد» التي أقيمت ضمن «موسم الرياض»، وبطلها الصديق راشد الماجد. لكن ما لا يعرفه كثيرون، سوى ربما الراصدون لأخبار الماجد، أنني من أطلقت لقب «السندباد» عليه، كان ذلك عام 1994 عندما زرت مملكة البحرين لتغطية حفل جمع الراحلة رجاء بلمليح و«مخاوي الليل» خالد عبد الرحمن ومطرب «يا نار شبي» محمد البلوشي والراقصة دينا، ويوم الحفل تواصلت مع راشد وجاء بسيارته واصطحبني إلى مسكنه في أحد المنتجعات الفاخرة لإجراء الحوار الذي لأجله ضحيت بتغطية الحفل، فموافقة راشد حينها على إجراء لقاء معه كانت أمراً لا يعوض و(صيداً ثميناً) يتمناه كل إعلامي فني، ذلك لأن الماجد أولاً: مقل في أحاديثه وظهوره الإعلامي، ثانياً: لكونه دوماً يتنقل من بلد إلى آخر إما لإنجاز أعمال فنية أو بحكم ارتباطاته مع شخصيات بارزة، لذا وبعد إجرائي اللقاء معه ولدسامة المحتوى، تم نشره على مدار سبع حلقات في مجلة «الرياضة والشباب» الأسبوعية (أُغلقت لاحقاً) التي كنت أرأس قسمها الفني قبل إلتحاقي بـ«زهرة الخليج». المهم أني قبلها وبينما كنت أختار عنواناً للقاء، أردت الإشارة لشخصه، وكي لا أكرر عبارة (نجم الأغنية الخليجية) المتداولة بكثرة، فكرت في اختيار لقب للماجد، وكونه المسافر دوماً ويحمل في ملامحه ما يذكرنا بشخصية «السندباد»، دونتها على صفحات اللقاء، وكتبت «سندباد الأغنية الخليجية راشد الماجد». وبمجرد أن نشر الحوار وأحب الجمهور صراحة واعترافات الماجد، انتشر لقب «السندباد» وبات ملازماً له منذ ذلك الحين، وحتى اليوم. لكني لم أسأل نفسي يوماً إذا ما كان راشد سعيداً بهذا اللقب أم منزعج منه؟ حتى أجريت معه لقاء مطولاً زين غلاف «زهرة الخليج» (العدد 1984) تزامناً مع عيد مطبوعتنا الأربعين، ويومها اعترف لي راشد بما صدمني.

في الحوار المنشور، سألت راشد الماجد: لكل فنان لقب، فأي لقب أحب إليك؟ وبصراحة كنت أتوقع منه أن يشكرني على لقب «السندباد» الذي يحمله لقرابة 25 عاماً، لكنه أجاب: «بصراحة، أنا لا أحب لقب (سندباد الأغنية) والرجاء من الجمهور عدم مناداتي به، فهذا اللقب يجعلني أحس وكأن (علي بابا) شوي وبيدخل عليّ ونبدأ نتطارح على بعض. واللقب الوحيد الذي أحسه يليق على صاحبه هو لقب «فنان العرب»، فهو يناسب محمد عبده، والأفضل أن يُنادى كل مطرب باسمه».

طبعاً طلب (بوطلال) عدم مناداته بلقب «السندباد» جاء متأخراً فاللقب لبسه، حتى إن «هيئة الترفيه» في «موسم الرياض»، أقرت ضمن «ليالي الأساطير»، حفلاً ضخماً تم فيه تكريم الماجد، سمته «ليلة السندباد»، معنى ذلك أن اللقب أصبح ماركة مسجلة باسمه. الأمر الذي زادني فخراً، لكني لا أدري إن كان الماجد غيّر رأيه وأحب اللقب أم أنه داخل أعماقه كاره له؟ عموماً إذا كانت الأولى فهنيئاً له؛ لأنه يستحق كل فرح ونجاح. أما إذا كانت الثانية، فأعتذر له مواسياً ومؤكداً أن راشد لا يحتاج ألقاباً، وأقول له: أينما تجلس.. تجد نفسك في صدر المجلس.