قاد شغف الدكتورة العُمانية فاطمة المعمري بالفيزياء، إلى الاهتمام بالبحث التجريبي في المادة المكثفة في علم المغناطيسية، وعلم الإلكترونيات الدورانية spintronic، بعد أن نالت درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة ليدز في عام 2016، حيث التحقت بمجموعة فيزياء المواد المكثفة كباحث زائر. وجاء انخراطها في ميدان البحوث لتؤكد نفسها عالمة يفتخر بها وطنها وعالمها العربي. 

 في حديثها مع «زهرة الخليج» تؤشر المعمري التي تعمل بوظيفة أستاذ مساعد بقسم الفيزياء في جامعة السلطان قابوس في سلطنة عمان، على تطلعاتها المستقبلية وشغفها العلمي.

 • تعملين على تصنيع مواد مغناطيسية لتحل محل المواد الأرضية النادرة، عن أي مواد نادرة نتحدث؟

من بين العناصر الأرضية النادرة (النيوديميوم) و(الدسبروزيوم) وتستخدم في المغناطيسيات القوية ذات الأداء العالي، لتصنيع محركات توليد الكهرباء من الرياح (Wind Turbine). وتُعرف هذه العناصر بالمعادن الأرضية النادرة أو العناصر الأرضية النادرة، وتطلق الصفة (نادرة) عليها بسبب ندرة الأماكن التي كانت تستخرج منها سابقاً.

• هل يمكنك تحديد ما الذي تركز عليه أبحاثكم؟

تسعى أبحاثنا إلى تصنيع أو إيجاد تركيبة جديدة من مواد ذات خصائص مشابهة أو تفوق في خصائصها العناصر الأرضية النادرة، على أن تكون عناصر صديقة للبيئة ومجدية اقتصادياً.

اكتشاف قيّم

• من أين أتتك فكرة تصنيع مواد مغناطيسية؟ 

أصبحت دراسة الخواص المغناطيسية للمواد من أكبر اهتمامات الباحثين في الفيزياء عالمياً، غير أن البحوث في هذا الميدان ما زالت نادرة في منطقة الشرق الأوسط، لذلك طمحت إلى دراسة هذا العلم والتعمق فيه، كي أخرج باكتشاف قيم لدول الخليج يسهم في جهود تنميتها.

 معوقات وطموح

• أي معوقات أو صعوبات اعترضت بحثك العلمي، وكيف ذللتها؟

تمثلت أبرز التحديات التي واجهتني في إنجاز نتائج عملية ناجحة في وقت قصير. فكما هو معروف، إن البحث العلمي يحتاج تفرغاً تاماً وانشغالاتي الأكاديمية كثيرة، ولكنني وعلى الرغم من ذلك استطعت تحقيق نتائج ممتازة، بفضل إصراري ووضوح أهدافي والمجهود الكبير الذي بذلته وما زلت مستمرة في بذله.

• ما الذي طمحت إلى تحقيقه من خلال بحوثك؟

يتركز طموحي في التوصل إلى مواد بديلة جديدة وصديقة للبيئة، يكون لها دور في إنتاج أنواع جديدة من الأجهزة صغيرة الحجم وقليلة الوزن ورخيصة الثمن، وذات كفاءة عالية. 

• معادن وعناصر ومواد بديلة ومغناطيسية دائمة، كلها تسميات صعبة على غير المتخصصين، فكيف تعاملت معها؟

في أي مجال بحثيٍّ يتوجب على الباحث تطوير معرفته بمجاله. ومن أهم وسائل التطوير، القراءة والاطلاع على أحدث البحوث في مجاله، وحضور المؤتمرات العالمية المتخصصة، وقد انتهجت هذا النهج طوال مدة دراستي ببريطانيا.

الدعم للإنجاز

• ما الذي أنجزته إلى اليوم في مجال بحثك؟ وإلى أين تتوجه رؤيتك المستقبلية في هذا المجال؟

في مجال بحثي المتعلق بصناعة المواد الممغنطة (المغناطيسيات)، قمنا بصناعة مواد بتركيبات مختلفة، ولكن ما زالت قوتها المغناطيسية لا تفي بمتطلبات الإنتاج من الناحية العملية، أو باستخدامها في الأجهزة مباشرة، وأسعى إلى التوصل إلى التركيبة الصحيحة لهذه المواد حتى يتم استخدامها مباشرة في الأجهزة المناسبة. وكذلك أطمح إلى تصنيع مواد ممغنطة متعددة الاستخدامات. 

• أبحاث علمية من هذا النوع تحتاج إلى مظلة أو دعم حكومي، فهل توافر ذلك لك؟ 

الدعم الحكومي في سلطنة عمان متوافر من خلال مجلس البحث العلمي الذي يدعم البحوث العلمية، كما تخصص الجامعة للأبحاث. ولكن في بعض الأحيان لا يكون الدعم المقدم للأبحاث كافياً، أو أنه يقتصر على أبحاث في مجالات محددة. لقد منحني وطني الحبيب فرصة إكمال مشواري الدراسي في بريطانيا واكتساب الكثير من المهارات العلمية. وأنا على يقين تام بأن ما أنجزته خلال مسيرتي العلمية، هو إنجاز يحسب لسلطنة عمان ويُفتخر به.

• هل تقدمك على صعيد العلوم يؤسس لهوة بينك وبين بنات جيلك غير المهتمات بهذا المجال؟ وهل صحيح أنه من النادر إيجاد أنثى لديها ميول علمية؟

لا، بل أثق بأن عملي في هذا المجال يمثل حافزاً لبنات جيلي من أجل السعي وراء حلمهن مهما كان. وبالنسبة للمهتمات بالعلوم فإن مهنتي وشغفي يشجعانهن على إكمال مسيرتهن العلمية. ولا أرى أنه من النادر وجود المرأة في الميادين العلمية، بعد أن أصبحت لها بصمة واضحة في العديد من هذه المجالات، كما أعتقد أن رغبة العديدات في الانخراط في العلوم كبيرة، وتبقى القدرة على الاستمرار هي التي تشكل الفارق. 

 حلم

 تحلم الدكتورة فاطمة المعمري بإنشاء مركز بحثي مختص بعلم تكنولوجيا النانو وتطبيقاتها في مختلف العلوم، وتضيف: «سأسعى إلى أن يخدم هذا المركز الخطة التنموية في سلطنة عمان والخليج وكل منطقة الشرق الأوسط، وأن يجمعه تعاون بحثي مع معاهد مختلفة في العالم، وارتباط وثيق بالقطاع الصناعي في المنطقة. كما أصبو إلى تحفيز أبناء الجيل الحالي للنظر بإيجابية إلى التعلم، وتطوير إمكاناتهم الفطرية ليبدعوا في مختلف المجالات البحثية العلمية».