اطلعت خلال الفترة الماضية على إصدار جديد للشيخة سلامة بنت هزاع آل نهيان، هو قصة للناشئة بعنوان أمّ النار، إضافة إلى إصداراتها خلال معرض أبوظبي للكتاب، وهي «مسرحية عن حقوق الأطفال»، و «حكاية بئر الألغاز»، و«يتامى في الغيب». اهتمت منذ إصداراتها الأولى بتوفير القصص باللغتين العربية والإنجليزية، حتى تصل قصصها إلى أكبر عدد من الناشئة، الترجمة للغات أخرى أبرزها الإنجليزية أمر ضروري، لكنه أهمل كثيراً من جانب الأدباء العرب.
هذه الإصدارات المميزة هي فاتحة الخير؛ لأنها جاءت لتسدّ نقصاً في مجال الناشئة، خاصة في موضوعات مثل الحكايات الشعبية، وحقوق الأطفال، إضافة إلى ما تميزت به القصص من لغة صافية عذبة رقراقة، وقدرة على التصوير؛ لتأخذ القارئ في عوالم خيال مدهش، لا يشبه إلا نفسه.
الشيخة سلامة بنت هزاع هي خريجة الجامعة الأميريكية في دبي، قسم الدراسات الدولية، تملك قلما سيّالاً مبدعاً، ترتوي بعض قصصها من روح الحكايات الشعبية الإماراتية، من دون أن تتقيد بحبكاتها ولا تفاصيلها، مضفية إليها الكثير من التشويق والغموض، اللذين يهواهما الناشئة، فهما يحفزان على القراءة، فلا يتوقع ممن يمسك بالقصة إلا أن يقرأها كاملة حتى النهاية.
تبتكر في قصصها حبكات مستفيدة فيها من اطلاعها على الأدب العالمي، وتوظف بعداً فلسفياً، لكنها تبسطه وتقرّبه للناشئة في عبارات موجزة، مثال على ذلك من قصة «يتامى في الغيب»، التي تدور أحداثها في فترة ما قبل الاتحاد، حيث ابتلع الأطفال حبات اللؤلؤ، فأصبحوا غير مرئيين، لكن كل واحد منهم امتلك قدرة خارقة، ساعد من خلالها الناس في التصدي للقراصنة، بعملهم الصالح هذا تمكنوا من تجاوز محنتهم، فصاروا مرئيين؛ كي يرجعوا لأهلهم. أما في قصة أمّ النار، فهناك إشارات إلى هذه الحضارة العريقة، دور النار بوصفه سبيلاً لنشوء الحضارات الأولى، رمزاً للقوة، العلم، والإبداع.  
رغم قصر عمر تجربتها، إلا أنها استطاعت أن تتميز من قصة لأخرى، فلا واحدة تشبه الأخرى، هي قادرة على تجاوز تجربتها في القصة السابقة، مما يدل على وعي بأهمية تنويع الموضوعات والتقنيات، كاشفاً عن موهبة متوقدة متحفزة، عاشقة لما تفعل، لما تبدع و ما يخطه قلمها، ورغبة جادة منها في الإضافة المتميزة لإبداعها وللمكتبة العربية.