أجسامنا قد تُشفى قريباً من مرض السكري. هذا ليس حلماً ولا مجرد تمنٍّ. فالعلاجات الجديدة كثيرة، تتتالى، ولا مستحيل في الطبّ. الخلايا ليست ثابتة ولا محددة سلفاً. ويمكن تغيير هويتها ووظيفتها. وهذا الاكتشاف الطبي الجديد سيوفر علاجات في المستقبل. وفي التفاصيل، أن مرض السكري من النوع الثاني يظهر حين لا يعود الجسم قادراً على إنتاج الإنسولين، وهو الهرمون الذي ينظم مستويات السكر في الدم، بسبب خلايا الإنسولين التالفة أو غير الموجودة.

اكتشف باحثون أن الخلايا المنتجة للسكر في البنكرياس يمكن تغيير هويتها لتتكيف وتتمكن من القيام بمهام خلايا الإنسولين التالفة والمفقودة. وفي التفاصيل، أن %2 فقط من الخلايا المتاخمة للبنكرياس، يمكن أن تُغيّر الهوية وهذه النسبة على ضآلتها تبعث على التفاؤل في شأن أساليب العلاج الجديدة المحتملة. كونها تساعد على التحكم في تغيير هوية المزيد من الخلايا وإنتاج مزيد من الإنسولين. وهذا الاكتشاف قد يساعد أيضاً على علاج أمراض أخرى ناجمة عن موت الخلايا مثل مرض الألزهايمر والأضرار الخلوية الناتجة عن الأزمات القلبية.

ألفا وبيتا ودلتا
يوجد ثلاثة أنواع من الخلايا في البنكرياس: خلايا ألفا، خلايا بيتا، وخلايا دلتا. وهذه الخلايا على أنواعها تنتج هورمونات لتنظيم نسبة السكر في الدم. خلايا ألفا تنتج الجلوكاجون ما يزيد من مستويات السكر في الدم. خلايا بيتا تنتج الإنسولين مما يقلل من مستويات الجلوكاجون، أما خلايا دلتا فتنتج «السوماتوستاتين» الذي يتحكم في تنظيم خلايا ألفا وبيتا. والأشخاص الذين يصابون بداء السكري يعانون خللاً في وظيفة خلايا بيتا التالفة، مما يؤدي إلى زيادة مستويات السكر في الدم.
من الاكتشافات الجديدة، التي قد تُبدّل من مستقبل داء السكري، استخدام تقنية الموجات الصوتية، التي يُلقي من خلالها الأهل عادة نظرة خاطفة على الجنين وهو في الرحم، والتي تُصدر ترددات خفيفة لا نسمعها، يمكن أن تسهم بما هو أبعد وأكثر من كلّ هذا، حيث اكتشف الباحثون إمكانية استخدام هذا النوع من الطاقة، إذ يمكن التحكم في مرض السكري قبل إضراره بالجسم. وفي التفاصيل، أن الجسم المصاب بالسكري لا يستجيب بشكل طبيعي لهرمون الإنسولين، أو لا يصنع الإنسولين على الإطلاق، وتتمثل مهمة الإنسولين في نقل السكر البسيط، أي الجلوكوز، المنتشر في الدم إلى الخلايا، مسهماً في تغذية هذه الخلايا ونموها. وحين لا يعود قادراً على أداء وظيفته فإن الجلوكوز يتراكم في الدم ويلحق، مع مرور الوقت، أضراراً في الأعضاء. وفي الاكتشافات الجديدة تبيّن أن الموجات فوق الصوتية قادرة على أن تدفع خلايا المخّ إلى إطلاق مواد كيميائية معينة، تعمل على تحفيز خلايا بيتا لإطلاق الإنسولين. وهذا ما تسهم به أغلبية أدوية السكري، التي قد تكون لها تأثيرات جانبية على الجهاز الهضمي والكلى، لا تسببها الموجات فوق الصوتية.

السبب السابع
الاكتشافات تتتالى. الاختبارات تتتالى. وأدوية جديدة تظهر سنوياً ذات فعالية عالية، لكن، تبقى العيون متجهة إلى هذا الداء الذي أصبح وباء، حيث هناك أكثر من 422 مليون شخص في العالم حُكم عليهم بتناول الأدوية مدى الحياة، أي بنسبة أربعة أضعاف على ما كان العدد قبل 40 عاماً، وأصبح داء السكري السبب السابع للوفيات في العالم. لهذا، يستمرّ البحث عن علاجات تحمي مرضى السكري من المضاعفات الصحية.
هل هناك علاج سحريّ لداء السكري؟ بالطبع لا، لكن البحث يستمرّ حول أفضل ما يُمكّن المصابين من إدارة المرض المناعي الذاتي الذي يُحدث، إذا لم يعالج، دماراً في الخلايا الموجودة في البنكرياس التي تُنتج الإنسولين.
على صعيد الأدوية الجديدة، تمّت موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية، قبل نحو شهر، على دواء جديد يُخفّض نسبة السكر في الدم لأشخاص مصابين بداء السكري من النوع الثاني. وكثر الكلام في الآونة الأخيرة عن اكتشاف جديد يعمل على تثبيط الناقل المشارك صوديوم/‏جلوكوز سيساعد على السيطرة على مستويات السكّر في الدم لدى البالغين المصابين بالنوع الثاني من السكري، وقد أظهر هذا الاكتشاف سيطرة ممتازة على نسبة السكري في الدم، كما أدى إلى تخفيض ضغط الدم والوزن.