يرتبط «اللانش بوكس» بكثير من الحنين للماضي والذكريات، ولكن ما يجهله معظم الناس أن هذه الصناديق العزيزة من زمان الطفولة، والتي كانت تحمل وجبات الأطفال إلى المدرسة من رائحة البيت والأم، لديها تاريخ عريق وتنطوي خلفها قصص وحكايات، تقف اليوم ماثلة في متحف «لانش بوكس» في ولاية جورجيا بأميركا، حيث يمكن لأي شخص القيام برحلة شيقة في الذاكرة واستعادة تلك اللحظات الرائعة عن الأمس.

3500 صندوق
يقع المتحف في مدينة (كولمبوس) بولاية جورجيا، في مركز «ريفر ماركت إنتيك» داخل السوق الدولي في كولومبوس، وقد قام بإنشائه ألن وودال وهو تنفيذي متقاعد في شركة البث الإذاعي، حيث بدأ في أواخر الثمانينات في جمع هذه الصناديق التي كان يستخدمها التلاميذ في أميركا وفي جميع أنحاء العالم لحمل طعامهم إلى المدارس، حيث وصل عدد ما جمعه حالياً إلى اكثر من 3500 صندوق، من عقود مختلفة في فترة الخمسينات والستينات وغيرها، إضافة إلى أكثر من 1700 قطعة ذات صلة بهذه الصناديق مثل: الترامس، حافظات الطعام والشراب الأخرى، التي كانت تستخدم لنفس الغرض، وأصبح المتحف يضم أكبر مجموعة وأكثرها تنوعاً من صناديق الغداء المعدنية والبلاستيكية النادرة في العالم. وما زال ألن وودال يبحث عن المزيد منها. كما يعرض المتحف العديد من العناصر وصناديق الغداء المخزنة بدقة على رفوف العرض، والمعلقة على السقف، ويتم ترتيبها بعناية على الكراسي والطاولات. تحتوي المجموعة على العديد من النسخ الأصلية، وقد صنف ضمن أكثر عشرة متاحف فريدة في العالم.

نجوم ومشاهير
من أبرز ازدهار وانتشار صناديق الغداء، هو توجه مختلف الشركات إلى إصدار تراخيص لصانعي «اللانش بوكس»، لاستخدام شخصياتها البارزة كعلامات تجارية. وكان ميكي ماوس أول شخصية شعبية تظهر على هذه الصناديق عام 1935. وخلال  هذه الفترة بدأت التصاميم والرسومات على هذه الصناديق الصغيرة، تدل على تفرد الطفل ومزاجه وشخصيته، من خلال الرسومات والصور التي تابعت الكثير من الجوانب الثقافية والفنية، واهتمام وتأثر الأجيال المتعاقبة بأبرز الشخصيات، إذ رصدت جميع مناحي الحياة الثقافية الفنية والاجتماعية، فحملت في طياتها الكثير من صور النجوم والممثلين والشخصيات اللامعة، في مختلف جوانب الإبداع والتي أثارت مخيلة الأطفال والمراهقين آنذاك، وشكلت القيم التي تحركها وسائل الإعلام، حيث يمكن العثور في الرسومات التي كانت تزين تلك الصناديق  على الكثير من ثقافة البوب الأميركية في منتصف القرن الماضي. وبين عامي 1951 و1985، تم إصدار 450 صندوقاً معدنياً فقط بتصميمات مميزة، إذ ظهرت صور ورسومات جميع الشخصيات التي كانت على شاشات التلفزيون على صناديق الغداء كأداة تسويقية لها.

أسلحة فتاكة
من الطرائف التي صاحبت مسيرة «اللانش بوكس»، أن في سبعينات القرن الماضي نظمت مجموعة من الأمهات، في فلوريدا، مسيرة إلى الهيئة التشريعية للولاية، قائلة إن الأطفال يستخدمون صناديق الغداء المعدنية، كأسلحة لمحاربة بعضهم البعض، فصنفت هذه الصناديق المعدنية كأسلحة فتاكة، حيث صدر قرار بعدها أجبر شركات تصنيع «اللانش بوكس» على التحول إلى منتجات الفينيل، حيث تم إنتاج آخر صندوق معدني عام 1985. والمفارقة أن آخر صندوق معدني تم صنعه كان يحمل صورة (رامبو) وهو الممثل سيلفستر ستالون حاملاً بندقية.