يقول المثل: (قطرة على قطرة تظوِّل غدير)! أعلم أنّ قرّاء سطوري في هذه اللحظة منقسمون لفريقين، البعضُ يعرف المثل ويكرره كلّما كان السياق مناسباً، وآخرون قد لا يعرفونه، وذكرته هنا لأنه يُشبه أمثالاً كثيرة اعتدنا أن نسمعها بلهجات متعددة تتحدّث عن الأثر التراكمي للأحداث.
أعشقُ كل ما يتعلق بعاداتنا و(زمان لوّل)، ولكن في الوقت ذاته أحبّ أن أقرأه في سياق الحاضر الذي نعيشه، فالمثل الذي بدأت به كان يُستخدم للتشجيع على الادخار وكيف أنّ المال القليل سيصبح ثروة بالصبر.
تتسارع الأحداث حولنا وتتطوّر حياتنا بشكل قد يستعصي علينا اللحاق بها أحياناً، وخاصة الجوانب التي تختلف فيها نظرة الفئات العمرية المتعددة أو الأجيال لأمر ما مثل التطوّر التقني والضرورات التي أصبحت حتمية ولا مجال للاستغناء عنها في أيامنا. ولكن الأثر الأكبر على حياتنا هو الروتين الذي قد يطغى عليها بحجة الانشغال الدائم أو التقنية التي سرقتنا من عائلاتنا وأحبائنا والقائمة تطول، وأعلم أن كثيرين يقرؤون (رمستي) الآن ويضيفون للقائمة.
ولكن كيف تكوّن هذا الروتين الذي نشتكي منه؟ قطرة قطرة وأصبح نهراً، وتغييره بأيدينا قطرة قطرة أيضاً. فمثلاً يمكننا وضع قائمة من أعمال لو قمنا بها سنكون سعداء ولو للحظات، ونُضيف أنواعاً مختلفة مما تضمنته القائمة مثل قراءة صفحة من نوع كتب نحبّه، أن نتصل بشخص يعزّ علينا بعيداً عن الرسائل النصية ولو لدقائق في زحمة اليوم، أو أن نلتقي صديقاً قبل نهاية الأسبوع ونتحدّث وغيرها الكثير.
هذه الإضافات ستشكّل نهراً أو غديراً يفوق نهر الرتابة الذي قد نشتكي منه ليصبح لأيامنا طعم آخر. كثير من الخبراء يقولون إننا نحتاج 21 يوماً كحدٍّ أدنى لتكوين عادة وقد يزيد أو ينقص الرقم مع اختلاف الشخصيات، لكن الأهم أن نبدأ ولو قطرة بعد قطرة!
المجرى هو يومنا والقطرات هي أفعالنا التي نكررها، فبوسعنا أن نكرر التذمّر أو أن نواظب على التغيير كلّما وجدنا حاجة. فما الذي سيملأ أيامكم؟ وهل بدأتم تضعون قائمة قطراتكم؟