بحر من الخيرية والمحبة والإحساس بمعاناة الآخر، تجسده مؤسسة (81 ديزاينز)، إذ تنثر في معسكرات اللاجئين مستقبلاً واعداً للنساء، يمكنهن من الإمساك بأطراف الأمل، يطرزنه للمستقبل ويحصدن به أخضر التفاؤل، في مشروع فريد يجمع بين الفن والإنسانية معاً، ويعيد للحرف التقليدية ألقها ورونقها. «زهرة الخليج» حاورت مسؤولة مشروع المخيمات بالمؤسسة، نسرين معلوف، في حديث عن نشاطات المؤسسة التطوعية ومشاركتها في معرض فن أبوظبي.

• من أين نبعت الفكرة لإنشاء (81 ديزاينز)؟
لطالما راودتني أنا وابنتي نادين معلوف، فكرة لتقديم العون للنساء من خلال مشاريع مبتكرة وغير تقليدية. في عام 2015 عملنا على تأسيس مبادرة اجتماعية، تتمثل مهمتها في توظيف الموهوبات اللاجئات من اللائي يعشن في مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان، بأجر ثابت وهدفنا هو استعادة الأمل في بناء مستقبلهن، من خلال توفير فرص العمل لهن وتحسين ظروفهن الاجتماعية والمعيشية، وعرض المواهب الحرفية لهن وذلك بالتعاون مع فنانين من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تقوم اللاجئات بتنفيذ لوحات هؤلاء الفنانين من خلال التطريز.

• من أين تحصلون على تمويل لمشاريعكم؟
بدأنا العمل من مواردنا الخاصة، وبعد أن ازدهرت أعمالنا بات لدى المؤسسة القدرة على تمويل نفسها من خلال العائدات التي تأتي بها المبيعات.

إعادة الأمل
• لماذا وقع اختياركم على فن التطريز بالتحديد؟
فن التطريز معروف عالمياً ويرتبط بالفنون الشعبية الفلسطينية المتوارثة عبر الأجيال، وقد استعملته المرأة في مجالات الحياة المختلفة، فكان زينة للبيت وللثياب وبألوانه الطبيعية المستوحاة من البيئة المحلية، شكل أثراً وقيمة تراثية وجمالية في البيت الفلسطيني، ومع مرور الزمن وبعد التهجير وصعوبة الأوضاع المعيشية، تحول إلى حرفة ومورد رزق لمجموعة كبيرة من الفلسطينيات ذوات الظروف الاقتصادية الصعبة.

• من أي آفاق العمل الطوعي جاءت فكرة المزج بين الفني والاجتماعي لخدمة مجتمع بعينه؟
تسعى المؤسسة إلى عدة أهداف، أهمها توفير فرص توظيف للاجئات وعرض مواهبهن وإعادة الأمل لهن في بناء مستقبلهن، إضافة إلى الحفاظ على فن التطريز الأصيل وتطويره. يمثل التطريز جزءاً مهماً من الحرف التقليدية في فلسطين. وتسعى المؤسسة إلى اكتشاف هذا التقليد القديم، مع إعطاء فرصة لعرض المواهب الحرفية للنساء اللاجئات.

• ما مدى استجابة الجمهور المتلقي لمعارضكم ومشروعاتكم؟
هناك استجابة عالية وتفاعل عظيم من الجمهور، ويتمثل ذلك في تقديره للفنون التي تقوم بإبداعها هؤلاء اللاجئات، إضافة إلى المضامين الإنسانية التي تحملها الفكرة.

بناء القدرات
• كيف استطاعت مشاريعكم أن تلامس الحاجة لتحقيق الذات وسط اللاجئات؟
من مهام (81 ديزاينز)، توظيف اللاجئات الحرفيات وتزويدهن بدخل مستدام يوفر لأسرهن ظروفاً معيشية أفضل. وساعدت المؤسسة على تحقيق التأثير الإيجابي في حياة أكثر من 35 لاجئة، من خلال بناء قدراتهن كتزويدهن بالمساعدة الحرفية اللازمة، والتي تساعدهن على تطوير أساليبهن التقليدية وتعزيزها بشكل مستمر. مهمتنا كذلك بناء القدرات بين اللاجئات ومساعدتهن على كسب دخل ثابت، من خلال إيجاد شعور متجدد بالهدف في الحياة. وتزويدهن بالتدريب والمعدات والدعم العاطفي الذي سيمكنهن من استخدام مهاراتهن في التطريز، وإعادة إنتاجه في شكل جديد وحديث من خلال تنفيذ اللوحات.   

•هل لمشروعكم مردود ثقافي يصب في تأكيد هوية الفلسطينيات اللاجئات؟
فن التطريز جزء من تراثنا العربي، ومجرد النظر إلى أشغال التطريز يوقظ الشعور بالفخر. لذلك، قمنا بإنشاء (81 ديزاينز)، كمركبة تقارب بين الفن والإنسانية بعرض مواهب اللاجئات الفنانات اللاتي نقوم بتوظيفهن، وهكذا نقوم في الوقت نفسه بإعادة الأمل لهن، ببناء مستقبلهن والحفاظ على فن التطريز العريق وتجديده، ففن التطريز الفلسطيني أصبح رمزاً من رموز صمود المرأة الفلسطينية وتراثها وهويتها.

• بخصوص مشروعكم الأخير «الرحلة» ماذا استفدتم من تجربة  مخيم عين الحلوة للاجئين؟
نتج عن هذا المشروع الفني الذي يمثل احتفالاً رمزياً بعام التسامح، عن رحلة ذات تجارب وذات أثر فني وإنساني كبير في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان، حيث قام الفنان إل السيد بإبداع سبع لوحات جدارية، تظهر أسلوبه المميز في نشر رسائل الوحدة والسلام. وستتم محاكاة كل لوحة جدارية مصممة ضمن هذا المشروع، من خلال فن التطريز التقليدي على القماش، وستتوافر هذه الأعمال الفنية المميزة في الدورة الحادية عشرة لمعرض فن أبوظبي الذي سيقام هذا الأسبوع في منارة السعديات. كذلك سنعرض خمس منحوتات تحتوي على 100 قطعة مطرزة للمغفور له الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إضافة إلى توثيق كواليس «الرحلة»، في كتاب يحتوي على مجموعة صور تبرز الحالة المعيشية لمجتمع نازح.