حصة المهيري.. كاتبة إماراتية في مجال أدب الطفل والناشئة، حاصلة على بكالوريوس في الطفولة المبكرة، وماجستير في الإدارة والسياسة التعليمية من جامعة ديكن الأسترالية، وتتابع دراستها في الماجستير في الفنون الجميلة تخصص رسم في أدب الطفل. في حوارها مع «زهرة الخليج» تحكي الفائزة بجائزة الشيخ زايد للكتاب عام 2018، عن رؤيتها للكتابة للأطفال وطرق محاورتهم وترك انطباعات مفيدة في أذهانهم.

• لماذا اخترت الكتابة في أدب الطفل، في وقت يشهد شحاً في هذا المجال؟
لطالما تمنيت أن أكون كاتبة لثقتي بما يضيفه الكتّاب من جمال لهذا العالم، ولكن ما لم أكن أعرفه هو أن الطريق سيأخذني للكتابة في أدب الطفل. ربما محبتي للأطفال وقربي منهم وتخصصي الأكاديمي في الطفولة المبكرة، جعلني أدرك ما ينقص الأطفال وما يحتاجون إليه. ولأن عصرنا هذا يشهد شحاً في مجال أدب الطفل، فقد يكون الوقت مناسباً للخوض في هذا المجال، وبناء جيل مثقف وواعٍ ومحب لمن حوله.

• ماذا أردتِ أن تقولي للأطفال في كتابك «الدينوراف»؟ 
ما لا يدركه الكبار أن هناك نزاعات تحدث بين الأطفال تترك أثراً سلبياً كبيراً في نفوسهم، وبعضها يؤدي إلى تغيرات في شخصية الطفل قد لا تزول حتى بعد أن يكبر، ولأننا نعيش في دولة متسامحة منذ نشأتها على يد الراحل الكبير المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فيجب أن نحرص على تعزيز قيم التسامح والمحبة بيننا وبين الآخرين، وأن نمتلك القدرة على التعايش مع الجميع رغم اختلاف أشكالنا أو ألواننا أو ثقافاتنا، وهي الرسالة التي وجهتها للأطفال من خلال قصة «الدينوراف»، التي تقوم على نبذ فكرة الصراع، وتعزيز قيمة الفرد وحقه في الانتماء لمجموعة، منطلقة من فكرة بناء جيل يمثل هذه الرؤية.

مهارة
• ما السبب في نقص الكتب العربية التي تحاكي الأطفال؟
أؤمن بأن لدينا الكثير من الكتّاب والرسامين المبدعين، ولكن قد لا يعرف بعضهم كيف يتواصل مع دور نشر ذات كفاءة، لتكمل بذرة عملهم وتنتج منه ثمرة جميلة. فالكتّاب يعانون بسبب نشر نصوصهم برسومات غير ملائمة أو جذابة للأطفال، أو بالعكس فقد يرسم الرسامون رسومات رائعة لنصٍ غير مُلهم أو مكتوب بلغة ركيكة. نحن بحاجة إلى ما يسمى بالإنجليزية Literary Agent أي وسيط أدبي بين الكاتب ودار النشر، يخفف من ضغط دور النشر على الكاتب، ويضمن حقوقه وكفاءة العمل المنتج ويسوقه بصورة ملائمة.

• أي مهارة يجب أن يتحلى بها الكاتب المتخصص في أدب الأطفال؟
من المهم أولاً أن يتطلع الكاتب على ما يوجد في الساحة الأدبية من قصص وكتب في أدب الطفل، ويفكر في الموضوعات التي يود أن يكتب عنها، وأن يتوقف عند اهتمامات أطفال اليوم، كالعناوين التي تجذبهم، الأمور التي تلفت انتباههم، الكتب الأكثر مبيعاً، وسبب ذلك. ومن المهم أيضاً أن يحاور الكثير من الكتّاب والأدباء ليثري أفكاره، ويكون على دراية بخصائص رسومات كتب الأطفال، لأنها تكمل النص وتسهم في نجاحه، وعليه أيضاً أن يتقرب من الأطفال لأن القصص الأجمل تأتي منهم، من دون أن ينسى استخدام حس الفكاهة في كتاباته، لأن الأطفال هم المرح والشقاوة.

• كتب كثيرون للأطفال ولم ينجحوا في الوصول إليهم بالشكل الصحيح، فخرجوا من أدب الأطفال واستسلموا، برأيك ما هي الأسباب التي منعتهم من محاكاة عالم الصغار؟
أسباب كثيرة قد تدفع الكتّاب للتوقف عن الكتابة في أدب الطفل، ومن أهمها التكرار فيما يطرح في الساحة الأدبية، دون ابتكار أفكار أو شخصيات مناسبة وقريبة من الطفل، ما يجعل الوصول إلى الطفل ومحاكاة مخيلته وأحلامه من خلال الأدب صعب. أنجح القصص أبسطها، إنما المهم أن تكون الفكرة إبداعية، واللغة مناسبة للفئة العمرية التي يتم توجيه النص لها، فلا ينفر منها الأطفال لصعوبتها أو يصيبهم الملل منها لسهولتها. كما تلعب الرسومات دوراً مهماً في إكمال النص ونجاحه، لأنها من أساسيات لفت انتباه الأطفال للكتب.

• فوزك بجائزة الشيخ زايد للكتاب عام 2018، ما أثره في نفسك؟
رغم مرور ما يقارب العام على إعلان فوزي بالجائزة، إلا أنني ما زلت في ذهول وبهجة لانهائية بسبب الحلم الذي تحقق. لا فخر أعظم من الفوز بجائزة تحظى باسم الوالد الشيخ زايد. لم يأتِ هذا الإنجاز إلا بعد الكثير من الجهد والعمل، والفرح هو في التنافس مع عدد هائل من المرشحين الذين لا يقلون خبرة وكفاءة عني، وكتبوا قصصاً رائعة تستحق الثناء والتقدير. يحفزني فوزي بالجائزة على الاجتهاد أكثر لتحقيق الأفضل دوماً، ويحملني مسؤولية كبيرة تجاه الأطفال ووطني المعطاء.

جيل مثقف وواع
تقول الكاتبة حصة المهيري إنها تحلم بأن تصل الكتب العربية إلى بقاع العالم أجمع، مضيفة: «أحلم بأن ينتظر أطفال العالم إصداراتنا الإماراتية المليئة بالحب لهم، وأن ترفد المكتبات بقصص عربية ذات جودة عالية توازي الأجنبية بل وتكون أفضل. وأن نبني جيلاً مثقفاً واعياً ومحباً لقيمه العربية وتقاليده الوطنية، ونكون أدباء الأطفال الذين يستحقهم هذا الوطن».