الحرّ الشديد تدنى والشمس الحارقة انخفضت، وبدأت تلوح آثار الاعتداء الذي تعرّضت له بشرات نساء كثيرات، وأدى إلى ظهور النمش والكلف والتصبغات الملونة والبقع غير المستحبة. فهل المسألة جمالية أم مرضية أم جمالية - مرضية؟ وماذا لو كان سبب بعض هذه الأشكال سرطاناً جلدياً كامناً؟

ننظر في المرآة، نقترب منها أكثر، نتمعن النظر، ندقق، فنشعر ببعض العلامات الجديدة. بقعٌ داكنة ونمش. نخاف أم نتحرك؟ سؤالٌ يلوح في بالِ كلّ أنثى الآن. فلنطرحه على عميد كلية الطب في الجامعة اليسوعية في بيروت والاختصاصي في الأمراض الجلدية الدكتور رولان طنب، الذي يقول: «كلّ ما نمرّ به (من قلق، حزن، توترات) أو ما نتعرض له (من هواء وتلوث وشمس وحرّ وبرد) يؤثر في بشراتنا. ثمة رابط وثيق بين الجلد والأعصاب والدماغ منذ يبدأ الجنين في النمو وخلال النمو وكل مراحل العمر». ويشرح طنب: «هذا هو حبّ الشباب الذي يظهر ويتمدد ويزيد في عمر الشباب، في مرحلة النضج، بسبب هرمون الأندروجين الذي يزيد من نسبة الزيوت الجلدية ويُحفز عمل الغدد الدهنية». أما للبقع والهالات والنمش فأسباب أخرى باطنية وبيئية: «فكلما تعرضنا لشمس أقوى برزت الهالات والبقع والنمش أكثر». ولهذه الأشكال سبب أوّل يتمثل في زيادة إفرازات الميلانين، تحت عين الشمس، كما أن هناك عوامل جينية تتحكم فيها. وفي التفاصيل، أن النمش يظهر مع أوّلى فترات الحرّ في شكلٍ دائري، كما النقطة، ولا يلبث أن يُصبح داكناً أكثر. إنه رسالة من الجلد يُخبّر فيها، في حركة مشهدية، فقدانه التدريجي للكولاجين، ووجود خلل في توزع الميلانين بسبب تعرّض الجلد لشمس قوية حارقة.

آثار العمر

التصبغات السوداء تتأثر بعامل التقدم في العمر أكثر من تأثر النمش به. وهي تظهر خصوصاً على الوجه وعند الرقبة والكوعين والصدر والركب والثنيات. فهل سببها زيادة الميلانين مع التقدم في العمر؟ يجيب  طنب: «سبب هذه البقع في هذه المناطق بالذات هو تعرضها أكثر من سواها للاحتكاك المتكرر، مما يؤدي إلى ظهور اللون الداكن في أماكنها، بفعل تراكم طبقات الجلد الميتة، علماً بأن الاحتكاك الدائم يُنشّط أيضاً الخلايا الصبغية. كما أن تناول بعض الأدوية لا سيما مضادات الالتهاب وأدوية الكبد والسرطان ومنع الحمل يعزز ظهور هذه التصبغات».

نعود للنمش الذي يُقلق كثيراً من الفتيات، والشمس هي سببه الأوّل، وقد يظهر على مساحات واسعة من الجلد، أو على مساحة محددة، وغالباً ما قد يتلاشى وحده، كما ظهر وحده، بعد خفوت الشمس وبرودة الطقس.

النمش ليس خطراً على الإطلاق، بل هو نداء من الجسم ليُصار إلى حماية البشرة أكثر من الشمس. وهناك من يخلط بين النمش والبقع الداكنة التي تزيد مع التقدم في العمر، غير أن التمييز بين الاثنين يكون بأن هذه البقع تكون أكبر وتظهر بين البالغين الذين تجاوزوا سن الـ40.

متى نراجع الطبيب؟
متى تصبح ضرورية مراجعة الطبيب في شأن بقعٍ ظهرت على الجلد؟.. هناك بعض البقع البنية قد يسبب ظهورها سرطان جلدي. لذا، في حال لاحظ أحد الأشخاص أي تغييرات في البشرة وجبت عليه مراجعة طبيب الأمراض الجلدية أولاً، وهو قادر على التمييز بين ما هو طبيعي، بسيط، وبين ما هو أخطر. ويلفت الطبيب هنا إلى أن الأشخاص الذين لديهم بشرة ناعمة أو نمش أو بقع وحروق أكثر عرضة من سواهم للإصابة بسرطان الجلد. لذا يفترض بهم توخي الحذر الشديد عند تعرضهم للشمس ويُصبح الأمر جدياً إذا شعروا بأن تلك البقع تسبب حكاكاً أو تنزف أو تكبر ويتغير لونها. ووحده الطبيب يحدد أن هناك نمشاً حميداً ونمشاً خبيثاً ويُعرف باسم الميلانوما ويكون له أكثر من لون وأكثر من شكل وأكثر من حجم.

الهلع غير مستحبّ. وليست كلّ نمشة سرطاناً. والمرأة الحامل تكون معرضة أكثر من سواها للإصابة بالكلف والبقع والنمش. حبوب منع الحمل تؤدي هي أيضاً إلى ظهور تصبغات بسبب التبدلات الهرمونية في جسم المرأة. ذرّ العطور على الوجه والعنق يؤثر أيضاً سلباً ويسبب ظهور البقع الغامقة.
يبقى أنه يجب في حال كانت النمشة حميدة والتصبغات طبيعية، العمل على تجنب الأسباب التي أدت إلى ظهورها. وتذكروا أنه لا حلول سحرية لها بعد ظهورها وتخفيفها، يكون بالابتعاد عن الأسباب التي أدّت إلى تطورها. وقد يساعد الخضوع لجلسات تقشير وليزر ومراهم. ولا بُدّ أن تتذكروا هنا جيداً أن الوقاية خير من قنطار علاج.