في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ «أيام قرطاج السينمائية»، شاركت المملكة العربية السعودية لأول مرة في فعاليات هذا المهرجان العريق (تأسس عام 1966)، وذلك بالفيلم الروائي الطويل «سيدة البحر» للمخرجة السعودية شهد أمين، والتي استطاعت من خلال هذا الفيلم الذي فاز بالـ«تانيت البرونزي»، حصد العديد من ردود الفعل الإيجابية حول العمل، وطريقة طرح القصة. «زهرة الخليج» حاورتها عن انطباعاتها وفيلمها ورؤيتها.

• حدثينا في البداية عن فكرة فيلم «سيدة البحر»؟
«سيدة البحر» هو عمل يعكس تجربتي الشخصية في الحياة من خلال مختلف مراحل نشأتي، وهو ثمرة رؤيتي وهويتي كامرأة. ومنذ كنت ابنة الثمانية أعوام، بدأت ألمس الاختلافات التي تفصل بين الرجل والمرأة في المجتمع السعودي، حيث كانت المرأة تأتي دائماً في درجة أقل من الرجل، وهو ما جعلني أترعرع وأنا مستاءة لكوني فتاة، وأدركت بطريقة أو بأخرى أن المجتمع الذكوري الذي نعيش فيه يعاملنا كنسوة على أساس أننا لا نتساوى أبدأ مع الجنس الآخر وكأننا بلا دور في المجتمع، ففكرت في تقديم شيء يحاكي احتياجاتي ويثبت أن المرأة قادرة على النجاح والتفوق.

استلهام
• هل استلهمت فكرة الفيلم من إحدى الروايات، كون الفيلم يمزج بين الواقع والخيال والأسطورة؟
عندما كنت أعيش في فترة التخبط من أجل تقديم شيء يمثلني ويحاكي هواجسي، وقعت بين يدي قصّة أسطورية حول حورية بحرية اسمها «أتراغاتيس»، والتي كانت تُعد رمزاً للخصوبة والحياة في البحار والمحيطات، ارتأيت أنها قد تكون مصدراً ملهماً للمرأة الحرّة الأبية التي تحدد مصيرها بيدها وترسم طريقها بنفسها وتقرر رفض التقاليد حتى وإن كان ذلك سيعود عليها بعواقب وخيمة.

• ما الرسالة التي قدمتها في «سيدة البحر»، وما هو هاجسك؟
أردت من خلال الفيلم تجسيد حالة الضغوط والتأثيرات الواقعة على كاهل الفتيات داخل المجتمع بشكل عام، وهدفي هو سرد قصّة منسوجة على أوتار أحداث خيالية وبأقل قدر من الحوار، وقد استلهمت الكثير من الإلهام من الصور المجازية في الشعر العربي، لأنني أردت أن تخرج هذه القصّة بأسلوب عربي أصيل. ولا شك في أن الاعتماد على أسلوب الرمزية كان عنصراً أساسياً، كي يكون البحر عالماً موحشاً وغامضاً على الرغم من أننا لا ندرك مدى قوته الخفية التي تتساوى مع القوة الذكورية على اليابسة بل وتناقضها أحياناً. ويرمز هذا العالم القاسي والموحش إلى المرأة المكبوتة، باعتبارها موضوعاً يحظى باهتمام العالم، وهاجسي الأكبر كان كسر التقاليد التي لا تنفعنا.

• أين صورت أحداث الفيلم؟
في سلطنة عمان لأنها قريبة جداً من البيئة السعودية، وقد اخترت السلطنة لما تشهده من انفتاح كبير في مجال صناعة الأفلام.

مصدر فخر
• كيف استقبلك المجتمع السعودي؟
تعيش المملكة اليوم نهضة غير مسبوقة في مختلف المجالات، وقد حققت من خلال حكومتها الرشيدة الكثير من الإنجازات التي جعلت المرأة السعودية تخرج من صندوق المجتمع الذكوري لتعمل وتنتج وتفرض نفسها، وهذا الشيء أصبح مصدر فخر لكل مواطن سعودي عبر العالم.

• رغم بروز بعض الأسماء النسوية السعودية في مجال صناعة السينما والإخراج على غرار هيفاء المنصور وعهد كامل، إلا أن المرأة السعودية ما زالت تخطو ببطء نحو عالم السينما، ما تعليقك؟
في الفترة الماضية فعلاً كان وجود المرأة السعودية في هذا المجال يكاد يكون معدوماً ونتطلع اليوم إلى دور أكبر ودعم أقوى من قبل حكومتنا الرشيدة من أجل الانطلاق نحو عالم السينما بخطى ثابتة ومدعومة ،خاصة أن لنا أجيالاً جديدة تمتلك مواهب عبقرية في هذا المجال.

• ما الدافع الأكبر الذي جعلك تختارين مجال الإخراج؟
المخرج السوري نجدت إسماعيل أنزور هو من دفعني لدخول هذا المجال، حيث كنت من أشد المعجبات بمسلسل «الكواسر» الذي أخرجه، وعندما كنت أتابع قصة العمل قررت دخول مجال الإخراج، واستلهمت الكثير من أفكاره في أعمالي التي قدمتها لاحقاً.

دراسة.. وجائزة
شهد أمين مخرجة وكاتبة سيناريو سعودية، ولدت بمدينة جدة، وهي حاصلة على درجة البكالوريوس في إنتاج الفيديو والدراسات الفنية السينمائية من جامعة ويست لندن، كما تحمل شهادة في كتابة السيناريو. وتضم قائمة أعمالها ثمانية أفلام قصيرة، منها «موسيقانا» و«نافذة ليلى» (2011) والذي عُرض في «مهرجان الخليج السينمائي» وحاز جائزة أفضل فيلم في «مهرجان أفلام السعودية». وكان سيناريو فيلم «سيدة البحر» قد تم اختياره للدور النهائي لجائزة «آي دبليو سي» المرموقة ضمن مهرجان دبي السينمائي الدولي 2015، ويعتبر أول فيلم روائي طويل من إخراجها، وهو من إنتاج شركة «إيمج نيشن أبوظبي».