جدل حول الإعلام، ليس من المتوقع أن ينتهي قريباً أو أن يحسم أمره في وقت منظور، فبين دبي والرياض، القاهرة وعمان، تونس والرباط، تعقد مؤتمرات إعلامية متعددة بعناوين مختلفة متنوعة، لكن دائماً خلف العنوان الرئيسي، تطل العناوين الفرعية، التي لم يتغير فيها الشيء الكثير منذ سنوات، أقله في المؤتمرات التي حضرتها وشاركت فيها. من هذه العناوين مثلاً: هل الخوف من سيطرة الإعلام الحديث على الإعلام التقليدي مبرر؟ هل فعلاً وسائل الإعلام التقليدية في طريقها للاندثار لتحل مكانها الصحافة الرقمية بمختلف أشكالها؟ من الذي أصبح لديه القدرة الحقيقية على تشكيل الرأي العام؟
أخطر ما يتم نقاشه، مسألة الحقيقة والدقة في الإعلام. فالدقة في الصحافة الرقمية، أو صحافة الإنترنت لا يمكن الاعتماد عليها، وهي ليست شبيهة بتلك التي كانت تميز الإعلام التقليدي، الذي يخضع فيه الخبر القابل للنشر للتدقيق مرات ومرات، بل إنه يجب أن يؤخذ من ثلاثة مصادر مختلفة، أما الآن فالنشر لا يخضع لمثل هذه المقاييس أبداً، والمعايير المهنية غير موجودة في أغلب ما ينشر على الإنترنت، وهنا تتولد أزمة لدى الجهات المعنية، في البحث عن وسيلة ما لتصحيح هذا الخبر، غير الدقيق، أو العاري عن الصحة تماماً، وطبعاً هذه مسألة في غاية الصعوبة، وأحياناً تكون مستحيلة. مرعب فعلاً أننا في زمن يقوم فيه العامة بتشكيل الرأي العام من منطلقات شعبوية عاطفية طبعاً وليس من منطلقات استراتيجية منطقية. وباستخدام وسائل حديثة كثير من محتواها بعيد كل البعد عن الحداثة. الأزمة ليست في الوسيلة التي تنقل المحتوى أو المضمون، إذاً، الأزمة في المضمون نفسه، الذي كان يخضع في يوم من الأيام لنوع من التدقيق ولا أقول الرقابة، وأصبح اليوم بلا حسيب.