هل كلمة نعم أفضل من لا؟ وهل كلمة موافق أفضل من غير موافق؟
يعتقد البعض أن الإيجابية لا بد أن تكون أفضل من السلبية، وهي نظرية مغلوطة إن كانت تصح في بعض الأعمال فلا يعني بالضرورة أن تكون في كل الحالات صحيحة.
إن (لا) في التشهد (أشهد أن لا إله إلا الله) جعلت أساس النفي قوة الإيجاب، فلا ترقى (نعم) في هذا المقام على (لا)، بينما قال الشاعر الفرزدق في محل الإشادة بنعم:
ما قال لا قط إلا في تشهده    لولا التشهد كانت لاءه نعمُ
ومن المفردات التي تمثل كلمة نعم ولكنها تأخذ مسؤولية حين نقول موافق، فهي تكون في حالة مستعجلة ولا تفكير فيها، حين تطلب منك الأم شيئاً، فإنك توافق بلا تفكير من باب البر بالوالدين، فمن النادر ألا توافق على طلب أحد الوالدين، حتى لو لم تقتنع فإنك تعلن موافقتك، ثم تحاول أن تجد الفرصة للحوار ولتغير الرأي.
وهناك موافقات أقل منها سرعة، ولكنها تأتي متعجلة بعض الشيء، وهي ما يطلبه الأبناء منا في حالة فرح، فإننا نوافق على طلبهم، وإن كان في النفس شيء من الرفض أو عدم القبول، وهي تأتي من باب الحب للأبناء والأطفال عموماً.
ولا تبتعد كثيراً كلمة موافق حين تأتي من باب البر والإحسان، فإنك توافق بلا تردد إن رأيت أن موافقتك فيها من البر للآخرين، أو الإحسان لفرد أو لمجموعة من الناس، وهي موافق ترجى من الإنسان عموماً في فعل الخير، فلا تجتمع كلمة غير موافق وفعل الخير.
حتى في عملية التصويت في البرلمانات، كلمة موافق تشكل بناء عادة، وتشكل غير موافق تعطيلاً في الغالب، على فرض أن التصويت دائماً ما يكون في القوانين الداعية للخير والفلاح للشعب، وتحمل كلمة موافق بطياتها اطمئناناً للفرد، بينما تحمل كلمة غير موافق تبعية الاعتراض، وما يترتب عليه من بحث وتحليل وموقف مضاد للسائد، فكأن موافق مطمئنة بينما غير موافق قلقة ومضطربة.
ودخلت كلمة موافق في أنظمة الاتصالات بشكل لافت، حيث يترتب عليها موقف قانوني، فما إن تدخل برنامجاً من التطبيقات الكثيرة في أجهزة الهواتف، حتى يطلب منك الموافقة على شروط عدة ليتم السماح لك باستخدام البرنامج، وتصبح كلمة موافق هي المفتاح الذي يفتح لك أبواباً كثيرة، وأحياناً يكون الضياع أحد تلك الأبواب، وهذا من اختصاص البنوك وشركات الإقراض التي تطلب منك الموافقة وأنت في حالة استرخاء من دون أن تعرف تبعية تلك الموافقة إلا بعد فترة من الزمن.

شـعر

يا نخلةً حملت من الأسرارِ

إلا بقايا من بياضٍ في السماءْ

ما احْتَمَلتْ من الإصرارِ

تمشي ويسبقها اعتذارْ

أنْ تبقى

لا ماءَ فيها لا غطاءْ

وأنْ تلقى الذي نلقاهُ

ليرد حرَّ الشمس

من شمسِ النهارْ

فانكمشَ الرجالْ

في الصيفِ إذْ رحلت غيومْ

تحت النخيلِ يفتشونَ عن الظلالْ