هناك بعض القصص الإنسانية تكاد تلامس الأسطورة، برهافتها وحسها العميق وإدهاشها. القصة الجميلة التي جمعت مانويلا سانس Manuela Sáenz Aizpuru أو مانويليتا، بقائد الثورة في الإكوادور، سيمون بوليفار Simón Bolívar، من ذلك النوع. مانويلا عاشقة بلا هوادة. صريحة مع داخلها وتقبل بالخسارات التي يشترطها الحب الكبير والصعب. ولدت في 1797 بكويتو، وعاشت تجربة خاصة ومتفردة. من إنسانة عادية، إلى رائدة للحركة النسوية في بلادها. كان عمرها حافلاً بالأحداث والتحولات الشخصية والوطنية. فقد ارتبطت قصتها ببلادها بشكل عميق وبرفيق عمرها سيمون دي بوليفار الذي أصبح نموذجاً ثورياً في أميركا الجنوبية. كانت مانويلا متزوجة من طبيب إنجليزي غني، جيمس ثورن، عمرها لم يتجاوز 19 سنة. لكنها سرعان ما شعرت بأن حياة الغنى والتكرار الممل، تحت مظلة المستعمر الإسباني، لا تشبهها. فغادرته في 1822 بعد خمس سنوات زواج. التقت وقتها، في حفل موسيقي راقص، سيمون بوليفار الذي أحبته بقوة، واختارت أن تتقاسم حياتها برفقته، لأنها وجدت فيه نموذج الرجل العاشق والثوري المضاد لغطرسة الاستعمار الإسباني. عاشت معه ثماني سنوات، أي حتى وفاته. واندمجت معه في العمل الثوري لدرجة أن عرضت حياتها للخطر عندما حمته من محاولة اغتيال كانت يمكن أن تودي بحياته. وهربته حماية له في 1828. فأحبها جميع الإكوادوريين ولقبوها بمحررة Libertadora del Libertador تسمية تشريفية ظلت تتبعها على الرغم من محاولة أعدائها طمس ذاكرتها من التاريخ الوطني، إذ اعتبروها مجرد حبيبة لقائد عظيم، إلا أنها ظلت في قلب الذين عاشوا الحقبة نفسها، سيدة الثورة ومحررة المرأة. شاركت في معارك عدة منها آياكوتشو التي رفعتها إلى رتبة عقيدة، قبل أن يكرمها الرئيس رفاييل كوريرا بعد وفاتها، برتبة جنرال. وعلى الرغم من منفاها الذي سببه رفاق الأمس، الذين لم يرحموها حتى بعد موتها، ظلت قيمتها مستمرة عبر التاريخ. ولم تنل حقها من الاعتراف إلا في أواسط القرن العشرين حينما أعيدت للواجهة بوصفها رائدة من رواد الثورة البوليفارية لتحرير أميركا الجنوبية. توفيت في 23 نوفمبر 1856، ودفنت في مقبرة جماعية خوفاً من عدوى المرض، ودفنت معها كل رسائل الحب لبوليفار وغيرها من الوثائق والذكريات المهمة.