المغالاة والتبذير اللذان تشهدهما معظم حفلات الزفاف هذه الأيام، توقع الشباب المقبلين على الزواج في مصيدة التكاليف الباهظة والمرتفعة. فالحياة الزوجية المستقرة الخالية من الديون، هي أحد الأهداف المهمة التي يسعى إليها المقبلون على الزواج، لكنهم يقعون في مطب حب التفاخر بإقامة حفلات باذخة التكاليف. هنا نسلط الضوء على هذه القضية من منظور اجتماعي.

يشير مهندس البترول أحمد عبد السلام الكثيري إلى أنه في حفل زفافه الذي أقامه قبل عامين، تعلم من تجربة شقيقه التوأم الذي سبقه للزواج، موضحاً: «أراد شقيقي إقامة حفل كبير، فاقترض مبلغاً من البنك لإقامة عرس ضخم في أحد الفنادق الفخمة، واشترى لزوجته فستان زفاف بـ 200 ألف درهم لم يُستخدم غير ساعات قليلة، وللآن يعاني هو وزوجته بسبب سداد أقساط القرض، لدرجة أنهما اضطرا إلى تأجيل الإنجاب إلى أن يسددا الدين الذي يطوق عنقيهما». وحول حفل زفافه، يبين أحمد: «اتفقت مع زوجتي على إقامة الحفل في منزل عائلتها، وتم تقديم وليمة من الطعام للحضور، على أنغام فرقة موسيقية أحيت الحفل، واستثمرت باقي المبلغ المخصص للزواج من أجل السفر في رحلة شهر عسل إلى أوروبا».

تفاهم الزوجين
تؤكد الاختصاصية الاجتماعية وفاء الحمادي أن الاهتمام  بالمظاهر والتقليد الأعمى للآخرين هما أهم أسباب ارتفاع تكاليف الزواج، مؤكدة أن الحل في ترك المقارنات بالآخرين سواء من أفراد العائلة أو من خارجها، مضيفة: «الأسوأ هو رغبة البعض في تقليد أعراس الفنانين ومشاهير التواصل الاجتماعي في زفاهم». وتلفت الحمادي النظر إلى ضرورة تكافؤ الأطراف وعائلاتهم اجتماعياً ومادياً، والابتعاد عن الاهتمام بالأشياء المادية الزائلة.


وتضيف الحمادي: «أرى الأعراس البسيطة، برضا وتفاهم من الزوجين، هي أكثر تناغماً وحباً وجمالاً، فهناك الكثير من الأعراس التي تكلفت مبالغ ضخمة ولم يدم الزواج طويلاً، وأجد في الحفل الجماعي أحد الحلول الممتازة للمقبلين على الزواج، بشرط التنويه عنه بطريقة صحيحة من خلال وسائل الإعلام والمؤسسات المعنية داخل الدولة، فضلاً عن ضرورة عدم الإسراف في الولائم التي تقدم في ذلك اليوم، والاكتفاء بتقديم مائدة بسيطة تكفي حاجة الموجودين من دون تبذير، فكثيراً ما نشاهد ما يتبقى من موائد الأفراح ويكون مصيره سلة النفايات».

البهجة والفرح
تجد المستشارة الأسرية موزة الظاهري أن الأعراس في أيامنا الحالية فقدت الكثير من البهجة والفرح والحميمية والترابط التي كانت تتسم بها في السابق، لافتة إلى أن الحل في القضاء على ظاهرة المغالاة في نفقات الأعراس، يكمن في العودة لتقاليد وعادات المجتمع قديماً، حيث كان العرس يقام في منزل العروس من دون الحاجة إلى «كوشة» أو قاعة في أحد الفنادق ولا مزيد من التكاليف الحالية. وتضيف الظاهري: «سابقاً كانت تقدم للضيوف مائدة طعام، يشارك في إعدادها عائلة العروس وأصدقاؤها والجيران، وكانت الأعراس وسيلة لإسعاد العروسين والإشهار، وليست وسيلة للتباهي والافتخار كما يحدث الآن».

وتستذكر الظاهري العادات القديمة التي كانت سائدة في الأعراس، مثل «العينية» والتي يقصد بها تقديم هدايا عينية للعروسين، كالخضار والفاكهة والأرز والشعير وحتى النوق، ويمكن أن تكون الهدايا مادية للمساعدة في تكاليف الزواج نفسه، وتضيف: «حالياً صارت العينية عبارة عن طقم من الذهب أو الألماس، وعلينا أن نستعيد عادات الأجداد، حيث كانت عادات البدو قديماً تقديم المهر (الصباحة عبارة عن ناقة)، والمؤخر ويسمى (مالاً وهي ناقة أخرى)، وكانت العروس تذهب مشياً إلى منزل الزوجية أو على الناقة إذا كان منزل الزوجية يبتعد كثيراً عن منزل أهلها، وكانت الأم تغذي ابنتها بحليب الإبل والسمن البلدي، قبل العرس بعدة أيام وتبقى العروس في منزل الزوجية ولا تذهب إلى منزل عائلتها، إلا بعد مرور عام وإنجاب مولودها الأول».

رغبات الزبون
يشير صاحب أحد محلات تنظيم الأفراح والمناسبات سالم عبد المنعم، إلى أن أسعار تنظيم الأعراس تختلف باختلاف عائلة العروسين واحتياجاتهم، فهناك من يطلب من المكتب «كوشة» فخمة قد يصل سعرها إلى 90 ألف درهم، والبعض يرغب في «كوشة» صغيرة تناسب يوم الخطبة أو يوم الحناء، تصل تكلفتها إلى 10 آلاف درهم، فضلاً عن تجهيز بطاقات الدعوة التي تتراوح أسعارها بين 300 و1000 درهم للبطاقة الواحدة. أما عن تجهيز الطاولات ووضع الورود والمفارش وأغطية للكراسي، فتكون تكلفة الطاولة الواحدة حوالي 500 درهم.

ويضيف عبد المنعم: «هناك خدمات أخرى يقدمها المكتب، مثل أجهزة الصوت والتي تبلغ تكلفتها 2500 درهم، وتقديم خدمة التصوير للرجال والنساء وتبلغ تكلفتها 10000 درهم، بالإضافة إلى مقدمي القهوة وغيرها.