بني الكوميديان الإماراتي عبد الله علي من تجاربه الشخصية وحياته وسط ثقافات ومجتمعات متنوعة مادة تولد البسمة، بعد أن شده هذا العالم منذ أن كان في عمر الـ13 فقط. ورغم قراره بدراسة طب الأسنان، كمهنة، تبتعد كلياً عن مجال الكوميديا، إلا أنه ظل شغفاً رافقه وشاكسه في غربته، وأينما وجد فرصة ليقف على المسرح لم يدعها، ليفرغ جعبته المليئة بالمواقف والحياة.

• حدثنا عن بدايتك في مجال «ستاند آب كوميدي»؟
اكتشفت هذا الفن عام 2003، حينها كنت أرتاد أحد مقاهي الإنترنت، ووجدت فيديوهات مدرجة تحت عنوان كوميديا، اعتقدت حينها أنها مسلسلات أو أفلام حتى شاهدتها، وكانت عبارة عن فيديوهات لفنانين «ستاند آب كوميدي»، سحرني هذا الفن بشدة ووجدته غريباً وممتعاً، وفي عام 2009 جاء أحد الكوميديين العرب البارزين إلى الإمارات، لإقامة ورشة لتعليم فن الكوميديا، وكنت من ضمن المشاركين فيها، كنا مجموعة من 12 شخصاً، نكتب النكت باللغة الإنجليزية ونقف على المسرح لنقرأها، وفي النهاية ختمنا عملنا بعرض باهر.

عوائق
• من خلال تجربتك هل وجدت أي عوائق وصعوبات في ترسيخ اسمك بعالم «ستاند آب كوميدي»؟
نعم، ولكن كان ذلك بسبب حياتي التي كانت في مرحلة غير مستقرة، أي كنت كثير السفر والانتقال. في عام 2009 سافرت لنيوزيلندا لدراسة طب الأسنان، وظللت أتنقل لمدة 7 سنوات بين الإمارات ونيوزيلندا، هذا الأمر أثر في علاقتي مع هذا المجال، ومع ذلك استطعت تقديم العديد من العروض في الإمارات ونيوزيلندا.

• لكن لماذا ترى أن فنان «ستاند آب كوميدي» يحتاج إلى مكان ثابت لينجح ويتطور وهو فن حر لا يتقيد بحدود؟
صحيح أن الكوميديا لا تؤطر بحد معين، لكن الفنان يحتاج إلى الاستقرار في بدايته ليعرفه الناس أكثر، ويصبح مشهوراً في محيطه، على الأقل في مرحلة تكوين اسمه وشهرته.

مواضيع
• ما المواضيع التي تتناولها في عروضك؟
أتكلم عن حياتي الشخصية والمواقف التي تحدث معي، عن مواضيع اجتماعية مختلفة، أطرح مواضيع تخص مجتمعي ومجتمعات أخرى، كما أتناول في طرحي مواضيع مختلفة عن ثقافات مختلفة، فأنا عشت فترة طويلة في الغربة والإمارات هي حاضنة لأكثر من 150 جنسية، أحب هذا التنوع والاندماج في بيئة واحدة ترضي الجميع، وهذا ما يجعل أمامي مجالاً أوسع لأتكلم به، حيث أتعرف إلى جنسيات مختلفة، وأحاول إيجاد الروابط المشتركة أو الاختلافات، لأبني مادة فيها نكتة ممتعة ومزاح خفيف، من دون الإساءة إلى أحد بالطبع.

• ماذا يفتقد فن «ستاند آب كوميدي» في العالم العربي اليوم؟
يفتقد الوعي الكافي بمدى عمق هذا الفن وتشكيله، كفن كامل لا يقل عن أي فن آخر، وإلى قلة العروض التي تقدم باللغة العربية بشكل عام، رغم الجهود الحثيثة من قبل بعض الكوميديانات العرب في السنوات الأخيرة لتدعيمه وتنشيطه، ولكنني لا أرى أنه مبني على قاعدة ثابتة عند أغلبية البلدان العربية، مثلاً في أميركا هناك نوادٍ لفن «ستاند آب كوميدي» شهيرة، وهناك مدن تكون بمثابة قبلة لهذا النوع من الفن، فأنت كمستهلكة لهذا الفن تحتاجين إلى معرفة هذه الأماكن، وللحقيقة أغلب عروضي باللغة العربية تكون إما في مناسبة أو مهرجانات كبيرة.

• ألا تتعرض للانتقادات على بعض المواضيع التي تقدمها في عروضك؟
كل شخص سيرى الموضوع بحسب عدسته وفكره، هناك من الجمهور من يأتيني حقاً بعد العرض ليعاتبني على شيء قلته، وهذا نادراً ما يحصل على العموم، أقول إن مزاج الشخص الذي يسمع فنان «ستاند آب كوميدي» هو من يتحكم في مدى تقييمه للموضوع، إلى جانب أسلوب الفنان بالطبع. والكوميديا مثل الفن، هناك من تعجبه هذه اللوحة وهناك من لا تعجبه.

• يأخذ البعض على هذا الفن أنه يطرح القضايا والمواضيع من دون عمق حقيقي، يصل إلى حد تسطيح ما يتم تناوله؟
هذا يعتمد على الأسلوب أولاً، وإذا نظرت إلى التاريخ مثلاً، وبالتحديد إلى فترة الستينات في أميركا، سترين أن فناني الـ«ستاند آب كوميدي» لعبوا دوراً في الحياة الاجتماعية، إذ كان الكوميديان يقف على المسرح ويتناول قضايا حساسة مثل التمييز وقضايا أخرى عميقة، وأسهم هذا الفن ولو بجزء بسيط في تحريك الوعي عند البعض.

شغف
لا يخفي الفنان عبد الله علي تعلقه بمهنته كطبيب أسنان، لكنه ينحاز إلى الكوميديا أكثر، موضحاً: «أحب مهنة طب الأسنان كثيراً، ولكن إذا قارنتها بفن «ستاند آب كوميدي» سأختار الأخير، رغم أنه  لو طرح عليّ هذا السؤال قبل عدة سنوات، كنت سأقول 50% لكل منهما، ولكن الآن تغير الوضع، خاصة بعد أن بدأت ألمس نتائج شغفي بالكوميديا من ردود فعل الجمهور، وحلمي حالياً أن أفتتح نادياً خاصاً لهذا الفن في الإمارات، والسفر إلى أميركا لأكمل أكثر في هذا المجال».